قال متحدث باسم ثوار ليبيا أمس الاثنين إنهم يرحبون بمزيد من الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف ضد جيش العقيد معمر القذافي ولكن يرفضون تدخل قوات برية أجنبية. وأضاف المتحدث من ائتلاف 17 فيفري المعارض في مدينة بنغازي بشرق ليبيا "ترفض اللجنة وجود قوات برية على الأرض ولكن نشجع قصف جيش القذافي". وتابع في مؤتمر صحفي أن هدف المعارضين ما زال السيطرة على العاصمة طرابلس ولكنهم يريدون تحقيق ذلك دون هجوم أجنبي بري. وفي فرصة نادرة داخل قاعدة السلطة السرية للزعيم الليبي معمر القذافي اصطحب مسؤولون ليبيون صحفيين أجانب إلى مجمعه الحصين أمس الاثنين لإظهار مبنى قالوا أنه دمر في هجوم صاروخي شنته القوات الغربية. وعلى مسافة قصيرة من خيمة مضاءة يستقبل القذافي فيها ضيوفه بدت مظاهر الخراب على مبنى من ثلاثة طوابق وكانت هناك فجوة دائرية واضحة على واجهته. وكان مراسلو رويترز في طرابلس قد سمعوا انفجارا في وقت سابق من ليل الأحد إلى الاثنين، وشوهد دخان يتصاعد من اتجاه مجمع القذافي المترامي الأطراف الذي يضم مقر إقامته الخاص فضلا عن ثكنات عسكرية وغيرها من المنشآت. لكن لم يكن هناك دخان يتصاعد من المبنى الذي شاهدوه رغم وجود أنقاض وألواح من الخرسانة المبعثرة. وقال مسؤولون أنه أصيب بصاروخ في وقت متأخر الأحد واتهموا القوى الغربية بمحاولة اغتيال القذافي. وقال «موسى إبراهيم» المتحدث باسم الحكومة أنه قصف وحشي وعرض قطعا من الشظايا التي قال أنها من القذائف. وأشار إلى أن هذا يتناقض مع تصريحات أمريكية وغربية بأنهم لا يهدفون إلى مهاجمة هذا المكان. وقال «إبراهيم» إن أحدا لم يصب في الهجوم. وامتنع عن قول ما إذا كان القذافي لا يزال داخل المجمع. أنصار القذافي درع بشري ضد ضربات جوية محتملة وتقول الولاياتالمتحدة أنها لا تضع القذافي على قائمة أهدافها بينما تكثف دول غربية من العمل العسكري ضد ليبيا حيث يقاتل الزعيم المخضرم منذ شهر لسحق انتفاضة ضد حكمه. وسمح لحشود من أنصار القذافي بدخول المجمع كدرع بشري ضد ضربات جوية محتملة ورددوا شعارات مناهضة للغرب منها "يجب ذبح أوباما". وخلف الحواجز الأمنية الكثيفة للمجمع كان ينظر إلى السماء باهتمام جندي يحمل مدفعا مضاد للطائرات على شاحنة صغيرة. ودوت أصوات النيران المضادة للطائرات في وقت متأخر من ليل الأحد إلى الاثنين على طرابلس. وسخر أنصار ملوحين بالإعلام عندما أضاءت طلقات مضيئة السماء المرصعة بالنجوم مثل الألعاب النارية. واحتشدت قوات وميليشيات على طول جدار المجمع الأخضر الضخم ورقص البعض وأشار البعض بعلامات النصر. ورقص حشد من الناس على أنغام أغان وطنية حماسية عبر مكبرات الصوت خارج منزل دمر في قصف للمجمع عام 1986 بطائرات مقاتلة أمريكية - وهو موقع يرمز لتحد أنصار القذافي للغرب. وجلس البعض بما في ذلك نساء تحملن الأطفال الرضع على وسادات متناثرة على العشب واستعدوا للبقاء طوال الليل. وكان أحد الأطفال ممسكا ببندقية لعبة لها فوهة وامضة. وقال كثيرون أنهم على استعداد للموت من أجل القذافي. وقال معتز (45 عاما) وهو مهندس وكان يلوح بالعلم الأخضر "أنا أحب القذافي فهو والدنا. سأموت من أجله... أنا لست خائفا حتى لو سقط صاروخ من السماء الآن". غارات تدك معاقل القذافي هزت انفجارات قوية ليلة الأحد إلى الاثنين الماضية العاصمة الليبية طرابلس جراء غارات جوية جديدة شنتها قوات التحالف، وأسفرت عن تدمير أحد مباني مقر العقيد معمر القذافي في باب العزيزية جنوبطرابلس. وقد تصاعدت سحب الدخان من منطقة باب العزيزية، بينما سمع دوي المضادات الأرضية. كما ذكرت وكالة رويترز أن دوي إطلاق النيران بشكل متواصل من المضادات الأرضية سمع مجددا بالعاصمة متبوعا بانفجار مدو. