يقرّ الكبير والصغير من سكان ولاية تيزي وزو أن حال "بلاد القبائل" يتجه من الحسن إلى الأحسن على جميع الأصعدة، ويعود الفضل الرئيسي في ذلك إلى عودة الأمن والطمأنينة بعد عودة فرق الدرك الوطني للمنطقة والانتشار بعدد من البلديات، وهي العودة التي جاءت بطلب ملحّ من طرف السكان على لسان الأعيان وشيوخ المداشر والقرى الذين باتوا يناشدون السلطات العمومية والمحلية عبر اجتماعاتها على ضرورة عودة الانتشار السريع لفرق الدرك الوطني عبر كامل إقليم الولاية، خاصة بعد إهمال فلاحي المنطقة لأراضيهم ما انعكس سلبا على إنتاج الزيتون والكرز الذي تشتهر به المنطقة، وحسب المعطيات الأمنية الأخيرة بالولاية، فقد سجل انخفاض محسوس في منحى الجرائم الذي ارتفع السنوات الفارطة، كما تمكنت فرق الدرك الوطني من وضع حد لشبكات سرقة السيارات وانتشار محلات بيع الكحول عبر إقليم الولاية وهو ما بعث الطمأنينة في نفوس السكان الذين يطالبون بتسريع عمليات انتشار فرق الدرك الوطني عبر كامل تراب الولاية. العودة التدريجية لفرق الدرك الوطني استحسنها سكان المنطقة فقد قال لنا "الحاج صالح" الذي التقيناه بإحدى المقاهي الكبرى وسط عاصمة الولاية وهو من سكان بلدية فريحة: "لقد تحولت الولاية بعد أحداث 2001 إلى وكر للفساد وعصابات الإجرام التي استغلت الموقف لتوسيع عمليات السرقة والنهب الذي طال الكبار والصغار، وبلغ الأمر إلى حد سرقة كل سيارة تركن بشوارع الولاية، وأمام تصاعد وضع الإجرام قرر أعيان الولاية جمع التوقيعات لمطالبة الحكومة بعودة رجال البذلة الخضراء"، مشيرا إلى أن الوضع تحسن بشكل كبير منذ عودة أول فرقة للدرك منتصف 2006 حيث بدأ السكان يشعرون بالأمان بعد تفكيك عصابات الإجرام. من جهته أشار احد شباب الولاية انه تم جمع أكثر من 90 ألف توقيع عبر قرى ومداشر الولاية مع نهاية 2005 تدعوا والي الولاية إلى مطالبة الجهات العليا بعودة فرق الدرك الوطني للمنطقة، علما أن أحداث 2001 لم تمنع شباب المنطقة من الانخراط في صفوف الدرك الوطني، خاصة أصحاب الشهادات العليا الذين وجدوا في هذه الهيئة النظامية مستقبلهم سواء بخصوص مواصلة مشوارهم الدراسي أو التدرج في مناصب هامة، ويقول محدثنا "كنت من بين الشباب الأوائل الذين قدموا ملفات الانخراط في صفوف الدرك الوطني، لكن عدم حصولي على المستوى الدراسي المطلوب حال دون تحقيق حلمي وأتمنى أن يكون لابني فرصة أحسن منى". المواطنون يتمسّكون بعودة انتشار الدرك "اقتنع سكان منطقة القبائل الكبرى بأن منطق محاربة كل ما له رمز للدولة كان خاطئا بدليل أن أرواحهم وممتلكاتهم أصبحت عرضة للخطر والنهب جراء غياب من يحميهم" هكذا رد علينا قائد فرقة الدرك الوطني لبلدية ذراع بن خدة الذي أكد لنا عودة الثقة بين السكان وفرق الدرك التي تنشط حاليا بنسبة 80 بالمائة عبر مختلف البلديات، حيث أصبح تواجد أعوان الدرك عبر شوارع البلدية والمناطق المجاورة من الأمور المطلوبة بشدة من طرف السكان والمنتخبين بشكل عام والدليل على ذلك قبول السكان بما تفرزه التحقيقات في جل القضايا المعالجة بدون تعصب، حيث يأتي الشاكي والمشتكي منه إلى مقر فرقة الدرك الوطني لحل القضايا العالقة بعد أن كان السكان سابقا يفضلون التعامل بخشونة وحل قضاياهم ب"قانون الشارع "، ويتذكر المتحدث احدى الحالات كإحالة أحد السكان على العدالة بتهمة برأته منها المحكمة فما كان على المتهم إلا دعوة النقيب على فنجان شاي في اليوم الموالي، وهي الدعوة التي قبلها المتحدث بصدر رحب ويؤكد درجة الوعي التي بلغها سكان الولاية الذين أصبحوا ينتقلون بمحض إرادتهم للكشف عن جرائم أو الإدلاء