أجمع العديد من الناشرين والمؤلفين المتخصصين في الكتابة للطفل أن هذا الشق من الأدب ما يزال في الجزائر يراوح مراحل فتية منذ ظهوره بفعل جملة من المشاكل والتي حالت دون تطوره، حيث انتعشت الكتابة عن الطفل في وقت غُيبت الكتابة له. وإن استطاعت الكتابة لهذه الشريحة التي تعد من أصعب الكتابات وأعقدها أن تولد من رحم التهميش فقد كتب لها حسب عديد العارفين في هذا الميدان أن تظل طوال حياتها فتية، في وقت بلغت فيه مرحلة النضج في دول أخرى، وأفاد في هذا السياق «مصطفى ماضي» مدير نشر ب"دار القصبة " أن الكتابة للطفل في العالم العربي غير متطورة ومنها الجزائر، ويمكن القول أنها منعدمة لأنها تحتاج إلى مهارات وكفاءات متخصصة، مشيرا إلى أن الكثير ممن يكتبون للطفل "غير متخصصين"، في حين يعتبر كتاب الطفل صناعة قائمة بحد ذاتها في البلدان المتطورة، وأضاف أن هذا النوع من الكتابة يجب أن تتوفر فيها معايير خاصة تسمح بجذب الطفل إلى الكتاب، وهو ما يعتبر حسبه "الغائب الأكبر" في كتاب الطفل الجزائري. من جهته أوضح «فراس الجهماني» صاحب دار النشر والتوزيع "أطفالنا" أن كثيرا من الكتب الموجهة للأطفال في الجزائر تفتقر إلى عنصر الجذب الذي يجعل الطفل نفسه ينساب وراء المطالعة، حيث راح يعترف بوجود كتابات عديدة غير أنها في كل الأحوال لا ترقى حسبه إلى مستوى أدب الطفل من حيث المستوى المعرفي والإدراكي، كما أعاب على من يكتبون للطفل في الجزائر عدم مراعاتهم للبيئة الجغرافية، إذ سجل أن الكتب الموجهة للطفل التي تباع في الشمال هي نفسها التي تباع في الجنوب، رغم أن لكل طفل بيئته وتطلعاته، وهو ما تسبب في انعدام الثقة بين المؤلف والطفل. الكتابة للأطفال "أمانة" قبل أن تكون صفقة مربحة، واتفق العديد من باعة الكتب وأصحاب المكتبات الذين التقيناهم على أن الكتابة للطفل هي قبل كل شيء "أمانة" قبل أن تكون عملية تجارية أو صفقة مربحة، على اعتبار أن الطفل صفحة بيضاء نكتب عليها ما نشاء من أفكار، حيث يسهل علبه ترسيخها في ذاكرته إذا قرأها وتساهم في تكوين ثقافته ولو بشكل عفوي. هذا وتباينت آراء الأولياء حول واقع كتاب الطفل في الجزائر، إلا أنهم اتفقوا على أن أسعار هذا النوع الكتب يشكل أكبر عائق، ذلك أنه يحول دون اقتناء الكتب لأطفالهم، مما يدفعهم على حد تعبيرهم إلى اللجوء للبرمجيات والأقراص المضغوطة التي تختزل كما هائلا من المعلومات لإيصالها للطفل بصورة مبسطة. من جانب آخر ذكر «الجهماني» أنه يجب تفهم الناشر باعتباره يبحث عن فائدته هو الآخر، والزبون الأول بالنسبة له هو المكتبات، مشيرا إلى أن الناشر ما هو إلا مستثمر في الثقافة ومن حقه توظيف أمواله في الإصدارات التي تلقى رواجا في السوق، هذا كما أعاب ذات المتحدث غياب مؤسسة مختصة في توزيع الكتاب بما فيه كتب الأطفال، من جهته اعتبر الأديب والصحفي «الطاهر يحياوي» الذي يرأس دار "الأوطان للثقافة والإبداع" أن الكتابة للطفل في الجزائر مازالت عشوائية وتفتقر لأسس علمية، وعلى هذا الأساس تم التأكيد على ضرورة وجود دراسات من طرف مختصين تضبط المعايير النفسية والاجتماعية للطفل للوصول إلى منتوج فكري هادف.