أعاد المسلسل المصري «زهرة وأزواجها الخمسة»، الذي بث شهر رمضان، المنصرم، على بعض القنوات الفضائية العربية واستقطب الكثير من المشاهدين رغم عزوفهم مؤخرا عن الدراما المصرية، ذكريات مسلسل «الحاج متولى» الذي لا تتمنى أي جزائرية زوجا على شاكلته، رغم أنه رسم صورة جميلة جدا عن واحدة من القضايا، التي رغم حسمها شرعا، مازالت محل نقاش مستفيض ولا تزال تثير نقاشات حامية الوطيس بين الرجل والمرأة، فهي لا تريد ضرة وتبارك قانون الأسرة الذي «أنصفها» وهو يصر على حقه الشرعي ولو بالزواج العرفي، لكن لماذا ترفض المرأة منح الرجل حقه الشرعي ولماذا يصر هو عليه، رغم أنف القانون؟ وقصة الرجل مع المرأة لا تنتهي، خاصة وأن الحياة بأسرها، بحلوها ومرها لا تقوم، إلا عليهما من أجل استمرار النسل البشري، فهو أحب أو كره لا وجود له بعيدا عنها والأمر سيان بالنسبة لها، لذا ظلت علاقتها تتسم في الكثير من الأحيان بالجدل، حياتهما بين مد التوافق والعيش الهنيء وجزر الاختلاف والجو الكئيب، ليكون الحب والزواج في حال الاتفاق والتنافر والطلاق في حال الاختلاف، حالتان صحيتان في العلاقة البشرية، التي لا يسيرها ميزان العقل وحده، بل لغة القلوب وفوضى العواطف هي ما يحكمها في الكثير من الأحيان، وبين هذا وذاك هناك الكثير من الحلول، التي أقرها الشرع للحفاظ على صرح الأسرة التي يتوقف نجاح البشرية على نجاحها. أهمية جعلته يقنن ضوابطها ولا يتركها للعابثين إلا في بعض الاجتهادات التي تبقى مباحة، تبعا لتطور الزمان واختلاف المكان، لكن في إطار الحكم العام وشريطة، أن لا تتنافى هذه الاجتهادات مع الأحكام الشرعية وأن يتولاها فقهاء وعلماء دين، وحفاظا على المجتمع وعلى الصالح العام ، أجاز الدين عدة حلول شرعية للمرأة والرجل، إذا ما تعذر عليهما مواصلة العيش معا أو واجهتهما مشاكل ومصاعب تستلزم الفراق أو إعادة الزواج بثانية وثالثة وحتى رابعة، فكان الطلاق وكان الخلع وكان تعدد الزوجات، الذي وإن تقبلته المرأة قديما بصدر رحب، طاعة لله سبحانه وتعالى، لكونه أمرا ربانيا لا يقبل حتى التفكير وباعتبار أن الظروف التي كان يعيشها المجتمع، توجب تعدد الزوجات، للتكفل بالأرامل والأيامى وحتى اقتداء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي تزوج الكثيرات، لكن الحال اليوم تغير وذهنية المرأة، خاصة التي تعلمت وتثقفت ودرست بكبرى الجامعات وتبوأت أكبر المسؤوليات وأهمها، تغيرت كثيرا وأصبحت تطالب، بالمساواة مع الرجل في كل شيء نظير مكانتها ونظير ما حققته من إنجازات غير مسبوقة، ومن أهم المواضيع، التي اتفقت كل النساء على رفضها، على اختلاف مستوياتهن الثقافية وأوضاعهن الاجتماعية، إعادة الرجل الزواج بثانية، رغم أن الشرع أباح له أربع نساء، لكن بشروط، ليجدها الكثير من الرجال، حجة يبررون بها حبهم للنساء وولعهم بالتغيير، ليفتح مسلسل «الحاج متولي»، الذي يعتبر من أنجح المسلسلات العربية، التي تسلط الضوء على واحدة من القضايا المهمة، التي ظلت مثار جدل، بلمسة جميلة جدا، لتلف النظر إلى شغف الرجل الشرقي بتعدد الزوجات ونجاحه في كسب الحب والرضا، خاصة وأن مبدأ التعدد، والتنافس الحاد بين الزوجات عاد عليه بالخير الكثير، قضية عالجها المخرج بذكاء وفطنة كبيرين، حتى وإن اتهم بالمثالية وباستحالة وجود رجل، على شاكلة «نور الشريف» أو «حاج متولي»، يقيم العدل إلا في السيناريوهات، في أدوار الممثلين وراء الشاشة، لا سيما في العواطف والمشاعر، التي لا سلطان عليها وفي زمن كزمننا هذا، لكن من أكثر المضامين السحرية، التي نوم بها الكثير من الرجال وفتح شهيتهم على مزيد من الزيجات، براعته في اختيار زوجات متباينات الطباع، كل واحدة تكمل الأخرى، فكأنهن باقة متنوعة، فالعقل