ستجعل تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية" التي ترأس افتتاحها الرسمي رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من مدينة غرب البلد جوهرة حضارية وثقافية عالمية من خلال مختلف اللقاءات والنقاشات والعروض حول التاريخ والفنون الإسلامية على مدى سنة 2011. شهدت مدينة تلمسان أمس إشارة الافتتاح الرّسمي لتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية في جو احتفالي بهيج حضره رئيس الجمهورية رفقة أعضاء الحكومة وشخصيات سامية وطنية وأجنبية والسّلك الدّبلوماسي المعتمد والعديد من ضيوف الجزائر بالإضافة إلى 42 وفدا مشاركا في التظاهرة، وقد انطلقت الافتتاحية داخل خيمة عملاقة خصصت لهذه المناسبة بهضبة "لالة ستي" المطلة على عاصمة الزيانيين وذلك بتقديم عمل ملحمي فنّي حمل عنوان "تلمسان صدى الإيمان" ولم يفوّت كاتب الملحمة التاريخية التي لاقت تجاوبا كبيرا من المتتبعين إبرازها لأهم الأعلام والشخصيات الدينية والتاريخية التي تعتبر مرجعيات تاريخية ودينية وفكرية تركت بصماتها الواضحة في التراث الأدبي والفكري والديني الوطني وكذا في عاصمة الزيانيين خاصة. حيث من المنتظر أيضا أن يعاد تنظيم هذا العرض الملحمي في الافتتاح الجماهيري للتظاهرة الإسلامية مساء اليوم أمام الجمهور العريض. كما شهدت مراسم الافتتاحية الرسمية إطلاق للألعاب والشهب النارية من أعالي هضبة "لالة ستي" في أعالي مدينة تلمسان. تقترح تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية برنامجا ثريا فنيا يجمع بين المسرح والأدب والرسم والموسيقى. وقد برمجت عروض موضوعاتية وملتقيات وعروض وأسابيع ثقافية ل 48 ولاية و بلدان أخرى خلال هذا الحدث الذي يسمح لهذه المدينة العريقة من أن تستفيد من إنجازات ثقافية سيتم استلامها أو ترميمها لاسيما قصر الزيانيين أو ترميم العديد من المساجد والمعالم التاريخية الأخرى. كما سيتمّ بالمناسبة تكريم مختلف أوجه الفن الإسلامي من خلال تنظيم مهرجانات دولية مخصصة للفن العربي والمنمنمات وفن الزخرفة والموسيقى الأندلسية والقديمة والرقص التقليدي والإنشاد. ستنشط شخصيات بارزة ندوات عديدة من خلال سلسلة من اللقاءات الثقافية. سيتمتع هواة المسرح و السينما من خلال عرض قرابة ثلاثين فيلما وثائقيا حول حياة وأعمال شخصيات تركوا بصماتهم في تاريخ تلمسانوالجزائر ومن بينهم محمد ديب مؤلف ثلاثية "الدار الكبيرة" و"النول" و"الحريق". كما تمت برمجت ثلاثين مسرحية لصالح محبي الفن الرابع الذين ستتسنى لهم فرصة مشاهدة عروض للمرة الأولى و كذلك أعمال تخلد عبد القادر علولة (الأجواد) و ولد عبد الرحمان كاكي (ديوان القراقوز) والطاهر (الشهداء يعودون هذا الأسبوع). انتظم استعراض شعبي عبر أهمّ شوارع عاصمة الزيانيين عشية إعطاء إشارة الانطلاق الرّسمي للمرحلة الدولية لتظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2011". وقد تجمع جمهور غفير من المواطنين على طول المسار الذي اختير لعبور هذا الاستعراض حيث قدموا لمشاهدة ما تحمله 22 عربة كبيرة تمثل مختلف المواضيع المرتبطة بالإسلام ومدى مساهمته في تطور ورقي الحضارات الإسلامية والعالمية عبر العصور. وقد جلس بالمنصة الرسمية التي أنجزت بحي "ايمامة" (دائرة منصورة) كل من وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي والوفود التي حلت ضيفة على مدينة تلمسان والقادمة من العديد من الدول العربية والإسلامية حيث تابعوا باهتمام كبير سير الموكب مصفقين للعمل الجيد الذي قام بها فنانون اجتهدوا في تزيين المركبات وأبرزوا ما لديهم من قدرات إبداعية لتجسيد المواضيع المختارة بالمناسبة. في هذا السياق سيتمّ إصدار ونشر 365 عنوانا يعنى بشتى المجالات ذات الصلة بتاريخ وحضارة عاصمة الزيانيين والأدوار التي أدتها هذه الحاضرة في الميادين الثقافية والسياسية والدينية عبر الحقب التاريخية المتعاقبة. كما يمكن الاطلاع من خلال هذه الكتب على مسيرة ومآثر أهم الأعلام والشخصيات الدينية والعلمية والثقافية القديمة فيما خصص جزء من هذه الكتب إلى أعمال ومؤلفات بعض المفكرين والكتاب الجزائريين المعاصرين. وتضاف هذه النشاطات العلمية إلى البرنامج الذي أعدته جامعة تلمسان والمتضمن لسلسة من المحاضرات و الندوات والتبادلات بين الجامعات فضلا عن بعض النشاطات مثل نشر والتعريف بالأبحاث والأطروحات