حذّرت قيادة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، كافة الاتحادات الولائية والفروع النقابية التي تقع تحت وصايتها، من الدخول في حركات احتجاجية أو إضرابات في مثل هذا الظرف بالذات مهما كانت الأسباب والمبرّرات، وأشارت في مراسلة جديدة حملت توقيع «عبد المجيد سيدي السعيد» إلى أن هناك أطرافا تتحرّك من أجل استغلال بعض مشاكل الطبقة الشغيلة للمساس بالاستقرار الاجتماعي الذي اعتبرته مكسبا لا يمكن التخلي عنه. كشفت مصادر من قيادة المركزية النقابية أن الأخيرة عقدت سلسلة من الاجتماعات في الأيام القليلة الماضية من أجل البحث في الحراك الدائر على الجبهة الاجتماعية، وبحسب ما توفّر من معلومات لدى «الأيام» فإن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، «عبد المجيد سيدي السعيد»، أبرق قبل فترة وجيزة جدّا بمراسلة رسمية إلى جميع الفروع النقابية والاتحادات الولائية يبلغها فيها بالتوجهات العامة لهذا التنظيم النقابي، في خطوة استباقية لأي تصعيد محتمل على حساب مصلحة البلاد والعمال على السواء. وحتى وإن لم تطّلع «الأيام» على التفاصيل الكاملة التي ضمّنها «سيدي السعيد» في مراسلته فإن مصادر مقربة من الأخير أكدت أنه حرص خلالها على ضرورة على تجنب الاحتجاجات خلال المرحلة الحالية، والعمل بالمقابل في اتجاه الحفاظ على التهدئة الاجتماعية بما يضمن الوقوف ضد الأطراف التي تُريد استغلال فئة العمال ومن ثمّ زعزعة الاستقرار الاجتماعي، وجاء ذلك بعد أن وصلته تقارير تؤكد وجود مساعٍ فعلية لتحريك العمال على مستوى عدد من المؤسسات الاقتصادية الكبرى. وبالنظر إلى وجود بعض المشاكل في عدد من هذه المؤسسات خاصة ما تعلّق منها بعدم رضا العمال على الزيادات في الأجور التي استفادوا منها مؤخرا، فإن الاتحاد العام للعمال الجزائريين لجأ قبل أيام إلى تشكيل ما يُسمى ب «لجان اليقظة» على مستوى الاتحاد الولائي للجزائر العاصمة موازاة مع المسيرة التي حاول تنظيمها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بتاريخ 22 جانفي الماضي ليتم بعدها توسيعها إلى الولايات الأخرى وعلى مستوى مختلف المؤسسات، وهو السبب الذي كان وراء استدعاء «سيدي السعيد» لاجتماع مع الأمناء العامين للفدراليات الوطنية المنعقد أمس ب «قصر الشعب». ولا تتردّد القيادة الحالية للاتحاد العام للعمال الجزائريين في إبداء الدعم لكل التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية في المجال الاقتصادي خصوصا ما تعلق منها بمحاربة المُحتكرين والمُضاربين وذلك على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر يوم 5 جانفي الماضي بسبب الارتفاع الذي مس أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهو الموقف الذي عبّرت عنه في بيان رسمي أعقب تلك الاحتجاجات، مع الإشارة إلى أن المركزية النقابية تعتبر المستوى المعيشي للجزائريين «دون المستوى المطلوب»، لكنها تُشدد في الوقت نفسه أنه تم تحقيق مكاسب معتبرة خلال السنوات الأخيرة في مجال الزيادات في الأجور. وفي سياق تداعيات المراسلة الأخيرة فقد استجابت العديد من الفروع النقابية للتعليمات الجديدة، وتأتي في مقدمتها الفروع النقابية التابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية التي لجأت إلى إلغاء جمعيتها العامة المقرر عقدها قبل يومين، إلى جانب بعض الفروع الأخرى التي تنشط بمؤسسات كبرى كما هو الشأن بالنسبة إلى مركب الحديد والصلب «ميتال ستيل» بالحجار، زيادة على لجوء التنسيقية الوطنية للتعاضديات العامة للعمال إلى إلغاء ندوتها الوطنية بعد ضغط مباشر من «سيدي السعيد». وفي سياق ذي صلة أفادت مصادرنا بأن الاتحاد العام للعمال الجزائريين يباشر خلال هذه الأيام عقد سلسلة من اللقاءات مع العمال عبر مختلف الولايات من أجل تحسيسهم وتوعيتهم بمختلف المكاسب التي تحققت خلال السنوات الأخيرة، بما يعكس الحرص البالغ للمركزية النقابية على ضرورة ضمان الهدوء الاجتماعي وتجنب أي انزلاقات خاصة وأن هناك تحرّكات لتنظيم مسيرة شعبية يوم 12 فيفري الحالي بالعاصمة يقول منظموها إن كافة فعاليات المجتمع المدني سيشاركون فيها بمن فيهم العمال.