عطاف يستقبل المبعوث الخاص للرئيس الصومالي    وزارة الداخلية: انطلاق التسجيلات الخاصة بالاستفادة من الإعانة المالية التضامنية لشهر رمضان    توقرت: 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الجامعة العربية: الفيتو الأمريكي بمثابة ضوء أخضر للكيان الصهيوني للاستمرار في عدوانه على قطاع غزة    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    اكتشاف الجزائر العاصمة في فصل الشتاء, وجهة لا يمكن تفويتها    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الأسبوع الاوروبي للهيدروجين ببروكسل: سوناطراك تبحث فرص الشراكة الجزائرية-الألمانية    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بغرداية : دور الجامعة في تطوير التنمية الإقتصادية    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    عرقاب يستعرض المحاور الاستراتيجية للقطاع    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    هتافات باسم القذافي!    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    سيفي غريب يستلم مهامه كوزير للصناعة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. رؤوس الأموال الثقافية في جيب بارونات القرصنة
حقوق المؤلّف في الجزائر في لحظة المساءلة وعلى كرسي الحقيقة

تعيش الجزائر على غرار دول العالم واقعا معاصرا يتميّز بالتّطور التكنولوجي وانتشار أحدث التّقنيات في ظلّ التدفق المعلوماتي وظهور المجتمع الشّبكي، كلّ هذه المستجدات فرضت منطقها في انتقال حقوق المؤلف من وضعيتها الكلاسيكية إلى وضع جديد اتّسع فيه نطاقها من حيث استعمال وسائل حديثة للاستنساخ والنّشر وكذا استعمال الإعلام الآلي والإنترنت والبريد الإلكتروني، كما ظهرت حقوق جديدة تسمى بالحقوق المجاورة والتي أصبحت لها نفس الحماية التي تعرفها حقوق المؤلف.هذا ما ساهم بشكل أو بآخر في تشجيع الابتكار الوطني وتطوّر رؤوس الأموال الثقافية حيث أصبح لحقوق المؤلف أهميتها الاقتصادية، السياسية والاجتماعية، لكن في المقابل ظهرت ثغرات وسلبيات كالقرصنة وانتحال المصنفات دون رخصة والسرقات العلمية والأدبية... entr

بعد مرحلة من الفراغ القانوني الذي شهدته الجزائر في مجال الحماية القانونية لحقوق المؤلف، عرفت سنة 1973 حركية مميزة سواء على المستوى الوطني أو الدّولي، حيث صدر الأمر رقم 73-14 المتعلق بحق المؤلف كما أنشأ في السنة نفسها الديوان الوطني لحق المؤلف بموجب الأمر رقم 73-46، أمّا على الصعيد الدولي فقد انضمت الجزائر إلى الاتفاقية العالمية لحق المؤلف بموجب الأمر 73-26.
لاحقا تمّ إحداث صندوق مساعدة اجتماعية وإغاثة يخص شريحة منخرطين الديوان، حيث يقدم نشاطات اجتماعية للمساعدة والإغاثة والتكفل بالأعضاء المنخرطين، مما يمكنهم من الاستفادة من خدمات اجتماعية غير قابلة للتسديد، تتكفل جزئيا أو كليا بالنفقات الاستشفائية، وكذا منح علاوة تقاعد إضافية ثلاثية بعد 15 سنة من الانخراط، منح علاوة الشيخوخة الثلاثية عند الحاجة، تقديم مساعدة إنسانية ومادية في القيام بالمساعي الإدارية لدى الهيئات الاجتماعية.