والرسائل الأكاديمية المنجزة من طرف الطلبة والأساتذة الباحثين في مختلف الميادين ذات الصلة بتاريخ وحضارة "جوهرة المغرب العربي". كما سيتمّ عرض 35 فيلما وشريطا وثائقيا وخياليا حول تاريخ وتراث مدينة تلمسان التي تمّ إنجازها في إطار هذه التّظاهرة تحت إشراف وزارة الثقافة. وتعرض هذه الأفلام التي أخرجها سينمائيون جزائريون بمعدل ثلاثة إلى أربعة أفلام في الشهر بحضور طاقمها الفني خلال عرض شرفي أولي الذي تعقبه مناقشة عامة مع الإشارة إلى أن نفس الأشرطة يعاد عرضها في قاعات السينما بالولايات المجاورة وأخرى بالجنوب على غرار بشار وأدرار وورقلة والأغواط والوادي من أجل تعميم الفائدة. وإلى جانب هذه العروض سيتمّ تنظيم بنفس المناسبة مهرجان للسينما سيتيح المجال للسينمائيين الجزائريين والأجانب من أجل التنافس على المراتب الأولى كما يشمل البرنامج شريحة الشبان من هواة الفن السابع بولاية تلمسان عن طريق تنظيم مسابقة لتلاميذ المتوسطات والثانويات حول أحسن ربورتاج باستعمال وسائل التصوير العادية مثل الهاتف النقال. وفي إطار التّنشيط سيقام 200 عرض فني وموسيقي خلال 44 أسبوعا من تنظيم القسم الفني لديوان "رياض الفتح" عبر تسع ولايات حيث سيشارك في هذه البلاتوهات الفنية التي سوف تستجيب لمختلف أذواق الجمهور حوالي 1000 فنان من مطربين وموسيقيين يمثلون مختلف أنواع الطرب العصري والتقليدي وكذا الفنون الفلكلورية والرقصات الشعبية التي يزخر بها التراث الفني الجزائري. وقد اكتست مدينة تلمسان لاحتضان هذه التظاهرة الدولية حلة جميلة بعد أن مست عمليات التهيئة وتزيين المحيط مختلف الشوارع الرئيسية والساحات العمومية والمساحات الخضراء. كما تمت إعادة تأهيل وترميم المعالم التاريخية والسياحية كي تسترجع هذه الفضاءات بهاءها ذلك بالإضافة إلى أشغال تهيئة وتزيين النافورات المتواجدة بالساحات العمومية ومحاور الطرق الرئيسة بالمدينة الشيء الذي جعل هذه المواقع تساهم في تحسين المنظر الجمالي الخارجي لتلمسان من خلال امتزاج المياه المتدفقة البراقة والزهور المحيطة بها في ديكور ساحر. أما الساحات العمومية التي تتوسط الشوارع والطرقات فقد شملتها أشغال التهيئة والتجميل ووشحت بعناقيد من المصابيح الكهربائية الملونة والأعلام الوطنية وللبلدان الشقيقة والصديقة المشاركة في تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2011". يسخر المركز الدولي للصحافة بتلمسان كل الإمكانيات اللازمة لتسهيل مهمة مراسلي الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية مشكلا بذلك الدعامة الإعلامية الهامة والضرورية للتظاهرة الدولية "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2011". فبعد افتتاحه في شهر فبراير المنصرم على مستوى المركز الثقافي "رشيد بابا أحمد" بمناسبة انطلاق المرحلة الوطنية للتظاهرة خلال الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف وضع المركز الدولي للصحافة كل الوسائل في متناول الإعلاميين للقيام بمهامهم في أحسن الظروف وضمان تغطية مستمرة لهذا الحدث الدولي الهام . "القوال" هو عنوان الفيلم الوثائقي حول الماضي العريق لتاريخ عاصمة الزيانيين للمخرج بوعلام عيساوي الذي قدم ضمن عرض أولي أمام الجمهور في سهرة أمس الأربعاء بدار الثقافة "عبد القادر علولة" لمدينة تلمسان. ويعد هذا الشريط الوثائقي الذي أنتجته وزارة الثقافة في إطار التظاهرة الدولية "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011" بمثابة دعوة لاكتشاف الكنوز التاريخية ل"جوهرة المغرب العربي" من معالم دينية عتيقة. وبالفعل يرافق المتفرج منذ بداية الفيلم الذي يدوم 54 دقيقة "القوال" كشخصية محورية للثقافة الشفوية الوطنية لاكتشاف مرحلة بعد مرحلة المعالم الأثرية والثقافية للمنطقة وأعلامها الذين تركوا بصماتهم الواضحة في الأعمال الفنية والأدبية والعلمية لعاصمة الزيانيين. من جانبهم عبر التلمسانيون عن شغفهم بالاحتفالية التي اعتبروها تاريخية بالنسبة لمدينتهم مؤكدين على أن عاصمة الزيانيين والتي نالت شرف تمثيلها للثقافة الإسلامية العام الجاري 2011، من طرف المنظمة الإسلامية للثقافة والعلوم ستبذل جهدها للعمل على إنجاح التظاهرة بالمقاييس الدولة ، منوهين إلى أن شرف الاستضافة سيعيد للمدينة دورها الريادي في نشر التراث الثقافي للمنطقة والحفاظ عليه .