رغم حجم الأضرار التي تكبدتها المجتمعات جرّاء اعتماد العنف كأداة للتخاطب والحوار، ورغم أنَّ أي إنجاز ما كان لينجح لولا دعائم الاستقرار والألفة، إلا أن ضرائب اعتماد العنف كأسلوب في التعامل بين أفراد الأسرة الواحدة دوما تبقى ثقيلة وباهظة، وفي حديثنا عن العنف ارتأينا تسليط الضوء على جانب منه، ويتعلق الأمر بالعنف الممارس ضد المرأة، فرغم أن الظاهرة عالمية في انتشارها إلا أن واقعها داخل المجتمع الجزائري أخذت منحى غير مشجع إطلاقا، حتى أنها صارت تمثل تهديدا حقيقيا لأمن وكيان الأسرة والمجتمع على السواء. ومن منطلق الدراسات العلمية فإن العنف في عمومه من أكثر العوامل المسببة للوفيات للفئة العمرية ما بين 15 و 44 عاماً، وتتفاوت النسب بين الذكور والإناث، حيث تبلغ لدى الذكور 14 بالمائة، أما الإناث فتبلغ 7 بالمائة، كما توضّح الدراسة أنَّ الذكور عادة ما يتم قتلهم من طرف أشخاص غرباء، أما النساء فغالباً ما يتعرضنَّ للقتل على أيدي أزواجهن أو شركائهن، وفي هذا المقام نشير أن ظاهرة العنف ضد المرأة داخل المجتمع الجزائري تفشت بشكل سريع ومخيف في الآن نفسه، فالعنف ضد المرأة يؤدي إلى خلق أشكال مشوهة من العلاقات الاجتماعية، وأنماط السلوك المضطربة داخل الأسرة وخارجها.
68 بالمائة من النساء ضحايا العنف فاستعمال العنف بممارسة القوة الجسدية بالضرب أو ممارسة العنف المعنوي كالإهانة والتجريح على المرأة تعبير واضح عن قمة الضعف والعجز عن التواصل، وعدم قبول لغة الحوار والإقناع، ولاشك أن ظاهرة العنف ضد المرأة لها أسبابها وعواملها وتداعياتها المجتمعية والبيئية، ولا يمكن فهمها بمعزل عن السياق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمع الجزائري الذي يعرف في هذه المرحلة التاريخية تحولات في بنائه الاجتماعي وتركيبته الثقافية، فرجل اليوم يمارس عنفه على زوجته مستندا في ذلك على ما يعرف ب"القوامة"، مع العلم أنه ليس كل الرجال قوامين على كل النساء، وقد كشفت دراسة للظاهرة داخل المجتمع الجزائري انطلاقا من مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف أن 91 بالمائة من الرجال يقفون وراء العنف ضد النساء، وأشارت ذات الدراسة أن 68 بالمائة من النساء ضحايا العنف تتراوح أعمارهن ما بين 25و44 عاما، مشيرة إلى أن ثلثين منهن متزوجات و12 بالمائة مطلقات و23 بالمائة عازبات وعاطلات عن العمل. دراسات تؤكد أن معدلات العنف في تزايد
وذكرت الدراسة التي شملت 150 حالة عنف ممارس ضد المرأة، أن أشكال العنف الممارس ضد النساء يخص العنف الجسدي والنفسي والاعتداء والتحرش الجنسي والعنف الاقتصادي والاجتماعي، كما أظهرت نتائج الدراسة الوطنية التي قامت بها لجنة "العنف ضد النساء" التابعة للمعهد الوطني للصحة العامة أن العنف ضد النساء في الجزائر يتزايد بصورة مقلقة وأجريت هذه الدراسة بدعم من وزارة الصحة والسكان بمشاركة وزارات العدل والداخلية والجماعات المحلية والشباب والرياضة والتشغيل والتضامن إضافة إلى الإدارة العامة للأمن الوطني والجمعيات النسائية، وتشير النتائج العامة لهذه الدراسة إلى أن العنف يسجل أولا داخل الأسرة، حيث أن أكثر حالات العنف ترتكب داخلها ويتضح من عينة شملت 9033 امرأة ضحية للعنف اللائي تم استجوابهن في إطار هذه الدراسة أن مرتكبي هذه الاعتداءات يكونوا في بعض الحالات من المعارف أو أحد أفراد الأسر، وتشهد الأسر أكثر من 50 في المائة من الاعتداءات المعلن عنها، بالرغم من أنه يفترض أن أغلب النساء المتواجدات في المنزل هن في مكان آمن إلا أنهن الأكثر عرضة للعنف . العنف ضد المرأة تدمير لآدميتها ومستقبلها
إنَّ من أهم النتائج المُدمّرة لتبني العنف ضد المرأة تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها والتي تجعلها تفقد الثقة بالنفس والقدرات الذاتية لها كإنسانة، كما أنه سيجعلها لا تشعر بالأمان، وتصبح قادرة على تربية أبنائها تربية سليمة، كما من شأن العنف الممارس عليها أن يفشل العلاقة الزوجية وذلك ما تعكسه حالات الطلاق المسجلة التي لم تثمر غير التفكك الأسري، ليبقى الخاسر الأكبر في هذه المعادلة شريحة الأطفال حيث يتسبب ذلك في التدهور الصحي لهم، وفي فقدانهم للإحساس بعبق الطفولة، إضافة إلى الاكتئاب، العزلة والإحباط وضعف الاتصال الحميمي بالأسرة، هذا زيادة على آثرها المدمرة على السلوك من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر، تقبّل الإساءة في المدرسة أو الشارع، بناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين ونمو قابلية الانحراف.
