يمثل قانون الانتخابات الذي صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرا ورفعه إلى الحكومة أول إشارة إلى عمق الإصلاحات السياسية التي سيناقش البرلمان قوانينها الأساسية خلال الدورة الخريفية الحالية، ورغم اختلاف المواقف والمخاوف السائدة حول إمكانية تمييع الإصلاحات من قبل الإدارة فإن السقف الذي وضعه قانون الانتخابات رسم ملامح إيجابية للمشروع السياسي الذي ينتظره الجزائريون. قانون الانتخابات يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى أنه سيكون القاعدة التي يبنى عليها البرلمان القادم والذي سيتولى النظر في مشروع تعديل الدستور، ولعل الرئيس بوتفليقة أراد قانونا للانتخابات يسد كل الثغرات التي كشفتها التجارب السابقة، ومن هنا فقد حاول التعامل مع النقائص التي أثارت جدلا سياسيا في السنوات الأخيرة، وأكثر من هذا أراد أن يقدم حلولا لظواهر سياسية سلبية تطورت خلال العقدين الماضيين وأصبحت تمثل تهديدا لمصداقية العمل السياسي. الخيار الذي اعتمده الرئيس بوتفليقة في الإصلاح قام أساسا على تعديل قانوني الأحزاب والانتخابات، وهذه التعديلات ستكون معنية بها كل الأحزاب دون استثناء، وهذا يعني أن البداية تكون باعتماد قواعد جديدة للعبة الديمقراطية تحظى بموافقة الجميع، وقد أشار إلى هذا الأمر في شهر جويلية الماضي عندما تدخل أمام مجلس الوزراء الذي ترأس اجتماعه بالقول : "ومهما يكن من أمر يجب أن تودع كافة المشاريع هذه لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني في أجل أقصاه بداية دورته الخريفية المقبلة كي تناقش ويصوت عليها كلها خلال الفترة التشريعية الحالية . إن الأمر يتعلق هاهنا بهدف سياسي مهم بالنسبة للجميع سيتيح تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية وفقا للقوانين الجديدة"، وعلى أساس هذه القواعد سيتم إجراء الانتخابات التشريعية القادمة، وبعدها يتم الانتقال إلى الخطوة التالية : "وأما مشروع مراجعة الدستور فإنني عازم على عرضه على البرلمان بعد الانتخاباتالتشريعية المقبلة، وقد اخترت هذا لأسباب موضوعية منها أملي في أن يتم تنظيم الانتخاباتالتشريعية المقبلة في كنف الشفافية التامة وتفضي إلى تمثيل كافة الأحزاب السياسية