لقد وضع الدّيوان برنامجا هاما لإحداث ترقية ثقافية من خلال فتح المجال لحاملي المشاريع الثقافية ومنحهم مساعدات مالية للمساهمة وتشجيع المبادرات المختلفة في شتّى مجالات الحياة الثقافية، حيث يغطي هذا الصّندوق كلّ النّشاطات التي تندرج في إطار المسرح، النشر، الأفلام، الفنون التشكيلية، كما يمنح رعايته للجوائز الأدبية والمهرجانات الثقافية.
يستفيد من الدّعم الإبداعي كل من تتوفر فيه الشروط إذا تعلق الأمر بجمعية ذات طابع ثقافي، بمواهب شابة، أو بمبدع في بداية المسار الأدبي أو الفني أو مبدع يتمتع بالشهرة وهذا قصد تثمين إبداعهم.
إذن المشاريع القابلة للدعم هي المشاريع التي ليس هدفها الرّبح، وتدخل في إطار إعادة التأهيل وتثمين التراث الثقافي التقليدي.
وعليه فإن المهمة الأساسية للديوان تتمثل في الحفاظ على التراث الثري للجزائر وكذا احترام حقوق المؤلف، حيث شرع الديوان في إنشاء لجان خاصة بجمع مؤلفات من التراث كالبدوي والشعبي والأمازيغي والأندلسي، و تتمثل عملية الجمع في استقاء كل المعلومات والنصوص والأشعار والتسجيلات الشفوية والفلكلور ذات الصلة بأنواع و أشكال التعبير الفني والثقافي المختلفة.
فالجزائر تزخر بتراث لامادّي وكنز ثقافي لا يقدر بثمن، إنّ دراسة ومعالجة هذا الموروث تمكن الدّيوان من جرده وتصنيفه حسب أنواع وأشكال التعبير وخاصة الحفاظ عليه في ظروف آمنة بأرشفته بكل الوسائط بما فيها الرقمنة.
وستكون هذه التسجيلات في متناول الباحثين والمكتبات والجامعات كما سيتم نشرها ووضعها على الخط لتمكين الجمهور الواسع من الإطلاع عليها.
لتسليط الضّوء على موضوع القرصنة اتصلت "الأيام" بمدير هيئة التّوثيق والتّوزيع "رابح باديس" الذي أكّد أنّ القرصنة ظاهرة عالمية لا تقتصر فقط على الجزائر، وهي ظاهرة جديدة وللتصدي لها حتما سنواجه صعوبات خاصة في غياب نصوص قانونية تضبط معالمها، ومع هذا فالديوان حاضر ويسعى لمتابعة ككل الظواهر التي تشكل تمس بحقوق المؤلف، فهناك متابعة ميدانية، حيث في حال نشوب خلاف حول ملكية مؤلف ما فالديوان يحاول كأول خطوة حل النزاع وديا، وفي حال فشل المسعى تحال القضية إلى العدالة لتأخذ مجراها ويكون الديوان طرفا شاهدا في القضية.
كما يتابع الدّيوان بعض حالات القرصنة التي يبلغ عنها للشرطة ويتم إحالتها للعدالة، حيث تجدر الإشارة إلى أنّ الديوان لا يملك صلاحيات التدخل مباشرة في حال ضبط حالات تلبس، حيث يتمّ الاستعانة بأفراد الشرطة.
وهذا ما يعتبر كعائق لمتابعة كل المخالفات، فالديوان ليس مؤسسة خاصة بل هو مؤسسة عمومية تابعة للدولة تتحرك في الأطر التّي تسمح بها قوانين الدولة.
كما يضيف من جهته ممثل الديوان أن المراقبة والقضاء على الظاهرة يبدأ من سلوكات الأفراد الحضارية وقناعاته في المساهمة في تشجيع الإبداع وهذا بعدم شراء المنتوجات غير الأصلية، حفاظا على صحّته من جهة بالنسبة للمنتوجات السّمعية البصرية، إضافة إلى الجانب الأخلاقي وهو عدم المساهمة في سرقة جهد الآخرين، وهكذا يساهم المواطن من خلال الوعي الثقافي والسلوك المتحضر في تشجيع المؤلفين على الإبداع وتقدير المجهود الفكري الذي يقومون به.
يسهر الدّيوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة على تسهيل عملية الانخراط للمؤلفين الجزائريين عبر التراب الوطني، وهذا ما جعل الديوان يشرع في فتح الانخراط عبر الخط وهذا ما سيتجسد قريبا، كما يسعى الديوان أيضا إلى توزيع المستحقات المالية لأصحاب الرنات والموسيقى المشحونة والمتداولة عبر الهواتف النقالة.