المختصون يؤكدون: العنف مرتبط بالتنشئة الأولى
ويذهب المختصون في علمي النفس والاجتماع إلى تفسير ظاهرة العنف بإرجاعها إلى أسباب كامنة في شخصية الفرد، وليست خارجة عنه، مشيرين إلى أن مرور الطفل في حياته بتجارب قاسية يولد لديه سلوكيات عدوانية تمارس تأثيرها على الآخرين مستقبلا، لتصبح هذه السلوكيات العدوانية -مع مرور الزمن- جزءا لا يتجزأ من شخصيته، كما يرجع هؤلاء مبررات ذلك العنف إلى فقدان الطفل في المراحل الأولى من حياته للحب والحنان من طرف الوالدين، وهو الأمر الذي يولد لديه سلوكا عدوانيا يعوض من خلاله هذا النقص العاطفي. أما عن المرأة التي يمارس عليها العنف منذ الصغر فسب أهل الاختصاص دائما يصبح لديها اعتقاد أنها إنسان يستحق التصرف معه بالعنف، وفي كل الأحوال يبقى القول أن ممارسة العنف لا يرتبط في كل الأحوال باضطرابات في شخصية الفرد، فكثيرا ما تساندها ثقافة المجتمع ولا تقف ضدها.
ويضيف هؤلاء أن العنف ينتقل إلى الأفراد وإلى طريقة تفكيرهم فيكتسبونها عن طريق مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ووسائل الإعلام المختلفة، ويأتي على رأس هذه المؤسسات الأسرة، فالمدرسة ثم المجتمع الكبير، وتعد الأسرة كمؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية أول بيئة تستقبل الطفل، وأقوى بيئة في التأثير على حياته، وكذا في بناء وتكوين شخصيته وتشكيلها، فهي أيضا المسؤولة عن نقل ثقافة العنف للأطفال.
وانطلاقا مما تقدم يبدو أنه من الضروري إعادة النظر في الأساليب التربوية بما يتماشى والحقوق الإنسانية لكل فرد مهما في مجتمعنا، ولن يتم ذلك إلا من خلال صياغة مفاهيم وأساليب تربوية تعزز مكانة كل فرد في الحياة الاجتماعية سواء كان ذكرا أم أنثى، ونشر ثقافة السلم والأخوة والرأفة بين الأفراد حتى تساهم المرأة والرجل في بناء أسرة مثالية.
