تحتضن الجزائر في الفترة الممتدة من 18 إلى 28 ديسمبر القادم الطبعة الأولى للمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية الذي تشارك فيه عديد الدول العربية والأوروبية من بينها المغرب، تونس، مصر، سورية، فرنسا، اليونان والبرتغال. هذا المهرجان الدولي هو أحد المهرجانات ال 28 التي رسمتها وزيرة الثقافة مؤخرا، وينتظر أن تجري وقائعه بقاعة ابن زيدون بمركب رياض الفتح. وقد صرّحت مصادر من وزارة الثقافة أنه تم تعيين السيد رشيد قرباس محافظا لهذا المهرجان. ويرى بعض الباحثين الغربيين ومعهم بعض المغاربيين أن الموسيقى الأندلسية تراث مشترك للعديد من الدول المتوسطية، يعود أصلها إلى الأندلس كمادة فنية خام، انتقلت إلى المنطقة المغاربية والعربية بعد سقوط آخر الإمارات الأندلسية (غرناطة) سنة 1492م، حيث هاجر أغلب الأندلسيين من مختلف الانتماءات الدينية، وخاصة من المسلمين واليهود، ليحطّوا رحالهم في أكثر من منطقة مغاربية وعربية. وبينما يُرجع عديد الباحثين أصل الموسيقى الأندلسية إلى الفنان الفارسي الأصل الذي يُعرف تاريخيا باسم زرياب، يرفض الآخرون الاعتراف بهذا المصدر ويُرجعون أصل هذه الموسيقى إلى مصادر أندلسية، أي أمازيغية، عربية، إسبانية من الناحية العرقية، وإسلامية، يهودية، مسيحية من الناحية الدينية. ومن هنا يصرّ هذا الطرف على "ضرورة الاعتراف بالدور الأوروبي واليهودي على وجه الخصوص في الإبداع الفني الأندلسي". ويظهر أن إشراك الطرف الأوروبي في هذا المهرجان، ينطلق من هذه الرؤية ذات التنظير القوي وراء الضفة الشمالية للبحر المتوسط. وينبعي الاعتراف في هذا الصدد، أن ازدهار الفن الأندلسي في الجزائر، يرجع الفضل فيه لعديد الأسماء ذات الانتماء الديني اليهودي ممن يُعرفون بيهود الجزائر، أمثال إدموند يافيل، والشيخ ريمون وغيرهما. وتزخر الجزائر بثلاث مدارس كبرى للفن الموسيقي الأندلسي، تعرف الأولى باسم "الصنعة" وتتمركز في العاصمة ومنطقة الوسط وتتبعها بعض المناطق مثل بجاية، وتعرف الثانية باسم "الغرناطية" وتتمركز في تلمسان، أما الثالثة فهي مدرسة "المالوف" المتمركزة بقسنطينة وتعتبر الأكثر ثراء، وهي التي تتجذّر فيها المدرسة الفنية الصوفية العيساوية. وينبغي أن نشير في هذا السياق إلى أن انتقال الفن الأندلسي إلى ليبيا، كما يقول الباحثون الليبيون أنفسهم، كان بفضل الطريقة العيساوية التي ما تزال تسهر على نقل وتعليم هذا التراث الثقافي الذي لا يقدّر بثمن. وعندما نقارن بين الطبوع الأندلسية المشرقية والمغاربية، نلاحظ بعض الاختلافات في الإيقاعات والألحان، حيث أننا كلما اتجهنا نحو الشرق كلما مالت الطبوع نحو المقامات الشرقية. ومع ذلك لا يختلف الباحثون أن أصل الطبوع الموسيقية العربية سواء في المشرق أو المغرب يرجع إلى الثقافة الفارسية. ولا يريد هؤلاء دليلا على ذلك سوى أسماء الطبوع والمقامات التي ترتبط كلها باللغة الفارسية، مثل الجاركاه (الجاركة)، والسيكاه (السيكة أو الصيكة)، والراست (الرصد) وغيرها. سعيد جاب الخير