إنّ حماية حقوق مبدعي المؤلفات الفكرية تشّكل إحدى الأولويات في المجتمعات العصرية وفي الجزائر أيضا، وحقوق المؤلفين والفنانين نظمها الأمر 03-05، هذا النّص القانوني وضع نظاما يرمي إلى ترسيخ حماية العمل الإبداعي في مجال مؤلفات الفكر ورفعه إلى مستوى الممارسات الدّولية.
إنّ الدّيوان التابع لوصاية وزارة الثقافة من أبرز مهامه خدمة وتمثيل المؤلفين والإبداع الأدبي والفني، وبالتالي فهو يضمن التّسيير الجماعي لمجمل المصنفات والمؤلفات الفكرية ويحصل بمقتضاها عن إتاوات حقوق المؤلفين والحقوق المجاورة لدى مستغلي ومستعملي هذه المؤلفات مهما كان نوعها.
وفي هذا الإطار يسعى الدّيوان منذ عدة سنوات إلى تأسيس مجموعة من الآليات تضمن احترام الحقوق المعنوية والتراثية للمؤلفين والعمل على ترقيتها نحو مستويات أكثر ملائمة ومطابقة لتطور أشكال استغلال واستعمال هذه المؤلفات.
وذلك اعتبارا لكون التطور المتواصل لتكنولوجيات الإعلام و الاتصال مكن من استعمال متزايد وأحيانا مفرط وبلا خدود للمؤلفات والخدمات الفنية عبر أشكال جديدة متعددة الاستعمال مثل الهاتف النقال، الإشهار، الوسائط المعلوماتية، مواقع الإنترنت وكلّ وسائل الاتصال العمومي الأخرى، مما يشكل مساسا خطيرا بذوي الحقوق الذين يعرفون تدهور مستمر لمصدر عيشهم. لذا فإن الدّيوان يدير وجهه نحو المستقبل ويقوم بكفاح يومي من أجل توعية المجتمع المدني حول حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
ولهذا الغرض فإنّه يقحم كل فضاءات التّعليم قصد تعبئة الأجيال الصاعدة لحماية حقوق الملكية الفكرية و ترقية حقوق أسرة الإبداع، وهكذا يبقى الديوان بآذان صاغية لنبضات الحياة الثقافية بتنوع أشكال التعبير الفني.

