ما تزال عملية مسح الأراضي متوقفة في بلدية «بوينان» الواقعة على المنطقة الجبلية وعلى السفح المتيجي للجهة الشرقية لولاية البليدة لحد الساعة، وذلك رغم انطلاقها منذ بداية عام 2010 من طرف مصالح مسح الأراضي، فالبلدية المذكورة تتربع على مساحة 7420هكتارا وتمثل منها المنطقة الجبلية 70 بالمائة والتي تتطلب عملية المسح من أجل تسوية الوضعية العقارية للمساحات الموجودة بها. وفي ذات السياق، تبقى 30 بالمائة من تلك المساحة موزعة عبر مراكز سكنية مستغلة من طرف أزيد من 80بالمائة من السكان في منطقة جد محصورة مقارنة مع باقي المساحة والتي لم تسو وضعيتها القانونية لصالح المالكين ب"الشيوع"، خاصة مع استحالة الحصول على رخصة البناء الريفي أو إنشاء مشاريع استثمارية ريفية بالمنطقة، وتعتبر بلدية «بوينان» وعاءا عقاريا هاما على مستوى الولاية أو على المستوى الوطني ككل، خاصة مع دخول محيط أراضيها مخطط المدينةالجديدة، غير أن المشكل الرئيسي الذي يواجه عملية مسح الأراضي والتي أقفلت فور الشروع فيها السنة الماضية يكمن حسب ما صرحه رئيس المجلس الشعبي البلدي أن عملية المسح تمت بطريقة لم تحفظ حقوق كل المالكين بالشيوع، كما تم الاعتماد على مخططات جد قديمة يعود عهدها إلى العهد الاستعماري، في حين أن البلدية المذكورة ذات طابع ريفي وأراضيها كلها ملك الشيوع ولعائلات جد واسعة ثم إن عملية المسح تمت دون استدعاء المالكين بل ودون أن يكون لهم علم بسريان هذه العملية حينها، من أجل تحديد أراضيهم ومعالمها، وتبعا لذلك قامت المصالح البلدية بالتنسيق مع رئاسة الدائرة بتقديم طلب لإعادة عملية مسح الأراضي لبلدية «بوينان»، خاصة وأن الطلبات كانت من طرف المواطنين المالكين. فحسب المراسلة التي تمت بين المصالح البلدية والدائرة لمديرية مسح الأراضي والتي حصلنا على نسخة منها فإن عملية المسح في المناطق الجبلية والريفية لذات البلدية لم تجر بصفة مدققة، إذ أن هناك مناطق لم تمسها عملية المسح نهائيا، في حين أن المادة 4 من المرسوم 76-62 المؤرخ في 25 مارس 1976 المادة المعدلة والمتممة بمرسوم رقم 84-400 الصادر بتاريخ 42 ديسمبر 1984؛ تنص على أن عملية المسح العام تشمل جميع العقارات، وقد طالب السكان في هذه المناطق بإفادتهم بمعلومات حول وضعية أراضيهم من عملية المسح والموزعة عبر مساحات واسعة تغطي 6مناطق رئيسية؛ «بوطبال»، «الكوايسية»، «سيدي سرحان»، «بني قينع»، «مركز الصفصاف» و«واد الحد». هذا كما تضمنت هذه المراسلة التي رفعت شهر جانفي المنصرم المطالبة بضرورة الإسراع في تمكينهم من شهادة الحيازة والتي تتطلبها جميع أشغال الإصلاح الريفي، أو على الأقل إعلام طالبيها بالقبول أو الرفض، ولا ينحصر مشكل مسح الأراضي في بلدية «بوينان» كما وصفه رئيس المجلس الشعبي البلدي فقط في تسوية الوضعية بغرض الحصول على الوثائق لا غير، بل يتعداه إلى أبعد من ذلك، ففي ظل الظروف الراهنة الصعبة والمشاكل الناجمة عن أزمة السكن والبطالة وغيرها يبقى كل من السكان والمصالح البلدية على السواء بحاجة إلى الإسراع في تسوية الوضعية من أجل تخطي الأزمات وفي مقدمتها أزمة السكن، فقد تصل نسبة المساهمة في توفير السكن إلى أكثر من 50 بالمائة ممن يملكون أراضي ولا يحوزون على العقود من أجل الحصول على رخصة البناء، أو من أجل امتصاص البطالة وذلك بإعطاء دفع جديد لمشاريع تنموية تنهض باقتصاد البلدية ككل، وتكفل حل مشاكل السكان فالمساحات السائدة تربتها جد خصبة وأغلبها حاليا غير مستغل نتيجة لوجود فئة عريضة تحتاج للدعم المادي من أجل ممارسة النشاط الفلاحي بأسلوب متطور، يعطي مردودا يتناسب ونوعية التربة والمناخ السائد، وهذا يستوجب عقدا للعقار، والملاحظ هو تسجيل تنوع كبير في نوعية المشاريع المقترحة والتي تنتظر الدعم كتربية الحيوانات بكل أنواعها بما فيها تربية النحل والتي تعتبر أكثر ملائمة . وفي انتظار تسوية الوضعية من طرف مديرية مسح الأراضي يبقى اقتصاد البلدية مرهونا، وتبقى مشاريع التنمية الريفية مجرد حبر على ورق ينتظر إعادة النظر على وجه صحيح ومدقق وفوق هذا معتمد على ما هو على أرض الواقع بعيدا عن المخططات "البالية"، خاصة وأن «بوينان» أدمجت في محيط المدينةالجديدة وأغلبية المواطنين إن لم نقل كلهم يملكون أراضي في الريف وأملهم الوحيد هو تسهيل الاستفادة من الدعم الريفي في مجال السكن، غير أن هذا سيبقى مرهونا بإعادة النظر في عملية مسح دقيقة وشاملة للأراضي .