كشفت قضية إمبراطور المخدرات المدعو احمد زنجبيل، ومن بعده والي الطارف المطلوب قضائيا، عن وجود خلل كبير في العلاقة بين السلطة والصحافة، فضلا عن عمق الهوة بين الطرفين، الأمر الذي أدى إلى تكريس سلطة الإشاعة، حول مسائل كان من المفروض أن تحسمها السلطات الرسمية في ندوة صحفية، أو على الأقل في بيان تصدره الجهة المكلفة بمعالجة قضايا من هذا القبيل. وفي هذا السياق؛ يرى الأستاذ بوجمعة غشير رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان؛ أن مسألة التعاطي الإعلامي مع قضية "إيسكوبار الجزائر" ومن بعده والي الطارف "الهارب"؛ بينت أن السلطة لم تقم بالدور المنوط بها، وأنها مقصرة كثيرا فيما يتعلق بحق المواطن في إعلام صحيح، وقال غشير في اتصال هاتفي مع الشروق اليومي "إن الأخبار المتضاربة بخصوص هاتين القضيتين؛ تتحملها السلطة وحدها، كونها لم تتدخل لتقطع الشك باليقين، من خلال ندوة صحفية تنظمها الجهات المخولة قانونا". وأرجع المتحدث تفشي مثل هذه الظاهرة إلى "غياب الشفافية في تسيير الشؤون العامة للدولة، والتعتيم الإعلامي المفروض على عمل مؤسسات الدولة"، منتقدا ما وصفه "استقالة الدولة من مهامها الأساسية"، على الرغم من أن أهم مبادئ الحكم الراشد التسعة، ركن احترام سيادة القانون وتكريس الشفافية". في الجهة المقابلة، ينظر وكيل الجمهورية السابق نور الدين فكاير لهذه المسألة من زاوية مغايرة، ويرى بأن المشرّع الجزائري لم يضبط بدقة كيفية التعامل مع حالات من هذا القبيل، بحيث ترك للجهة القضائية المعنية سلطة التقدير في إعلام الرأي العام، مع مراعاة سرية ونجاعة التحقيق، لأن الكشف عن إلقاء القبض على مجرم خطير مثلا، كما قال المتحدث، من شأنها أن تقود إلى إفشاء معلومات قد تساعد متورطين آخرين على الفرار، فضلا عن تناقض هذا الإجراء مع مبدأ دستوري معروف هو "مبدأ القرينة"، الذي مفاده أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته. لذلك؛ يرى فكاير بأن تقديم اسم أو صورة لمتهم ما قبل صدور حكم الإدانة ضده، من شأنه أن يضع الجهة التي قدمت المعلومة تحت طائلة عقوبة التشهير. محمد مسلم: [email protected]