يُجمع الكثير من المراقبين والمتتبّعين لأنواع الجرائم التي تحدث من حين إلى آخر بالمسيلة، على أن ظاهرة سرقة وتزوير السيارات تحولت في الأشهر الأخيرة إلى هاجس الجميع، مسؤولين ومواطنين، على اعتبار أن ضحاياها من الطرفين، الأمر الذي اعتبر بأنه عامل يدعم تصاعد مخاوف أصحاب السيارات ومختلف المركبات. سيارات استُرجعت وأخرى لا تزال مفقودة وفي السياق نفسه، تشير التقارير والأرقام الصادرة عن مصالح الدرك الوطني والشرطة بالمسيلة إلى أن هذه الظاهرة التي بدت من خلال الحالات والعيّنات المعلن عليها في تزايد واضح حتى وإن تم التأكيد من قبل ذات المصالح بأن أغلب الحالات تم تطويقها واسترجاع السيارات المسروقة لأصحابها، ويمكن الإشارة هنا إلى حالتين سجلتا منذ أكثر من شهرين، الأولى كان ضحيتها صاحب سيارة نفعية من نوع »مازدا« ترقيم ولاية بجاية الذي استُدرج إلى محيط بلدية أولاد منصور على بعد أكثر من 1.2 كلم عن عاصمة الولاية، حيث رُمي من سيارته من قبل مديري عملية السرقة، وحسب المعلومات التي وصلتنا، فقد عُثر على الضحية مقيدا بالأسلاك، وهو على قيد الحياة وشاء القدر أن يصل إلى مصالح الدرك بالمسيلة ويبلّغهم بالحادثة، وتمت التحركات في كل الاتجاهات، وأُلقي القبض على الفاعلين قرب فندق القائد ببوسعادة وأعيدت السيارة إلى صاحبها الذي لم يصدّق أنها عادت إليه. هذه العملية مكّنت نفس المصالح من وضع اليد على سيارة سياحية »505« مسروقة من المشرية بالغرب الجزائري بأوراق مزورة تمت إعادتها إلى صاحبها بعد أن قطع الأمل في استرجاعها، أما آخر الحالات التي وصلت إلى مكتب "الشروق اليومي" فسُجّلت يوم 17 / 11 / 2006، والضحية هذه المرة مواطن اتضح أنه أوقف سيارته النفعية من نوع 404 أمام أحد مساجد مدينة المسيلة لأداء صلاة الجمعة، لكن بمجرد خروجه من المسجد تفاجأ بعدم وجودها، وما هي إلا لحظات حتى تبيّن بأنها سُرقت فسقط المسكين من هول الفاجعة وحُمل إلى المستشفى، حيث أعطيت له حقنة خاصة لأنه مريض بداء السكري، على حد ما علمناه من شهود عيان. يذكر أن السيارة لا تزال تحمل ترقيم ولاية البرج 34 ويعود أول استعمال لها إلى سنة 1975. وضمن الحصيلة الخاصة بشهر أكتوبر 2006 التي أعلنت عنها مصالح الدرك الوطني بالمسيلة، تم تسجيل 8 حالات لتزوير وسرقة السيارات، ولحسن حظ أصحابها أن جميع الحالات المذكورة، أُلقي عليها القبض وحوصرت وتمت معالجتها بالطرق القانونية المعروفة، ويشار هنا إلى أن من بين ما ذُكر توجد سيارة من نوع -كليو- سُرقت من منزل ببلدية مڤرة على بعد أكثر من 55 كلم إلى الشرق من عاصمة الولاية. وعن سؤال يتعلّق بأنواع التزوير المسجّلة، تلقينا جوابا من المكلف بالإعلام على مستوى ذات المصالح وهو يشمل هياكل المركبات والوثائق معا، أما عن المحاور الرئيسية التي ضبطت بها الحالات الثماني، فالأمر يتعلق بالمثلث: سيدي عيسى، المسيلة ومڤرة. لصوص يستعملون الغازات المسيلة للدموع وتبقى المحاور الرئيسية، كالطريق