والحكمة في «أمينة»، «الجمال والدلال» في «مديحة»، والشطارة والزي البلدي في «نعمت»، «الثقافة والشباب» في ، أفكار رفضتها المرأة وحاولت أن تجهضها بكل الوسائل والأساليب، حتى لا توقظ رغبات الرجل ولا تفتح عينيه، وتبقى فقط مجرد قصص مسلسلات تسلي بها نفسها، لكن تمرد الرجل وإصراره على ممارسة حقوقه الشرعية غير منقوصة حتى وإن كانوا يوقنون أنهم لن يعدلوا، خاصة في جوانب الحب والمشاعر، جعلها تعلن الحرب وتروض حتى قانون الأسرة، مؤخرا الذي فرض شروطا على الرجل للزواج من ثانية، دون موافقة الزوجة الأولى. فالمرأة الجزائرية، بتباين مستوياتها الثقافية واختلاف أوضاعها الاجتماعية وحتى درجة التزامها وتدينها ترفض «الضرة»، رغم إقرارها بشرعية الحق، واعترافها بالأمر، لكن ترفض التطبيق، فزواج الرجل من ثانية لا يصنف حسب الكثير من الجزائريات في خانة «الظلم والإجحاف»، فلماذا تقر المرأة بهذا الحق وترفضه؟ «أرفض أن تقاسمني أخرى شريك حياتي» وجهتنا الأولى كانت إلى جامعة العلوم الإسلامية ب«الخروبة»،على أمل إن تحدث المفاجأة ونجد على الأقل واحدة لا تمانع في أن يعيد زوجها الزواج، فالمفروض، أنهن وعلى خلاف الكثيرات، متفقهات في الدين ويدركن أحكام هذه القضية، لكن وكما توقعنا لم يخرجن عن المألوف، يقررن به شرعا حتى لا يخالفن أحكام الله، لكنهن يعتبرنه شرا، يرفضن أن يقعن تحت طائلته، وعن الأسباب تتحدث بعض من دردشنا معهن، تقول سمية متزوجة منذ عامين، أنها لا ترفض التعدد كمبدأ، لكن ترفض طريقة ممارسة التعدد، فمن المستحيل على الرجل في زمننا هذا أن يعدل في العواطف، حتى إن استطاع العدل في الأمور المادية، وقناعتها هذه بنتها من تجربة والدها الذي أعاد الزواج من أخرى، أملا في إنجاب الذكور، ودون أن يطلق والدتها، لكن الذي حدث، أنه أهملهم ماديا وحتى عاطفيا، أيضا قناعة ولدتها تجربة بعض صديقاتها، اللواتي يعانين من التهميش، لذا ترفض أن تقاسمها أخرى شريك حياتها. هدى هي نموذج آخرمن نساء وجدن أنفسهن، أمام الأمر الواقع، فهن لم يخيرن، أصلا حتى يرفضن أو يقبلن، الضرة، فزوجها، لم تردعه الإجراءات الأخيرة، لقانون الأسرة، بل أعاد الزواج عرفيا ولمرتين وهي اليوم بالمحاكم، فلا أمان مع رجل يشتهى النساء لدرجة الجنون، ولا يفكر إلا في المتعة، والأكثر أنه صار لا يهتم بها إلا ماديا. أما منى البشوشة، التي لم يأت نصيبها بعد ولا تتوقف عن الضحك والتنكيت، تقسم بأغلظ الأيمان، أن معاودة زوجها للزواج لن يكون إلا على جثتها، فكما تقول "كيف يعقل أن أسمح لأحد يمضى الليلة بأحضان أخرى، حتى وإن كان في الحلال، أن يقترب مني، سأوفر له كل شيء، حتى لا يتحجج ويبحث عن أخرى و إن حدث، أفضل الطلاق". عائشة من عيونها تعرف، أنها تعيش الكثير من الأسى وأن حظها في الزواج كان سيئا جدا، فبعد أشهر معدودات، اكتشفت أنها عاقر وبدل، أن يساندها زوجها في محنتها ويخفف عنها وقع المصيبة وينتظر على الأقل، أخبرها أنه سيعيد الزواج وأنه يجب منحه الموافقة وخيرها حتى بين الموافقة وبين الطلاق، ولأن كرامتها لا تسمح، كما تقول طلبت الطلاق، أما سمية فتعترف بكثير من الخجل أنها كانت الزوجة الثانية، بعد أن وقعت في حب رجل له ثلاثة أطفال ولأنها لا تستطيع العيش دونه، كما أنها دخلت عقدها الثالث وتخاف، أن يفوتها قطار الزواج وافقت وحتى تكفر عن ذنبها، تحاول أن تساعد زوجها على العدل بينهما، سألناها ماذا لو أعاد زوجك الزواج وماذا لو كنت في مكان زوجته الأولى، فتجيب على جناح السرعة «لن يفعلها هو يحبني، لكن لو فعل سأرفض ولا أدري إن كنت أستطيع الانفصال عنه لأنني أحبه». القضايا الاجتماعية تأخذ نصيب الأسد في المحاكم رفض للتعدد جملة وتفصيلا هو موقف المرأة التي تبارك كثيرا قانون الأسرة الذي