تنبيهات لابد منها.. ظواهر سلبية انتشرت في المجتمع الجزائري - اعتادت بعض العائلات في مجتمعنا على كثرة الدخول إلى الجيران وكأنهم يشكلون عائلة واحدة، وهذه الحالة ترافقها أحياناً مخالفات شرعية من قبيل عدم الاستئذان عند الدخول أو ذهاب المرأة إلى بيت الجيران دون الأخذ في الحسبان احتمال أن لا يتواجد في البيت إلا رجل، مع العلم أن تنشئتنا بوصفنا مسلمين تمنع الخلوة بالنظر إلى المفاسد التي يمكن أن تنجم عن ذلك، كما أن هذا الدخول المتكرر غالباً ما يكون من دون احتشام أو سترة، فهذا التسامح والإهمال من شأنه أن يؤدي إلى الوقوع في ما هو مخالف لأعرافنا ومبادئنا وديننا طبعا، وهو ما يعني أنه لا بد من مراعاة الأحكام والآداب الشرعية في هذه العلاقات . - أحياناً يعيش الرجل وزوجته في بيت أهله، فيخرج هو وباقي الأسرة إلى أعمالهم أو قضاء حوائجهم، وتبقى زوجة الأخ في البيت ويبقى أحد الإخوة وهذا لا يجوز على المستويين الأخلاقي والشرعي بالتأكيد، إذا لم يأمن الوقوع في الحرام كما هو الغالب في زمننا المعاصر، حيث كثرت معدلات الأخطاء في هذا الجانب،ويمكن تجاوز ذلك بوجود طرف ثالث كأم الزوج أو أولاد المرأة وغيرهم . - يجتمع أفراد العائلة على مشاهدة أفلام وبرامج تعرض صور خليعة ولقطات لا تتوافق وطبيعة تنشأتنا، وهذا الأمر سيشعر الجميع الإحراج، والراضي بحصول ذلك هو الذي يرى أهله تزني ولا يغضب لفعلها، وزنا العين عن طريق النظر إلى هذه المشاهد، فكيف يستسيغها رب الأسرة وإن مثلهم كمثل من أتى برجل فاسق بملابسه الداخلية وأجلسه بين أسرته، ووقتها هل ترى بقية من غيرة وشرف لمثله ؟. - بعض الآباء والأمهات يتغاضون عن تصرفات أولادهم المنحرفة، فربما يسرق لكنهم يرون في ذلك السلوك نوعا من الذكاء، أو يعتدي على أولاد الجيران ويرونه شجاعة وبطولة، وهذه جناية عليهم وعلى المجتمع كله، وهم مسؤولون عنه، أو يسمعون أطفالهم يتفوهون بكلمات قبيحة فلا يردعونهم ولا يوجهونهم .
همسة للمطلقة.. كوني امرأة متفائلة .. كي تستمر الحياة بأمل هذه نصائح للمطلقة حتى تعود المرأة المطلقة لطبيعتها وتترك عنها الهم والأسى يكون من الممكن لها الأخذ بجملة من النصائح وفي مقدمتها سيدتي حاولي النسيان بكل ما أوتيت من قوة، وتخلصي من جميع الأدوات التي كان تذكرك بزواجك السابق من أوراق وعطور وكماليات بل وحتى من هداياه، عليك أيضا ألا تنغلقي على نفسك وتجلسي وحيدة في إحدى الغرف تتذكرين وتحزنين، بل الأصح أن تندمجي مع الأسرة والمجتمع قدر ما أمكنك لتخطي الأزمة بسلام، هذا وعليك أن تحاولي أيضا أن تملئي فراغك حتى لا يكون عندك وقت للتذكر، ولا تقدمي على فراشك إلا وأنت مرهقة متعبة مستعدة للنوم. عزيزتي.. أكثري من حضور المناسبات الاجتماعية حتى ترجعي إلى سابق عهدك امرأة جملية مبتسمة، عولي الابتعاد عن الخجل اللازم، افرحي، اضحكي وافرحي مع فلانة وتقبلي مزح أخرى بصدر رحب، ولا تكثري من تفسير الكلام وتحويره عندما يصدر من امرأة تحدثك لا تظني الظن السوء وتقولي ماذا تقصد ؟ أو إلى ماذا تهدف؟ فسري الكلام بظواهره ولا تتعمقي في دواخل الكلام. نوصيك أيضا ألا تحرمي نفسك من شيء، فأنت في زهرة شبابك أكرمي نفسك دليلها وامنحيها كل ما تستحقه،كما لا تخجلي من أهلك أو تستحي من طلب حقوقك ومصروفك مثل ما كان قبل أن تتزوجي فأنت ابنتهم، ولا يعني هذا دعوة للإسراف بل حاولي أن توازني في الصرف فهناك فرق عندما كنت مع زوجك وفرق عندما تكونين عند أهلك، وهذه الظروف قد تختلف من أخت لأخرى وكل أعلم بالظروف التي يعيشها. فقط كوني واثقة من نفسك عندما يسأل أحد عن تجربتك السابقة، لا تحزني أجيبي بأنها تجربة ومرت لا تسهبي في ذكرها كثيرا، كما احذري أن تنتقصي من قيمة زوجك أو تذكرين معايبه حتى لا تسقطي من أعين المجتمع أثني عليه حتى ولو كان سيئا، أو على الأقل قولي الله يذكره بالخير وتمني له الخير عليك أيضا أن تكوني دائما متفائلة واثقة مع كل صباح، ولا تستعجلي في الزواج مع أول زوج يقدم إليك يجب أن تدرسي الزوج القادم دراسة عميقة حتى لا تتكرر تجربتك السابقة، وفي الوقت نفسه لا تشترطي شروط تعجيزية على الرجل المتقدم لك فالاعتدال في الشروط من شأنه أن يعوضك وإياه السعادة والسلام مستقبلا.