أسدل الستار مساء أول أمس بقاعة ابن زيدون بمركب رياض الفتح، على فعاليات الطبعة الرابعة للمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والأنواع الموسيقية العتيقة، وذلك بعد تسع ليال من الفن الأصيل، أبحر من خلالها عشاق هذه النوع الفني في كل روافد الموسيقى العتيقة بمقطوعات منوعة أبدعت في أدائها فرق موسيقية جاءت من دول عربية وأجنبية... وقد انطلقت السهرة الختامية التي حضرتها وزيرة الثقافة، خليدة تومي، وجمع غفير من عشاق هذا النوع الموسيقي، بالاستماع إلى المتنافسين الخمسة في مسابقة العزف على آلة الموندولين التي نظمتها الطبعة تحت إشراف عازف الربابة الأفغاني المعروف، خالد أرمان، كرئيس للجنة التحكيم، التي ضمت أيضا الباحث الإيراني حسن طبر. وكان أول متنافس يصعد إلى المنصة، العازف الشاب علاء الدين بن سفير، الذي قدم العديد من المقطوعات، تلاه العازف أيت قاسي أنيس من الجمعية الموسيقية الجزيرة، الذي قدم مقطوعات اختارها من الموسيقى الشعبية الجزائرية ومقاطع من موسيقى الفلامينكو. المتنافس الثالث، كان مسعد رزق الله، الذي شارك بمقطوعات من إبداعه الخاص، أعقبه المتنافس سعيد كرماس الذي ينتمي إلى جمعية العمراوية بمدينة تيزي وزو. أما خامس وآخر متنافس، فكان الفنان وليد سيود من تونس الذي قدم استخبار المايا. نتائج المسابقة لم تسفر إلا على جائزة ثالثة، منحت لكل من الفنان علاء الدين بن سفير وسعيد خالد من المعهد العالي للموسيقى، في حين حجبت الجائزتان الأولى والثانية. وفي هذا السياق، أوضح محافظ المهرجان، رشيد قرباس، أن أداء المشاركين كان ضعيفا جدا وأغلبهم كان يعاني مشاكل في التعامل مع الآلة، رغم امتلاك الموهبة، لذلك آثر هو شخصيا والفنان خالد أرمان، حجب الجوائز وفضلا تقديم جائزة تشجيعية لكل من الشابين المذكورين، على أن يتم توليهما من طرف مختصين عالميين لتحسين أدائهما في المستقبل. قرباس أوضح في هذا السياق دائما، أنه حرص رفقة خالد أرمان على الاتصال بمختصين عالميين، لتولي هؤلاء الشباب والإشراف على تكوينهم لأنهم يملكون الموهبة والقدرة على العطاء. محافظ المهرجان توقف أيضا عند أهداف التظاهرة التي وصلت إلى دورتها الرابعة، مؤكدا أن فلسفة التظاهرة تقوم على مد الجسور الطبيعية بين أنواع الموسيقى العتيقة حول البحر الأبيض المتوسط، وإحداث الاحتكاك بين الفنانين الجزائريين والعالميين للتعريف بالموسيقى الأندلسية الجزائرية. مذكرا في ذات السياق، أن ظهور هذا المهرجان جاء بعد تولي الوزارة الوصية إنشاء مختلف الأجواق الموسيقية الممثلة لمختلف المدارس الموسيقية الأندلسية المعروفة في الجزائر، وهي: الصنعة بالعاصمة، المالوف بقسنطينة والغرناطية بتلمسان، ثم إنشاء الجوق الوطني للموسيقى الأندلسية الذي يجمع بين المدارس الثلاث أو الطبوع الموسيقية الثلاثة، كما يفضل قرباس تسميتها. المتحدث توقف أيضا عند الدور الأساسي الذي أنشأ من أجله الجوق الوطني الذي يجلس على رأسه، والذي حصره في المحافظة على هذا النوع الموسيقي وعلى التراث الأصيل من الأيادي العابثة أولا، ثم الاجتهاد في استحداث وإبداع نوبات جديدة تسمح لهذا النوع الفني بالاستمرار والبقاء. كما طالب المسؤول الأولى عن المهرجان وزيرة الثقافة التي حضرت السهرة لآخرها، بتخصيص فضاء آخر لاحتضان التظاهرة، بعد أن ضاقت قاعة ابن زيدون برياض الفتح بجمهورها. مشيرا إلى أن هذه القاعة الضيقة لم تعد قادرة على استيعاب الجمهور الوافد للاستماع والاستمتاع بالموسيقى الأصيلة، هذا بالإضافة إلى النقص الذي تعانيه على مستوى تقنيات الصوت. سهرت الاختتام عرفت أيضا تألق الجوق الوطني للموسيقى الأندلسية، الذي جمع عازفين وفنانين من المدارس الثلاث، الذين اشتركوا في تقديم مقاطع موسيقية جمعت بين الطبوع الموسيقية الخاصة بكل مدرسة، ليستمتع الجمهور بالدرج، المصدر، البطايحي والتوشية... كما عزفت الفرقة مقاطع موسيقية جديدة تم الجمع فيها بين الطبوع الأندلسية الثلاثة الخاصة بكل مدرسة. يذكر أن الطبعة الرابعة للمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية، التي نظمت في الفترة الممتدة بين 21 إلى 30 ديسمبر الفارط، عرفت مشاركة 11 فرقة أجنبية قادمة من إيران، أفغانستان، تركيا، إسبانيا، اليابان، فرنسا، النمسا، المغرب، تونس وليبيا. كما كرم المهرجان في دورته المنقضية، شيخ الموسيقى الأندلسية، الفنان الليبي المرحوم، حسن لعريبي، الذي شارك في الدورة 2008.