أملته ظروف المرأة وما يقع عليها من ضرر ويكفي أن القضايا الاجتماعية، تأخذ في المحاكم نصيب الأسد، حتى إن البعض وحماية لحقوق المرأة، يطالب بتفعيل الإجراءات أكثر وبالسهر على تطبيقها وبمزيد من العمل على إيجاد حلول لهواجس المرأة، خاصة ما تعلق بالزواج العرفي الذي عصف بالكثير من العائلات، فكما تؤكد السيدة نادية، أستاذة جامعية أنه "يجب أن يضبط أكثر وحتى يجرم صاحبه، لأنه أصبح وسيلة للنيل من شرف المرأة، التي لا تجيد رسم حياتها والحفاظ على استقرارها، خاصة وأن ثمرة هذا الزواج هم أطفال بلا هوية ولتزيد الكارثة أكثر، إن كان الأب أجنبي، نقع معه في العديد من الإشكاليات" وما تشهده المحاكم الجزائرية اليوم يعبر يصدق عن حجم المأساة وما تعانيه المرأة، التي رغم الإصلاحات، التي مست قانون الأسرة، مازالت المتضرر الأكبر، فالمؤسف كما تضيف "أن الرجل اليوم لا يجرى إلا وراء شهواته، يدمر في لحظة طيش أسرته ويشرد أطفاله لعيون امرأة تبيعه الحب بجسدها، الذي يحاكي ما يشاهده بالتلفزيون من لباس فاضح وماكياج صارخ وكلام معسول، فينساق وراء عواطفه ويتزوجها دون البحث عن أصلها وفصلها، فهو منوم بسحر ما يسمى الحب ولن يستيقظ، إلا بعد فوات الأوان، فالمرأة الجزائرية ترفض التعدد لأن بعض الرجال لا يفقهون من التعدد إلا الاسم ولا يطبقون أبدا شروطه، يلجأون إليه لسبب أو لآخر، فهي قبل أن ترفضه فطرتها، كأنثى تتمنى، ألا تشاركها في زوجها أخرى، يرفضه أيضا، عقلها، فكيف يمكن، خاصة بدون وجود سبب، أن يخون الرجل عشرة سنين ويضحي بأم أولاده لأجل امرأة أخرى، لم تبنى معه نجاحه، فمن غير العدل، كما تقول نادية زوجة مقاول «أن تزرع الزوجة الأولى وتحصد الثانية». «الزواج العرفي» الوجه الآخر لرفض التعدد كل الرجال حتى من لا يفكرون في معاودة الزواج يجمعون على أنه حق مشروع وأنه دواء للكثير من الآفات الاجتماعية، خاصة إن كان الزوج ميسورا ماديا، فلماذا نغلق باب الحلال، كما يرى البعض ونشجع الحرام، ومع ظاهرة العنوسة التي بدأت تأخذ أبعادا خطيرة بات من الواجب تشجيع التعدد ومن ترفضه هي إنسانة أنانية وتعاني خللا في شخصيتها وتعارض أمر الله قبل أن تعارض أمر زوجها، وكما يؤكد الشيخ «عبد القادر» إمام مسجد بلكور يجب أن يكون التعدد لأسباب مقنعة كأن تكون الزوجة عاقرا أو مريضة لا تستطيع منحه حقه الشرعي وشريطة أن يعدل. ولأن العدل صعب ينبغي على الرجل قبل التفكير في التعدد أن يفكر في العدل حتى لا يجور على حدود الله ويظلم زوجته. من الناحية القانونية وتبعا لما جاء من تعديلات قانون الأسرة لسنة2005، فإنه يتعذر على الرجل، عقد قرانه على أخرى، ما لم يحصل على موافقة الزوجة الأولى أو أقنع القاضي، بأسباب زواجه ولأن الزوجة الأولى ترفض الموافقة، إلا في حالات نادرة جدا فالرجل أصبح يحبذ كثيرا الزواج العرفي. ومن جهته يؤكد المحامي الأستاذ «خبابة»، أن قانون الأسرة شجع على الزواج العرفي الذي أضر كثيرا بالمجتمع، فهو يشجع على الزنا وعلى طرق أبواب الحرام بدل تيسير الحلال، لذا لا بد من تدارك الوضع وإصلاح الثغرات، لأنه قانون لا يخدم بتاتا الأسرة، حسب رأيه. حق منحه الشرع، للرجل في ظروف معينة وبشروط خاصة، تعترف به المرأة حتى لا تعارض أحكام الله، لكن ترفض أن تكون «ضحيته» وأن تقاسمها امرأة أخرى زوجها، فالأمر لا يقبل القسمة على اثنين، وإذا فكر الزوج الزواج بثانية تشهر في وجهه القانون، لكن البعض منهم يصر على التمرد ويرفض الرضوخ ويفضل ما يسره له الدين من حلول أخرى كزواج الفاتحة، فهو مفطور على التعدد ويصرخ بأعلى صوته «حقي يا ناس»، خاصة أن الطب النفسي، زف له مؤخرا بشرى أتعست الكثير من النساء، تقول أن التعدد يمنح السعادة ويطيل العمر، فالتعدد حق لكن، بأحكام وشروط.