تزايدت انتقادات الحجاج الجزائريين العائدين من البقاع المُقدّسة، بشكل لافت، إلى البعثة الوطنية للحج التي اتهموها بإهمالهم طيلة فترة إقامتهم بالمملكة العربية السعودية، حيث لم يتوانوا في التأكيد بأنه لا فائدة من وجود الديوان الوطني للحج والعمرة ما دام لم يقم بالمهمة الأساسية التي أنشئ من أجلها قبل ثلاثة أعوام، ومن شأن هذه الانطباعات السلبية أن تكون بمثابة بداية نهاية المهمة بالنسبة إلى مدير الديوان «بربارة الشيخ». أعادت ردود الفعل التي عبّر عنها الحجاج الجزائريون بمجرد عودتهم من أداء الركن الخامس من الإسلام، الجدل من جديد حول جدوى إنشاء هيئة من قبيل ديوان العمرة والحج التي تحظى بميزانية سنوية معتبرة، وترتبط هذه المسألة بالأساس بالفشل المتواصل للبعثة الجزائرية إلى البقاع المقدّسة في التكفّل بالحجاج البالغ عددهم 36 ألف، واللافت أن الأخطاء والنقائص ذاتها التي وقعت خلال الموسمين الفارطين تكررت بنفس الشكل وبأكثر حدّة هذه المرة، مما يعني أن هيئة «بربارة الشيخ» لم تتحمّل مسؤولياتها كاملة خلافا للالتزامات التي قدّمها قبل أيام فقط. ومن بين المآخذ التي تُحسب على مدير ديوان الحج والبعثة الجزائرية المتشكلة من أكثر من 700 عنصر، أن حوادث التيهان وحالات السرقة تزايدت خلال هذا الموسم وهو ما كشفت عنه تصريحات حجاج الوفد الأول العائدين من «رحلة العمر»، إضافة إلى أخطاء تشخيص الحالة الصحية بعد وفاة 20 حاجا، وأكثر من ذلك فإن الكثير من الروايات ذهبت إلى حد توجيه اتهامات ب «الإهمال وعدم المسؤولية»، وليس أدل على ذلك أكثر من تصريح حاج صرخ مُندّدا بظروف الإقامة قائلا «لقد بعثوا بنا إلى فندق مليء بالفئران، وقد تحولنا من حجيج إلى بيت الله في النهار إلى مطاردين للفئران في المساء..». وحتى وإن كانت مأمورية التحكّم في تنظيم أكثر من 36 ألف حاج جزائري ليست بالأمر الهيّن طيلة ثلاثة أسابيع، فإن ذلك لا يُمكن أن يُبرّر على سبيل المثال سوء اختيار أماكن الإقامة وكذا الفنادق، ولذلك فإنه من شأن رحلات العودة المُقبلة للحجاج أن تكشف المزيد من المُفاجآت غير السارة، وهو ما يعني بأن القائمين على الديوان الوطني للحج والعُمرة سيجدون أنفسهم في مُواجهة العديد من الملاحظات من طرف الوزارة الأولى إلى جانب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف. وعلى هذا الأساس لم تستبعد بعض الجهات المتابعة لملف الحج بأن تُسفر احتجاجات الحجاح على ظروف الإقامة ومستوى التكفّل بهم بالبقاع المقدّسة عن تغييرات بالجملة على مستوى ديوان الحج والعمرة، وسيكون «بربارة الشيخ»، بموجب ذلك، في عين الإعصار خاصة وأن وزير الشؤون الدينية «بوعبد الله غلام الله» سبق وأن أكد في شهر أكتوبر المنقضي بأن أي فشل سيتحمّله ديوان الحج لوحده، ومعلوم في هذا السياق بأن الوزير على خلاف دائم مع «بربارة» منذ تعيين الأخير على رأس الديوان الذي سحب من الوزارة كل صلاحيات تنظيم الحج مثلما كان معمولا به. وزيادة على كل هذه العوامل هناك حسابات سياسية تُحرّك فرضية إنهاء مهام «بربارة الشيخ»، الذي يشغل أيضا عضوية اللجنة المركزية بحزب جبهة التحرير الوطني، من منصبه الحالي ويتعلق أساسا بكونه مُعيّنا من طرف رئيس الحكومة السابق «عبد العزيز بلخادم»، الأمين العام للأفلان، في العام 2008 رغم أنه لم يحظ حينها بتزكية وموافقة وزير القطاع المحسوب عن الحزب الغريم الأرندي، ولذلك فإن «بوعبد الله غلام الله» سيجد هذه المرّة المُبرّر المناسب لإبعاد «بربارة» من خلال تقديم تقارير سلبية عن حصيلة موسم الحج الحالي، حيث سيتم عقد اجتماع في الأيام القليلة المُقبلة للوقوف على ما تم تسجيله من مآخذ ومناقشة الأمر بجدية.