بشهاداتهم في مختلف القضايا التي تعالجها المصالح المذكورة. ونظرا للأوضاع الأمنية التي مرت بها الولاية في الفترة الأخيرة بعد انحصار فلول الإرهاب بالجبال واستغلالهم للمناطق الصعبة في نشر الرعب وسط السكان رفع رؤساء البلديات والمنتخبون مطالب استعجالية لنشر فرق الدرك الوطني عبر كل البلديات مع مضاعفة عدد نقاط المراقبة لمواصلة مكافحة جميع أشكال الإجرام المنظم والوقوف بالمرصاد في وجه الإرهابيين، وفي هذا الشأن صرح لنا احد أعضاء أعيان قرية آيت حلاق بالولاية عن رأيه في عودة الدرك للقرية "أليس من حق سكان المنطقة الاستفادة كغيرهم من الأمن والاستقرار، ليست لدينا أي حساسية تجاه هؤلاء الرجال والكثير من شباب المنطقة مجندون في صفوف الشرطة والجيش، وبفضل أصحاب البذلة الخضراء عادت الطمأنينة إلى نفوسنا، فهم سلاحنا للوقوف في وجه الإرهاب الذي عاد للمنطقة من جديد" يقول محدثنا، مؤكدا أن غياب أعوان الدرك الوطني السنوات الفارطة ساهم بشكل كبير في تنامي مختلف أشكال الجريمة المنظمة وهي التي استند عليها باقي فلول الإرهاب للعودة لتوسيع نشاطهم بالمنطقة لكن عودة الدرك والتنسيق مع السكان سيكون جدار صد لهم. من جهتهم استحسن سكان منطقة القبائل الكبرى عودة فرق الدرك الوطني لاسيما بعد أن لمسوا الفرق بين ما كانت عليه الأمور وكيف أصبحت بعد ذلك، وكل ذلك بفضل عزيمة الدرك في إعادة الثقة بينهم وبين مواطنيهم من خلال تكثيف جهودهم ونشاطاتهم والنتائج الإيجابية المحققة في الميدان، علما أن قيادة الدرك الوطني خلال مراحل عودة الانتشار ركزت على ضرورة إرسال دركيين يتقنون الحديث بالامازيغية لتسهيل الاتصال بالسكان، كما أن الدور الإنساني الذي تقوم به مختلف الفرق الإقليمية ساهم بدرجة كبيرة في عودة الثقة من خلال ترك الأبواب مفتوحة لاستقبال المواطنين في أي وقت وتوفير عدة خدمات للسهر على حماية أرواحهم وممتلكاتهم. الدرك يعيد الأمن والاستقرار إلى المنطقة العودة التدريجية لوحدات الدرك بولاية تيزي وزو كانت وراء فتح 20 فرقة إقليمية في أهم المناطق، لا سيما تلك التي ألّح المواطنون على ضرورة العودة بها، وفي هذا الصدد أكد قائد مجموعة الدرك الوطني لولاية تيزي وزو العقيد بن عزوز انه يتم حاليا انجاز 25 مقرا جديدا لفرق الدرك الوطني عبر عدد من البلديات والمناطق البعيدة للتقرب من المواطن والتكفل بانشغالاته، علما أن الولاية تضم 1400 قرية بالإضافة إلى عدد من التجمعات السكنية الجديدة في سفوح الجبال، ويشير محدثنا انه في كل اجتماع للسلطات المحلية يتقرب منه رؤساء بلديات لمطالبته بإرسال فرق قارة للدرك الوطني إلى مقاطعتهم بسبب ارتفاع حالات الإجرام وانتهاك حريات الآخرين. ويضيف العقيد بن عزوز أن العودة تمت بطلب من أعيان القرى وأئمة المساجد والمسؤولين المحليين الذين تقربوا منذ فتح مقر المجموعة الولائية لدعوتنا للتدخل العاجل عبر عدد من البلديات لوضع حد للانتهاكات التي كانت تحدث، منها عملية تسويق الكحول التي كانت تتم في ضوء النهار عبر أكشاك مفتوحة هنا وهناك وحتى قرب المؤسسات التربوية وأخرى أمام مقر البلديات، وهي المخالفات التي لم يتمكن الولاة المنتدبون من حلها لأسباب عديدة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الحانات غير الشرعية، الأمر الذي جعل الولاية تشتهر بمقولة "بين كل حانة وأخرى تجد حانة " وهي الظاهرة التي أدت إلى ارتفاع حالات الإجرام بمنحى تصاعدي، ولأن الزائر لوسط مدينة تيزي وزو لا يصادفه أصحاب البذلة الخضراء أكد العقيد ل "المساء" أن نشاط أعوان الدرك ينحصر في المدينة على فصيلة الأبحاث التي تنشط بالزي المدني