إنّ المطالع للنّصوص القانونية سارية المفعول المتعلّقة بالملكية الفكرية، يكتشف أنّ غالبية القوانين أعدت في سنوات الستينيات حيث لا تستجيب لمقتضيات المرحلة الحالية، فالقوانين المتعلقة بالاختراعات وكذا حقوق المؤلف والحقوق المجاورة قد تمّ تنظيمها مؤخّرا حسب الحاجة.
التعديل مس بنصين حديثين نسبيا وهما على التوالي: المرسوم التشريع رقم 93/17 والأمر 97/10 وبالتالي فهي تستجيب إلى حد ما للوضع الاقتصادي، أما عن النصوص المتعلقة بالعلامات، تسميات المنشأ والرّسوم والنماذج، فهي نصوص قديمة حيث كان الوضع الاقتصادي للبلاد يختلف عما هو عليه الآن.
والرأي الغالب الآن هو إعداد قانون موحد ليتكفل بحماية الملكية الفكرية خاصة وأن الجزائر تتأهب للإنضمام للمنظمة العالمية للتجارة، كما أن قانون موحد يسهل على المؤسسات العمومية تطبيق الأحكام والآليات بصورة واضحة كما يسهل العمل لرجال القضاء ويسمح للمجتمع المدني أخذ صورة واضحة حول الآليات المخولة له في مجال حماية الملكية الفكرية.
كما يرى رجال القانون فلعل التغيير لابد من أن يمر عبر المحاور الآتية لزوما:
1-تعريف عام وواضح لظاهرة التزييف والقرصنة باعتبارهما كل فعل يمس بحقوق الملكية الفكرية.
2-وضع نظاما جزائيا صارما من حيث العقوبات الأصلية أو العقوبات الفرعية.
3-توضيح بدقة الإجراءات والآليات التي تسمح لمختلف السلطات العمومية بالتدخل بفعالية وبالسرعة اللازمة.
توسيع آليات تدخل أجهزة الرقابة والتفتيش
لا يمتلك أي نص قانوني قيمة فعلية إذا لم يوضح بدقة آليات التدخل الميدانية للسلطات العمومية كالجمارك ومصالح قمع الغش و الضرائب...إلخ
فالمشكل الذي تعاني منه الجزائر هو وجود نصوص قانونية مجردة غير متبوعة بنصوص تطبيقية، فالمادة 22 من قانون الجمارك تمنع التجارة في المواد المزيفة مع إحالة التطبيق على نص تنظيمي، الذي لم يظهر للوجود لحد الساعة.
-إلى جانب توضيح الآليات في النصوص التنظيمية، يجب توسيع هذه الأخيرة لتواكب تطور التدفقات الدولية، وهذا باعتماد التوصيات الآتية:
1-إعطاء صلاحيات واسعة لمختلف هيئات الدّولة للتدخل في حال معاينة مخالفة تمس الملكية الفكرية.
2-تقوية التعاون والتنسيق بين السلطات التي خول لها القانون حق التدخل مع السلطات الإدارية المختصة بموضوع الملكية الفكرية وهي:
أ-الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة.
ب-المعهد الوطني للملكية الصناعية.
3-تفعيل العلاقة التي تربط السلطات العمومية بالمجتمع المدني.
4-عصرنة الجهاز القضائي لمواجهة جرائم العصر
لقد أدى تطور نظام حماية الملكية الفكرية إلى توسيع القاعدة القانونية التي يعتمد عليها القاضي في تكييف التجاوزات الحاصلة في هذا المجال من أجل إقرار العقوبات الملائمة، غير أن الواقع يبين نقصا ملحوظا في المؤهلات المعرفية لدى القاضي بشكل يفتح المجال أمام ضعف في القرارات و الأحكام القضائية مما قد يمس بنظم الحماية المقررة لصاحب الحق، هذه الوضعية تمثل مبررا كافيا لاستيعاب حتمية تكوين القاضي وتأهليه في هذا المجال.
5- كما يجب نشر الاجتهاد القضائي، الذي يظل مصدرا أساسيا لعمل القاضي وأداة يجب الاهتمام بها من أجل تطوير دور العدالة في محاربة التزييف وإعلام كافة المتدخلين في مجال حماية الملكية الفكرية بمستجداته لاسيما إدارة الجمارك، الدّيوان الوطني لحقوق المؤلف، المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية.
6- ترقية دور الفرد والمجتمع المدني في مجال حماية الملكية الفكرية.
7- إعطاء تسهيلات لصاحب الحقّ في الدفاع عن ملكيته الفكرية.






السّؤال الأوّل: تعيش الثّقافة في الجزائر واقعا مربكا بعض الشّيء...فالعلاقة بين المثقف ومتلقيه مزرية للغاية والتّجسير بين المثقفين هش... فهل هناك حيثيات أو أطر يجب على الجهات الوصية وضعها لمعالجة هذا الشحوب الثقافي؟

