حقق مسلسل "ذاكرة الجسد" الكثير من الفضول لدى المشاهدين، الذين سجلوا بعض الاختلاف بين الرواية الأصل واقتباسه الدرامي، الذي أخذ في أجزائه الأخيرة أبعادا أخرى عندما حكى الزمان والمكان، ولامس بداية الأزمة التي عصفت بالجزائر في أواخر الثمانينيات. المسلسل حقق نجاحا كان منتظرا، ليس بسبب وزن مخرجه نجدت أنزور أو بطله جمال سليمان أو الرواية المتميزة، وإنما لأنه جاء مختلفا تماما عما تقدمه بقية التلفزيونات من دراما متشابهة مثل مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" الذي هو توأم "الحاج متولي" النسوي، و"عاوزة اتجوز" الذي هو نسخة طبق الأصل من المسلسل السوري الناجح "عرسان آخر زمن" من بطولة فرح بسيسو، إضافة إلى التوليفة المتناسقة بين أبطال "ذاكرة الجسد" والروائية وكاتبة السيناريو والمخرج، وهو ما لاحظناه خلال كل الأيام التصويرية في الجزائر، ما جعل المسلسل يعتبر من أهم الأعمال الدرامية خلال رمضان الخارج، حيث تابعه أزيد من 120 مليون مشاهد عربي، عبر قناة "أبوظبي" الفضائية فقط. ولم يبق نجدت أنزور وحده المبهور بنجاح آمال بوشوشة في تقديم دور البطولة لأول مرة، بل تلقت الفنانة الجزائرية الكثير من المدح من مخرجين كبار خاصة في مصر، ومنهم إنعام محمد علي، الذين قالوا إنها تمكنت من الإبداع في أدوار الحزن كما في أدوار الفرح، ومع مرور الحلقات أصبحت لها كاريزما خاصة. وكان نجدت أنزور قد اعترف ل "الشروق" بأنه لم يكن يعرف آمال بوشوشة ولكن أحلام مستغانمي أنقذته في آخر المطاف، لأنه كان سيجد صعوبة كبيرة في إيجاد بطلة تتقمص دور البطولة أمام جمال سليمان. وبرزت موهبة آمال بوشوشة بقوة في الحلقات الأخيرة، كما أكد ذلك نجدت أنزور الذي قال بأن الحلقة الأخيرة ستكون فيها آمال في كامل قواها الفنية التي تجعل المتفرج لا يصدق بأنها في أولى تجاربها، ويجعله يطالب بمشاهدتها باستمرار، مع العلم أن آمال تدربت ثلاثة أشهر فقط بمعهد الفنون الدرامية في سوريا وتمكنت من تجاوز كل العقبات وأداء الدور البطولي للمسلسل بشكل لا يختلف عن أشهر الممثلات السوريات والمصريات، وهي تتفوق عليهن في كونها مطربة أيضا، وأغنية الجينريك التي أدتها جعلت البعض يشبهها بماجدة الرومي. وإذا استثنينا الراحلة سعاد حسني في مسلسل "هي وهو" فإنه من النادر أن تجد ممثلة ومطربة في ذات العمل، رغم أن الرجال يفعلون ذلك مثل علي الحجار ومحمد ثروت. ومن المفاجآت الجميلة التي حملتها الحلقة الأخيرة لمتابعي المسلسل ظهور أحلام مستغانمي لأول مرة وبالتأكيد لآخر مرة كممثلة تسلم رواية "ذاكرة الجسد" لخالد بن طوبال في ديكور اختارته بقندورة قسنطينة التي منحها إياها الحرفي عزي هدية وأمام أجمل جسور المدينة. نجدت أنزور، الذي صار حاليا نجم الفضائيات بسبب حكاية تهديده بالقتل وأيضا بسبب "ذاكرة الجسد"، اعترف ل "الشروق" بأن العمل يعد أهم محطاته، وقال بأنه اكتشف وجها آخر لصديقه جمال سليمان، كما تمكن من جمع فريق عمل من عشر جنسيات عربية أعطوا للمشاهد مسلسلا مختلفا عما شاهدوه في السنوات العشر الأخيرة، والدليل على ذلك أن معظم القنوات المصرية العمومية والخاصة ستبثه بعد رمضان.