مهمتهم الرئيسية التقرب من المواطن وجمع المعلومات والتنسيق مع باقي الأجهزة الأمنية في معالجة القضايا، في حين تقوم فرق الدرك الوطني عبر باقي البلديات بنشاطاتها العادية سواء تعلق الأمر بالأمن المروري أو الشرطة القضائية حيث تم تنصيب 30 نقطة مراقبة قارة عند مداخل العديد من البلديات. انخفاض محسوس في الجنايات مع عودة الدرك وبخصوص نشاط مصالح الدرك أشار العقيد إلى أنها تتم وفق مخطط امني يقضي بتوسيع مهام بعض الفرق الإقليمية لأكثر من بلدية بغرض مس كل التجمعات السكنية في انتظار بناء مقرات جديدة ونشر فرق إقليمية على باقي تراب الولاية خلال الأشهر القليلة القادمة، مؤكدا أن حصيلة نشاط المصالح خلال هذه السنة سجلت انخفاضا محسوسا في الجنايات والجنح المعالجة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الفارطة بعد معاينة 127 جناية و1213 جنحة و444 مخالفة مقابل 255 جناية و2075 جنحة سنة 2008، وتشير المعطيات إلى انه تم إيقاف 185 متهما هذه السنة أودع الحبس الاحتياطي منهم 84 متهما وأفرج عن 101 آخرين مقابل توقيف 217 السنة الفارطة اودع منهم 212 الحبس الاحتياطي وأفرج عن 97 آخرين. واحتلت جرائم الاعتداء الجسدية ضد الأشخاص صدارة الجرائم المعالجة بالولاية ب 51 قضية خصت تهم الضرب والجرح العمدي بالسلاح الأبيض أوقف خلالها 85 شخصا اودع 32 منهم الحبس الاحتياطي وأفرج عن 53 ، كما عالجت المصالح السنة الفارطة 78 قضية مع توقيف 93 شخصا، ويقول العقيد في هذا الشأن أن غياب الأمن والاستقرار السنوات الفارطة أدى إلى انتشار ظاهرة الاعتداءات بالضرب والثأر وسط قرى ومداشر الولاية، وهو الأمر الذي تحاول فرق الدرك الوطني تداركه من خلال كسب ثقة المواطن وحثه للعودة إلى القانون في مجال القصاص، أما قضايا الاعتداء على الممتلكات فقد سجلت وحدات المجموعة الولائية معالجة 26 قضية مقابل 57 السنة الفارطة اودع من خلالها 25 متهما الحبس الاحتياطي واستفاد 17 من الإفراج، وعن جنايات الجنح ضد الأسر والآداب العامة فقد تم معالجة 07 قضايا وتوقيف 18 شخصا اودع تسعة منهم الحبس الاحتياطي وذلك مقابل 15 قضية السنة الفارطة. وفي مجال مكافحة الإجرام المنظم فقد سجل هذه السنة ثلاث حالات لحيازة واستهلاك المخدرات تم من خلالها حجز 201,10 غرام من الكيف المعالج وتوقيف 06 أشخاص، أما في مجال التزوير واستعمال المزور فقد عالجت مصالح الدرك قضيتين تخصان تزوير الوثائق الإدارية والأوراق النقدية تم من خلالها توقيف 05 أشخاص اودع أربعة منهم الحبس الاحتياطي، وتبقى حالات الانتحار مرتفعة بالولاية بعد تسجيل 27 حالة هذه السنة مقابل 29 السنة الفارطة بالمقابل، سجلت وحدات الدرك الوطني توقيف 185 شخصا منهم، 75 متهما بدون مهنة و42 صاحب مهنة حرة و16 طالبا. وكانت أول مهمة لأعوان الدرك الوطني -حسب مصادرنا- مباشرة بعد العودة للنشاط بولاية تيزي وزو إغلاق كل الحانات ومحلات بين المشروبات الكحولية غير الشرعية عبر تراب الولاية التي تحصي اليوم 400 حانة مشروعة ووضع حد لأوكار الدعارة، وكان ذلك بطلب من أعيان القرى والمسؤولين الذين شددوا على ضرورة محاربة الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير بالولاية، ويتم تنظيم مداهمات دورية للمواقع المشبوهة، حيث تم في إحدى المرات توقيف أكثر من 40 عاهرة بإحدى الحانات غير الشرعية، وهي الطريقة التي سمحت بالحد من انتشار تجارة المشروبات الكحولية، كما أحرز أعوان الدرك تقدما في مجال إجهاض نشاط شبكات سرقة السيارات التي انتشرت بالولاية والتي كانت تسوق بعد السرقة عبر شبكات خاصة تنشط في مجال بيع قطع غيار السيارات.