المتجه من الغرب إلى الشرق، أحد أبرز معابر تهريب السيارات المسروقة والمزورة في الهياكل أو الوثائق. يذكر هنا أن قضايا عديدة أحيلت على القضاء للنظر فيها بتهمة السرقة والتزوير لكن تصريحات ضحايا هذه الآفة صبّت في مجملها على العمليات التي أصبحت بمثابة الملاذ الآمن لمحترفي سرقة السيارات، والمتمثلة في اللجوء إلى تفكيك السيارة المسروقة إلى قطع غيار إذا اقتضت الظروف. وحسب المتحدثين، فإن هذه الطريقة هي المخيفة، لأن المصالح المكلفة بالبحث والتفتيش يصعب عليها الوصول إلى سيارة سُرقت وفُكّكت، وهذه هي االصعوبة التي تنطوي عليه هذه الظاهرة التي سجلت في سنة 2005 تزايدا مقارنة بسنة 2004، ومن المنتظر أن تكون السنة الجارية 2006 في مستويات أعلى، وجراء ذلك طالب الكثير ممن سألنا من مسؤولين ومواطنين، بضرورة تطوير مواقف السيارات وذلك بإدخال أساليب ووسائل استغلال عصرية تأخذ في الحسبان الظاهرة المذكورة، أما بخصوص نوعية السيارات والمركبات التي طالتها عمليات السرقة، فهي من مختلف الأنواع بما في ذلك الشاحنات، حيث سجّلت المسيلة في هذا الجانب أكثر من حالة خلال الثلاثة أشهر الماضية، ومن حسن حظ أصحابها أن الأجهزة المعنية تمكّنت من استرجاعها بعد مسار طويل من البحث والتفتيش، لكن تبقى السيارات من نوع بيجو ورونو، أكثر الأكلات شهية لدى محترفي هذا النوع من السرقة. وقد أشير لنا ونحن نعد في هذا التحقيق إلى أن ظاهرة سرقة رقم 6 من سيارات (206، 306، 406) شكلت ولا تزال ظاهرة بارزة بخصوص هذا النوع في المسيلة، حيث ما من سيارة إلا وتعرّضت للسرقة. الأيادي المتخصصة في سرقة المركبات فضّلت القفز على كل الأرقام لتستولي على (406). وعن المساوئ التي عادة ما تستخدم في ذلك، أشير إلى المفاتيح العادية والآلات الحادة بل هناك من يعتمد على القوة، وقد علمنا في هذا السياق أن صاحب سيارة من نوع »رونو - ميڤان« استعملت ضده قارورة غاز مسيلة للدموع، كما تعرّض للضرب وأخذت منه بالقوة ليلا ولم تظهر حتى اليوم بعد مرور ما يقارب 50 يوما. شساعة المساحة وشبكة الطرقات وأسباب أخرى وضمن تحقيقنا، حاولنا معرفة الأسباب التي تجعل المسيلة على هذه الدرجة من ظاهرة ضبط السيارات المسروقة أو ذات الهياكل والوثائق المزورة، حيث تلقينا جوابا من المكلف بالإعلام على مستوى مصالح الدرك بولاية، بأن موقع الولاية الجغرافي بين 7 ولايات (المدية، البويرة، الجلفة، بسكرة، باتنة، سطيف، البرج) جعلها حلقة وصل ومنطقة عبور ضرورية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب والعكس، إضافة إلى تربّعها على مساحة شاسعة تقدّر بحوالي 18 ألف كلم2، مما جعلها تضم شبكة طرق وطنية تقدر ب 9 طرق و15 طريقا ولائيا، وهذه الشبكة تشهد يوميا حركة مرور كثيفة وهي في تزايد مستمر، الأمر الذي يجعل ولاية المسيلة من المناطق الحساسة في مثل هذه المظاهر المتمثلة في السرقات وعمليات التهريب التي كثيرا ما كشفت وضبطت عبر جغرافية ولاية المسيلة. الطيب بوداود