المشكلة حقيقية بدون تضخيمها بمعنى أنها ليست العامل الحاسم في العملية الأدبية لأن قانون العملية الإبداعية يتجاوز الضغوطات والمحبطات مهما كانت قوتها. ومع ذلك هناك وضع ثقافي وطني مرتبك وغير طبيعي في مساراته اليومية. هناك انتشار غريب في السنوات الأخيرة للبغضاء و الحسد ونزعة التدمير الذاتي التي لا تخدم حتى الفرد الذي يطلق العنان لداخله المريض. كم من رواية صدرت في السنوات وكم من اهتمام كان في صالح هذه النصوص؟ لقد أنتج كتابنا نصوصا متميزة أقول هذا بدون مبالغة ومع ذلك لا اهتمام؟ بل هناك ضرب في العمق. طبعا أعرف أن لا قوة توقف الجهد الإبداعي الأصيل ومع ذلك فالفعل مؤذ بالخصوص لهشاشة أدبائنا في عز صعودهم. هذا الوضع كاد لأن يؤدي إلى سكتة أدبية بالنسبة لشاب متميز كسمير قاسمي، ودفعت بشاعر لا يقل قيمة عن غيره من الشعراء مثل عادل صياد الذي دفن نصوصه بغض النظر عن رأيي في الفعل، وقبل أيام وصلني خبر من صديقي الأعز الروائي عز الدين جلاوجي رغبته في حرق كتبه حالة ذكرتني بأبي حيان التوحيدي عندما أحرق كل ما كتب احتجاجا على وضع لا مكان فيه للمثقف الأصيل. مظاهر متعددة الزوايا الأدبية والنفسية والاجتماعية، تحتاج إلى تأمل عميق وليست حالات طارئة. تدل على وجود خلل مربك في الوضع الثقافي العام. وضع الكاتب في بلادنا قاهر جدا ومحزن جدا. ليس فقط في المقروئية التي هي فعل يحتاج إلى تأسيس حقيقي وتاريخي يبدأ من المنظومة التربوية الهرمة والمعادية لأي فعل قرائي، ولكن في المناخ العام الذي يضع الثقافة في وضعية العجلة الخامسة.

السؤال الثاني: في هذا السياق عشنا مؤخرا حالات من قرصنة الملكيات الفكرية والسرقات الأدبية والأكاديمية أيضا والتي لا تعد ظاهرة جديدة على الراهن الثقافي الجزائري بل حتى على الصعيد العربي وتفاصيل ما حدث مع أحلام ومشكل محمد بنيس و غيرهما لا تزال تحفظها الذاكرة فما تعليقك على هذه الظاهرة؟

باستثناء حالة السيد أو الدكتور باعلي الذي نزعت منه جائزة الشيخ زايد حفاظا على قيمتها الرمزية، بدون أن تسحب منه قيمتها المادية التي حجّ بها حجج العائلة كما اعترف هو بنفسه، الباقي لا علم لي به. أحلام لم يثبت ضدها أي شيء وقد رفعت قضية ضد من اتهمها وربحتها فأين السرقة الأدبية في هذا سوى أحقاد دفينة في بلد لا يقبل فيه النجاح المحلي؟ قضية بنيس بوجدرة ظلت حديث المقاهي ولم تتحول إلى قضية عدالة. مات من أثارها عمار بلحسن وبختي بن عودة ونسيها بنيس و بوجدرة ولم تثبت السرقة مطلقا. يجب الحذر فالسهولة في الكلام تقلل من جدية البحث. ما عدا ذلك، لم أسمع أن شخصا رفع قضية ضد شخص سرق كتابة. يجب أن نحذر كثيرا من التهم الجاهزة هذا لا يخدم لا الثقافة ولا المثقفين. ظاهرة القرصنة موجودة عالميا، هذا صحيح خصوصا بالنسبة للكتب الناجحة مثل كتاب دافنشي كود أثيرت حوله زوبعة عالمية ولم تنته قضائيا إلى أي شيء وخط النص طريقه. ولكن إثبات التهمة صعب جدا وهناك قانون بمكن أن ينقلب على المتهم، بفتح حرف الهاء، وتطلب منه تعويضات كبيرة للضرر الذي تسبب فيه؟ كثيرا ما تستعمل كسلاح لضرب كاتب مرموق لأنك عندما تتأمل المادة المتهمة أنها مسروقة لا تجد شيئا من ذلك. يجب أن نعرف أيضا أن السرقة الأدبية والقرصنة هي مسألة قضائية تتعلق بالعدالة لان بها سطو على جهد الغير، ولهذا يجب أن نحذر قبل اتهام الناس قبل الحصول على تأكيد قضائي يفرض التعويضات للمتضرر. الكثير من هذه التهم تكون مشروطة بأحقاد مسبقة وجاهزة وليس أكثر. نعرف أن الوسط الأدبي كغيره من الأوساط له أمراضه المختلفة وفي العادة اللي ما يلحقش العنب يقول عليه حامض؟

