بانقضاء هذا اليوم تكون قد مرت السنة الثانية على رحيل الدكتور الصديق تاوتي؛ مناسبة أرادها رفقاء وأهل المرحوم محطة وفرصة لتخليد ذكراه وإعطائها البعد الدراسي والإعلامي الذي تستحقه من منبر جامعة عمار ثليجي بمدينة الأغواط الذي سيشهد يوما دراسيا للكشف عن مسيرة الرجل الرمز؛ رجل الجهاد وحامل لواء الثقافة والعلوم. الصديق تاوتي من مواليد 1924 واصل تعليمه بحي الدلاعة بالاغواط انطلاقا من بلوغه سن التمدرس إلى غاية العام 1938 . حيث التحق فيه بالمدرسة الاستعمارية للصناعة بدلس أين نال شهادة الترقية سنة 1940 بالموازاة مع مواصلته نضاله في صفوف فرع شبيبة المؤتمر، الحركة التي تشكلت في كل أنحاء البلاد إثر إنشاء مؤتمر المنتخبين (1936 / 1937) وإن لم يحز التنظيم الشبابي النجاح المرتجى فهو لم ينل أيضا من عزيمة المعني، بل دفعه للمضي قدما من خلال أنشطة نافعة أخرى بدعم وتشجيع من الأستاذ الحاج عيسى أبوبكر رئيس نادي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين آنذاك، إلى جانب أقرانه أمثال ميموني هدروق والجلفاوي عبد القادر واحمد بن عبد الرحمن الذين اضطلعوا حينذاك بمهمة إنشاء أول فرع للكشافة الإسلامية بالأغواط. وانتماء الصديق إلى الكشافة مهّد له الطريق للنشاط في الحركة الوطنية، وبعد الاستقلال عيّن إطارا بوزارة التوجيه الوطني وفي سنة 1965 كلف برئاسة إدارة الأمانة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني إلى غاية 1968، التاريخ الذي عيّن فيه على راس المحكمة الخاصة لقمع الجرائم الاقتصادية حتى سنة 1973، ليتولى بعدها عدة وظائف بدءاً بمدير للإدارة العامة ومدير للتكوين الفلاحي، كما شغل منصب مدير للإدارة العامة بوزارة المالية في عهد الراحل هواري بومدين. وفي العام 1973 سجل في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا بباريس لنيل شهادة العلوم الاجتماعية وبعدها عيّن مديرا تنفيذيا للبنك الإسلامي للتنمية في جدة بالمملكة العربية السعودية وكان من بين أعضائها المؤسسين البارزين ممثلا للدولة الجزائرية. وبعد جهد مضني أحيل الصديق تاوتي سنة 1981 على التقاعد ومنذ عودته إلى موطنه الجزائر سنة 1987 وهو يكرس كل جهوده في البحث والكتابة حتى تمكن من تأليف 19 كتابا حسب نجله الأستاذ مصطفى التاوتي، الذي يشرف في الوقت الحالي على إدارة الخطوط الجوية الجزائريةبالأغواط. ومن بين الكتب التي ألفها "دليل المكوّن" و"مذكرة لرؤساء المكاتب بمناجم الفوسفات" و"الجرائم الاقتصادية" من جزءين و"نحو نظام مصرفي مطابق للشريعة"، إضافة إلى كتاب "تكوين الإطارات من أجل التنمية" و"المنفيون الجزائريون بكاليدونيا الجديدة" و"المسلمون في جنوب شرق آسيا"، كما كتب مطلع الألفية الثالثة "هوية ذاكرة منفية" وفي العام 2003 قبل وفاته بعامين خط آخر كتاب له بعنوان "شهادة المسؤول السابق لموكب الشرف للوالي العام بالجزائر"، وسيتم خلال اليوم الدراسي الذي ستحتضنه جامعة عمار ثليجي عرض فيلم "شهود الذاكرة" للمخرج سعيد عولمي وفتيحة بلحاج الحائز على النخلة الذهبية مؤخرا بالقاهرة، والذي يتكلم عن أحفاد المقراني الذين نفتهم فرنسا العام 1864 إلى كاليدونيا الجديدة، هاته الأخيرة شيّد بها مسجدا يسمّى الآن باسمه. ومن خلال رحلاته التي قادته إلى حوالي 200 دولة أجنبية اهتم بالأقليات الإسلامية في العالم، ولكثرة رحلاته وتنقلاته أصبح يدعى بين شعوب الدول الأجنبية بكريستوف كولومبس وبين العرب بابن بطوطة. الشريف داودي