أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، «بوعبد الله غلام الله»، أن تعيين مفتي الجمهورية «قرار سياسي» يتجاوزه من موقعه مسؤولا أولا على هذا القطاع، وقال إن الشخص الوحيد المخوّل باتخاذ هذا القرار هو الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة»، محذّرا من جانب آخر من مخاطر الإفتاء من دون الاستناد على الضوابط الشرعية والعلمية خصوصا في القضايا المتعلقة ب «الدماء والجهاد». جاءت تصريحات وزير الشؤون الدينية والأوقاف خلال ندوة صحفية عقدها أمس على هامش إشرافه على افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول موضوع «الفتوى بين الضوابط الشرعية وتحديات العولمة»، وهي المناسبة التي أطلق فيها بعض الملاحظات الخاصة بهذا الموضوع بالغ الحساسية، وذكر الوزير أن مهمة الإفتاء «لا بد أن تسند إلى ذوي الاختصاص بالنظر إلى خطورتها وأهميتها على السواء»، ودعا العلماء ممن تتوفر فيهم شروط الإفتاء إلى «ضرورة معرفتهم الدقيقة بالواقع الذي يعيشونه، حتى يتمكنوا من التصدي للفتوى المغلوطة». وأكثر من ذلك فقد حذّر «بوعبد الله غلام الله» من مغبة الإفتاء بدون ضوابط شرعية وعلمية، خاصة عندما تتعلق الفتاوى ب «مسائل الدماء والجهاد»، وخاطب جمع المشايخ الذين حضروا إلى مدينة تلمسان للمشاركة في هذا اللقاء قائلا: «أنتم الموقعون عن رب العالمين..وعليه فإن الشرط المهم والضروري هو معرفة المُفتي بأحوال الناس وظروف معيشتهم وبيئتهم»، قبل أن يُضيف: «نحن نعيش اليوم في عالم مفتوح على فضائيات دينية لا نعلم مرجعيتها ولا حدود علم مشايخها، فهي تفتي الناس فرقا وشيعا». وفي هذا السياق أكد الوزير «غلام الله» في سياق حديثه أنه لهذه الأسباب تحديدا قرّرت مصالحه تنظيم هذا الملتقى الديني من أجل الجمع بين العلماء وأهل الاختصاص والفقهاء لتجاوز هذا الإشكال، مؤكدا أن الهدف كذلك ما أسماه «وضع حد لفوضى الفتاوى العابرة للحدود» خصوصا مع حديثه عن عصر العولمة التي قال إنها لا تعترف بالحدود. ولم يكن غريبا أن يخوض وزير الشؤون الدينية والأوقاف في موضوع «مفتي الجمهورية» الذي لا يزال يثير الكثير من الجدل، حيث ألقى «غلام الله» بالمسؤولية في تنصيب مفتي للجزائر على عاتق رئيس الجمهورية، وأورد في هذا الشأن أن «القرار سياسي» يتجاوز وزارة الشؤون الدينية إلى رئاسة الجمهورية، واضعا بذلك حدا للجدل الدائر منذ مدة بين دائرته الوزارية وبين المجلس الإسلامي الأعلى، من جهة، وبدرجة أقل مع جمعية العلماء المسلمين. وكانت وزارة الشؤون الدينية قد راسلت مصالح الرسالة بخصوص هذا الموضوع منذ العام 2003 لكن دون الحصول على ردّ حتى الآن، ومعلوم أن الجزائر هي البلد الوحيد في العالم الإسلامي الذي لا يملك مؤسسة خاصة بالإفتاء تتصدى للفتوى، وقد عانت بلادنا الكثير مما يعرف ب«فتاوى التكفير والجهاد» التي لا يعرف لها لا أصل ولا فصل خلال الأزمة الأمنية التي عاشتها أواخر القرن الماضي. وفي غضون ذلك حذّر عدد من المشايخ والأساتذة الذين شاركوا في أشغال الملتقى الدولي حول «الفتوى بين الضوابط الشرعية وتحديات العولمة»، على وجوب توحيد الضوابط الشرعية وتحديد الشروط الضرورية لمن يتصدى للفتوى، واعتبروا ذلك بمثابة ضمان أساسي لغلق الطريق أمام «الفتاوى مجهولة المصدر»، وهي الفتاوى التي قالوا إنها تضر بالبلاد والعباد. وتجدر الإشارة إلى أنه يشارك في الملتقى الذي يدخل في إطار تظاهرة «الجزائر عاصمة الثقافة الإسلامية»، علماء ودكاترة من داخل وخارج الوطن من بينهم مفتي سلطنة عمان الدكتور «أحمد بن حامد الخليلي»، والدكتور «محمد الزحيلي» من سوريا وهو شقيق الفقيه «وهبة الزحيلي»، والدكتور «إسماعيل كاظم لواص» من العراق، والدكتور «عبد المجيد محمد إسماعيل» من دبي.