السؤال الثالث: هل القوانين الردعية غير كافية لمحو الظاهرة من جذورها؟

هذا سؤال قيم ولكن يجب أن يُطرح على الذين يشتغلون في سلك القضاء وديوان حقوق التأليف، فهم أعرف جيدا بالتفاصيل القانونية والمواد الردعية في هذا الموضوع. أن تتهم شخصا عليك أن تستعد للحجاج القضائي وإلا فكلامك فارغ ويمكن أن تضطر لدفع ثمن الضرر الذي تسببت فيه للغير. سمعت كثيرا من هذا الكلام، وفي الأغلب الأعم يكون وراءه أناس فاشلون ومهزومون أدبيا يتحركون من خلال أسماء مستعارة أو من خلال أشخاص آخرين وقليلا ما يتورطون بشكل مباشر لكن المطلع على الوضع الثقافي يعرف التفاصيل الخفية ويعرف أن المسالة لا تعدو أن تكون غيرة مرضية لا تستحق إلا الحبر الذي نخسره في الرد عليها.

السؤال الرابع: بتعدد وسائل الإبداع والإتصال تعددت طرائق السطو والقرصنة...يمكننا إذا اعتبار النت جلادا و ضحية في الآن ذاته؟

هذا صحيح هذه الوسائط سهلت مهمة السرقة بالخصوص في السياق الجامعي بما يسمي بظاهرة Copier – Coller ولكن هذا إن كان مرفوضا فهو لا يمس إلا فئة طلابية محدودة لكن الظاهرة عالمية، صادفتها حتى عند بعض طلبة السوريون نفسها لكن الصرامة هنا واضحة. يمكن أن ينتهي الأمر بالطالب إلى عقوبة من المجلس التربوي. في مجال الكتابة الإبداعية لا أظن أن المسالة بكل هذه الأهمية. ثم يجب أن نعترف بأن المواقع والوسائل الحديثة سهلت كثيرا وسائل الاتصال ووسائل الاستفادة أيضا.

السؤال الخامس: من منظورك العارف لعالم الثقافة و الأدب محليا و عربيا وعالميا...أين يكمن الخلل بالضبط و ما البدائل المعالجة لهذا الداء الفكري و الأدبي و الأخلاقي أيضا؟

طبعا من حيث المبدأ، جهد الناس محترم ومقدس ولا يحق لأي شخص مهما كانت قيمته الأدبية والثقافية أن يغتصبه أو يسطو عليه. في هذا السياق لا يوجد رادع حقيقي إلا الرادع القضائي، أي بتفعيل الأدوات القانونية التي لا ترحم السارق ولكنها في الوقت نفسه لا ترحم أيضا من يتسبب في ضرر شخص اتهم بالسرقة وهو منها براء. ليتعلم الناس كيف يحترمون بعضهم البعض مثلما هو موجود في كل بلدان العالم. ولا أعتقد في حدود علمي أن المسالة وصلت إلى هذه الخطورة في الجزائر؟ ربما لا غابت عني بعض التفاصيل، ولكني إلى اليوم لم أقرأ عملا جادا في هذا السياق حيث يأتي صاحبه بكل القرائن والدلائل التي تؤكد ثبوت السرقة. هناك طبعا من يهذي طبعا يوميا، ويرى في كل كاتب ناجح سارق لإبداعاته العالمية العظيمة؟ هذا شغله لأنه في النهاية يحتاج إلى طبيب نفساني وليس إلى أديب. C'est un cas pathologiqueويجب أن نتعلم أن لا نأخذ ه بجدية.





