تقوم لجنة أمنية رفيعة المستوى، منذ أسابيع، بمعاينة ميدانية للإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها مؤخرا على خلفية الاعتداءات الانتحارية التي هزت بعض ولايات الوسط، حيث توصلت التحقيقات الأمنية في العملية الانتحارية التي استهدفت مقر الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية بالثنية، شرق العاصمة، إلى أن يقظة الشرطي الذي كان في الخارج جنبت المنطقة مجزرة، بعد منعه من الدخول إلى مقر الفرقة كما كان مخططا لها بعد استغلال ثغرة وجود ممر جبلي لتسلل السيارة المفخخة، كما أن فعالية المخطط الأمني أفشل تنفيذ بعض العمليات الانتحارية التي كان مخططا لها بالعاصمة استنادا إلى شهادات إرهابيين موقوفين وتائبين حديثا. تنقل موفدون أمنيون إلى بعض ولايات الوسط، حسب المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي"، لمعاينة التدابير الأمنية ميدانيا قصد مواجهة اعتداءات إرهابية محتملة، خاصة العمليات الانتحارية التي أصبحت تعتمدها قيادة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وبرأي متتبعين للشأن الأمني فإن السلطات تكون قد تنبهت إلى أن طريقة توزيع الحواجز الأمنية عبر الطرقات ومداخل المدن قد تشيع شعورا سلبيا باللا أمن، مما أدى إلى مراجعة الخريطة الأمنية وتعديلها لتحقيق هدفين، أهمها فرض الرقابة على التحركات الإرهابية المشبوهة، مع الحفاظ من جهة أخرى على مظهر المدينة أو المنطقة بشكل لا يشعر باللا أمن. وكان الرئيس عبد العزيز السباق لإثارة هذه القضية، حيث نقل عنه استياءه للإجراءات الأمنية المشددة، خاصة على مستوى مقر رئاسة الجمهورية، بعد غلق المسلك وحركة المرور، وانتقدها الرئيس "لأنها تثير مخاوف المواطنين"، خاصة وأنها الأولى من نوعها ولم تشهدها العاصمة حتى في السنوات التي شهدت تصعيدا إرهابيا في عهد التكالب الارهابي ونشاط "الجيا" تحت إمرة عنتر زوابري. وتندرج هذه الترتيبات بحسب مراقبين، أيضا، في سياق تعديل المخطط الأمني "في إطار إجراءات وقائية" لإحباط أية محاولات تنفيذ اعتداءات إرهابية، ويشير مصدر أمني ل "الشروق اليومي"، بهذا الصدد، إلى أن المخطط الأمني المعتمد بالعاصمة كان فعالا واستند إلى تمركز العمليات الانتحارية في المعاقل الرئيسية لتنظيم درودكال بولايتي بومرداس وتيزي وزو، بعد عجزه عن خرق الطوق الأمني بالعاصمة، طبقا إلى اعترافات أفراد الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها من طرف مصالح مكافحة الإرهاب، حيث تم تنفيذ العملية الانتحارية التي استهدفت مقر الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية بالثنية، "تم في آخر لحظة"، استنادا إلى اعترافات أحد عناصر شبكة الدعم والإسناد الموقوف بعد تسجيل إمكانية إدخال السيارة المفخخة من ممر ضيق، لكن الانتحاري فشل في الوصول إلى غاية مقر الفرقة بفضل تدخل شرطي مداوم. وتحفظ مصدر أمني مسؤول سألته "الشروق اليومي" عن خلفية معاينة المخطط الراهن، واكتفى بأنها إجراءات عادية تندرج في إطار مهام مصالح الأمن والرقابة، لكن مراقبين لا يستبعدون إدراجها ضمن الإجراءات الاحتياطية لتدارك الثغرات التي قد يستغلها الإرهابيون لتنفيذ عمليات انتحارية لفك الحصار المفروض على معاقلهم وأمرائهم، خاصة وأن قيادة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، كانت قد جندت عناصر ينشطون في إطار شبكات الدعم لتصوير المواقع المستهدفة عبر كاميرات الهواتف النقالة لتحديد الثغرات، وعليه تكون أجهزة الأمن قد قررت إجراء تعديلات متكررة ومستمرة على المخطط الأمني لسد كل الثغرات وإحباط المخططات الإجرامية لتنظيم "القاعدة".