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قوات التحالف أن المبنى المدمر كان يؤوي مركز قيادة عسكرية للقذافي. ودمر الصاروخ كليا المبنى الواقع على مسافة خمسين مترا من خيمة كان القذافي يستقبل فيها عادة كبار زواره. وفي تطورات ميدانية أخرى قالت مصادر لقناة «الجزيرة» إن كتائب القذافي قصفت مجددا خزانات الوقود ومحطة الكهرباء في مصراتة. من جهته قال عضو ائتلاف شباب ثورة 17 فيفري «محمد المصراتي» إن أصوات انفجارات سمعت خارج المدينة، مشيرا إلى أن كتائب القذافي واصلت هجماتها على مصراتة الأحد، وتمكن عدد من دباباتها من التوغل إلى داخل المدينة، لكن الثوار أخرجوا معظمها ولم تبق سوى دبابتين وهما محاصرتان حاليا. وأشار إلى أن الهدوء يخيم على المدينة منذ صباح أمس، ولفت إلى وجود عشرات القتلى والجرحى في المستشفى. الثوار عائدون إلى أجدابيا يأتي ذلك في وقت بدأت فيه مجموعات من الثوار بالتوجه نحو أجدابيا ومناطق أخرى بليبيا لاستعادة السيطرة عليها. وقال الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي «عبد الحفيظ غوقة» لفضائية «الجزيرة» إنه تم التخلص من الكتائب الأمنية التي تقدمت نحو بنغازي بعتاد حربي كان كفيلا بإبادة المدينة. وقال «غوقة» إن الثوار دحروا هذه الكتائب إلى خارج المدينة "ثم تكفلت القوات الدولية بتدميرها بعد ذلك" مضيفا أن "كتائب القذافي أحدثت دمارا كبيرا في بنغازي". من جهة ثانية، حرك الثوار قواتهم إلى قرب أجدابيا بعدما ألحقت غارات طائرات التحالف خسائر فادحة بقوات القذافي على الطريق المؤدي إلى البلدة الإستراتيجية الواقعة شرقي البلاد. وقال مقاتلو المعارضة إنهم ينتظرون المزيد من الضربات الجوية الغربية التي يأملون أن تضعف قوات القذافي أكثر قبل أن يتحركوا إلى داخل أجدابيا التي اضطروا للخروج منها قبل أيام تحت وطأة نيران كثيفة. وقال «عبد الله الزنتاني» الذي يقاتل بصفوف المعارضة "لدينا معلومات بأن دبابات القذافي أمامنا، ولدينا معلومات أيضا بأن القوات الغربية ستقصفها، لذا فنحن ننتظر الضربات الجوية قبل أن نمضي قدما". فريق دولي متخصص لمعاينة الجثامين في هذه الأثناء شكك المجلس الوطني الانتقالي في «صدقية» وقف إطلاق النار الذي أعلنته كتائب القذافي. وقال الناطق باسم المجلس إن النظام الليبي ما زال يواصل تقتيل المواطنين بمدينة مصراتة، مشيراً إلى أن عدد الضحايا الذين سقطوا بمختلف أنحاء ليبيا منذ اندلاع الثورة قد زاد على ثمانية آلاف شخص. وكان مسؤول عسكري ليبي قد أعلن مساء الأحد إصدار القوات المسلحة أوامر لجميع وحداتها العسكرية بالالتزام الفوري بوقف إطلاق النار اعتبارا من التاسعة ليلا بالتوقيت المحلي. وأوضح المتحدث العسكري للقوات المسلحة العقيد ميلاد الفقهي في بيان أن هذا القرار اتخذ بعدما قبلت هذه القوات ما جاء في بيان صادر عن اللجنة الرئاسية الخماسية المشكلة من مجلس السلم والأمن الأفريقي. بدوره أعلن عضو القيادة الشعبية الاجتماعية محمد الشريف في بيان له أن هذه القيادة أوصت القوات المسلحة بإصدار أوامرها إلى جميع وحداتها بوقف إطلاق النار، وعن تسيير مسيرة سلمية تتوجه إلى مدينة بنغازي. وأشار إلى أن هذه المسيرة ستستخدم فيها كل وسائل المواصلات للالتحام بسكان بنغازي للتعزية في كل الضحايا والتسامح وإقامة صلاة الغائب. وقال إن المشاركين بالمسيرة "سيجلسون كعائلة واحدة لمناقشة شؤون بلادهم ومستقبلها بطريقة ديمقراطية". وفي جنيف طالبت منظمة التضامن لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق دولي في مزاعم السلطات الليبية بسقوط ضحايا مدنيين جراء القصف الذي قامت به قوات التحالف ليلة الأحد إلى الاثنين على مدينة طرابلس. كما طالبت بتمكين فريق دولي متخصص لمعاينة الجثامين التي زعم أنها ضحايا القصف لتحديد تاريخ وأسباب الوفاة، ودعت الهيئات الدولية بممارسة الضغط على نظام القذافي للتوقف عن تعريض حياة المدنيين للخطر من خلال استخدامهم دروعا بشرية في المواقع العسكرية. وكان مصادر طبية حكومية تحدثت عن مقتل 64 شخصا في قصف قوات التحالف الغربي ليلة الأحد.