أعتقد أنّ الجزائر كانت إلى وقت قريب من بين المساهمين الفاعلين في اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، ومن بين الأعضاء البارزين في المنظمة العالمية للملكية الفكرية حتى أواخر التسعينيات، لكن دورها الآن تراجع بحكم تراجع الأوضاع فيها ككل، وأصبحت من بين الدول المتهمة باختراق تلك الاتفاقية العالمية، وهو ما دفع بالكثير من الشركات العالمية التي تتعامل مع الأفكار والاختراعات أن تنسحب من السوق الجزائرية، أو لا تفكر إطلاقا في دخولها.

بالموازاة مع ذلك، تشهد الجزائر تراجعا كبيرا في حقوق المؤلف، وهو تراجع يعود بالدرجة الأولى إلى فشل ديوان حقوق المؤلف في القيام بواجبه إزاء حماية المصنفات الأساسية للأمة. بل اكتفى بالتّركيز على الحقوق المجاورة، أي تلك الحقوق الهامشية بالنسبة للملكية الفكرية، مثل فناني الأداء، وعازفي الآلات الموسيقية ومنتجي التسجيلات الصوتية الخ... لذلك نجد أن مطربا من الدرجة العاشرة أو ضارب دف يتقاضى من حقوق المؤلف ما لا يتقاضاه المفكر والأديب والمخترع.

هذا الوضع أتاح الفرصة للسرقات الفكرية والأدبية، والتي وصلت في الجزائر إلى حد السرقات الأكاديمية، أي الأطروحات التي ينال أصحابها شهادات عليا في الجامعة، ويصبحون بالتالي أساتذة للأجيال القادمة. ناهيك عن السرقات الأدبية التي تصل أحيانا إلى استنساخ نصوص بكاملها ووضع اسم اللص على رأسها وكأنها من اجتهاده دون أن تتحرك الجهات المعنية لمعاقبته. وهكذا يتحول كتاب مغمورون بلا موهبة إلى أدباء وأعضاء مشهورين في اتحاد الكتاب دون أن يردعهم رادع.

طبعا، أول من يتحمل مسؤولية ذلك هو القانون الجزائري الذي لا يولي اهتماما يذكر لهذا الإنتاج المهم في حياة الأمة، فحتى الآن لا نجد قوانين تحمي هذه الفئات المبدعة والمخترعة. وبعد ذلك تأتي مسؤولية الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي لا يولي اعتبارا لهذه المسألة، ربما بحكم أنّها غير مقننة أصلا بالنسبة له. كما أن المبدعين والمخترعين ومنتجي الأفكار يسكتون أيضا على مثل هذه الممارسات المهينة لاعتبارات في الغالب قسرية، وربما حتى تهاونية إذا صح التعبير.

أعتقد أنّ الحلّ يكمن في وضع قوانين حاسمة لحماية مؤلفينا ومخترعينا، وتطبيق هذه القوانين، ومعاقبة لصوص الأفكار بصرامة، وإلا سيغرق السّوق الجزائري بالمنتجات المقلّدة من الآداب والفنون والمخترعات مثلما هو حادث حاليا.





السّرقات الأدبية.. هناك أمور يجب أن توضّح.. لا أحد ملزم بنقل الملكية للغير..أن تكون صاحب موهبة فذلك شيء رائع وإن لم تكن في الحقل الأدبي فهناك حقول أخرى يمكن أن تنشط فيها.. إنها تتعلق بالقضايا القانونية، والعلاقات الدّولية تفرض قوانين واضحة وتكون هناك مؤسسات دولية وأخرى وطنية تعمل على مراقبة الإنتاج الفكري وحمايته، مهما يكن الأمر فالقبض على ملامح هذا الدّاء قضية صعبة للغاية بالنظر لتعدّد الكتابات وصعوبة الكشف عن السّطو.. فذلك الأستاذ الذي سحبت منه الجائزة الأكاديمية والقضية معروفة تابعت مسألته عن قرب وكان الكتاب بين يدي قبل توافره في السّوق.. هناك مقاطع منسوخة وصاحب الكتاب لم يذكر الهوامش ولم يعلق بين المقاطع.. هنا أعود لمحور الرّقمنة والعولمة فالإنترنت سلاح ذو وجهين فهي مباحة للجميع وهذا ما يشكّل خطر الأخذ من كتاب وآخر ومن موقع وغيره.. مع هذا التأثير السّلبي يصعب الوصول على المصدر الأصلي.. وتكون الإشارات كافية، على الصّعيد الشّعري، سطو بعض الشّعراء قد يكون عند ترجمة عمل ما وإذاك لا يمكن أن تكشف الأمر.. إن الجانب الردعي في المستوى فهناك هيئات وطنية من شأنها تولي الأمر كاتحاد الكتاب العرب واتحاد الكتاب الجزائريين لكن الأمر غير كاف.. فيجب وضع قانون وطني وعربي صارم.. كفانا من العقوبات الارتجالية.. الوضوح والصارمة السياسية القانونية هي ما نحتاج إليه وعليه وجب استحداث هيئات أخرى خاصة.





رحم الله زمنا، كانت فيه السرقة الفكرية والأدبية، تحتاج إلى مرجع مفقود أو شبه مفقود، وتحتاج أيضا إلى جهد حقيقي في النقل من هذا الكتاب إلى تلك الصفحات التي تنشر في بعض الصحف أو المجّلات أو بين دفتي كتاب. وفي العصر الرقمي هذا أصبح الأمر لا يحتاج إلا إلى تحديد النص، ثم النّسخ وبعدها اللصق، ومن هنا وصف عصرنا هذا بعصر النسخ واللصق، وتفنن في ذلك الصّحفيون وأصحاب البحوث والمداخلات الجامعية والأدباء. ومقابل هذه السّهولة في النقل، أصبحت هناك سهولة أكبر في كشف السارق، ولا يحتاج الأمر إلا إلى نسخ جملة من المتن ثم وضعها على محرك البحث غوغل يحيلك مباشرة على النص الأصلي.

ويبدو أن أمر النسخ واللصق هذا، أقدم بكثير من العصر الرقمي، وحتى أصبح أمر السرقات الفكرية والأدبية من أقدم المهن في التاريخ. وكان الأمر شبه مقتصر على سرقات الشعراء والأدباء من أجل الشهرة بالدرجة الأولى. لكن الأمر تعدى ذلك إلى سرقات للبحوث والرسائل الجامعية، وأصبح بإمكان أحدهم أن ينجز رسالة في ساعات معدودات بفضل المشرف الأول السّيد غوغل. وطال الأمر شهادات الدكتوراه التي لم يعمل البعض فيها إلا على «جزأرة» و«تحيين» رسائل جامعية أجنبية. وبدا أن الكثير من الجامعيين في مأمن من «كشف المستور» لأن رسائلهم بقيت داخل أدراج الجامعة، لولا أن البعض غامر ونشر منتوج غيره المنسوخ ضمن كتب لعموم الناس، ومن هنا جاءت الفضيحة تلو الأخرى. وما نخشاه هو أن تتمّ رقمنة التراث الجامعي بالكامل وساعتها، يصبح من الصعب بل من المستحيل أن نجد إنتاجا علميا أصيلا. إنّها التداعيات الخطيرة للثورة الرقمية التي ستسقط الكثير من الآلهة المزيفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.