ما كان يتوقعه الجزائريون منذ بداية التقلبات الجوية أصبح في حكم الحقيقة بعد أن تحوّل غيث الأمطار والثلوج الذي شهدته العديد من ولايات الوطن إلى فرصة مواتية للمضاربين من أجل إحكام سيطرتهم على تموين السوق بالمواد ذات الاستهلاك الواسع، فقد عرفت أسعار الخضر بالأساس خلال الأيام الثلاثة الأخيرة ارتفاعا جنونيا يُضاف إلى معاناة العائلات اليومية مع تدني درجات الحرارة إلى مستويات قياسية. استنكر عدد من المواطنين الذين صادفناهم خلال تواجدنا أمس بإحدى الأسواق الشعبية بالعاصمة، الارتفاع القياسي في أسعار الخضر بوجه خاص في الأيام الأخيرة، وقد ترك غالبيتهم الانطباع بأنهم غير مقتنعين بالتبريرات التي قدّمها تجار التجزئة باعتبارهم عادة ما يُحمّلون نظراءهم في أسواق الجملة المسؤولية في هذه الوضعية التي تزامنت هذه المرة مع مرارة التقلبات الجوّية. وينطبق هذا الحال عموما على كافة المناطق التي مسّتها الاضطرابات المناخية منذ الخميس الماضي، وأكثر من ذلك فإن الأجواء أصبحت تتجّه تدريجيا نحو الكارثية أمام غياب التكفل بانشغالاتهم ليس فقط تحت مبرّر غلق أغلب الطرقات والمسالك بفعل الكميات المعتبرة من الثلوج المتساقطة منذ نهاية الأسبوع المنقضي، ولكن أيضا أمام عدم توفر الوسائل الكفيلة بإخراجهم من محنتهم التي قد تطول إن استمرّ الوضع على ما هو عليه. واللافت على مستوى غالبية مناطق العاصمة هو تسجيل ندرة حادة في أكياس الحليب، وهو الأمر الذي كانت له تداعيات سلبية لأن محلات المواد الغذائية اعترفت بعجزها وأبعدت عن نفسها أية مسؤولية، ولذلك فقد تم تسجيل نقص ملحوظ في توزيع هذه المادة الضرورية على مستوى المنطقة الغربية للعاصمة التي تُعاني من هذه الظاهرة منذ أكثر من أسبوع، خصوصا في بلديات الشراقة، بابا أحسن، أولاد فايت، الدويرة، خرايسية، إضافة إلى أحياء أخرى وسط العاصمة كما هو الشأن بالنسبة إلى حي باب الوادي. وخلال الجولة التي قادتنا إلى سوقي «علي ملاح» و«كلوزال» وسط العاصمة أمس شدّ انتباهنا الارتفاع الجنوني في مختلف الأسعار سواء الخضر أو حتى اللحوم على خلفية موجة البرد والثلوج المتساقطة منذ أيام، حيث تعذر على الفلاحين جني منتوجاتهم على مستوى الحقول مما خلق ندرة في الأسواق انعكست مباشرة على الأسعار، في هذا السياق تراوح سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا بين 70 و80 دينار واللفت 100 دينار والجزر 90 دينار. وحسب المؤشرات التي سجّلناها بعين المكان فإن بقاء الأحوال الجوية على هذا النسق يرشح لهيب الأسعار لأن يكون أكثر حدّة من برودة الطقس، وقد اغتنم المضاربون الفرصة من أجل إحكام سيطرتهم بعد أن وصلت الأسعار إلى مستويات تزيد بأربع إلى خمس مرات عما كانت عليه الأسبوع الماضي، وعلى سبيل المثال فإن سعر الكيلوغرام الواحد من الخيار بلغ 150 دينارا، و80 دينارا بالنسبة إلى البسباس. أما «الفلفل الحلو» فقد استقرّ أمس في حدود 140 دينار، و170 دينار بالنسبة إلى «الفلفل الحار»، في وقت بلغ فيه سعر الكيلوغرام الواحد من الجلبانة 160 دينار، والقرنون ب 100 دينار، وبين 100 دينار إلى 130 دينار بالنسبة إلى الطماطم، أما سعر الكيلوغرام من القرعة فيتراوح هو الآخر بين 120 و140 دينار، وحتى البصل الأخضر ب 60 دينارا. وعند استفسارنا عن حقيقة هذا الوضع أرجع تجار التجزئة هذا الارتفاع إلى النقص الملحوظ في تزويد أسواق الجملة بهذه المنتوجات بسبب عدم تمكن عديد الفلاحين من جني الكميات التي تعودوا عليها بعدما غطتها الثلوج، وهو ما أدى، حسبهم، بطريقة آلية إلى زيادة في الأسعار، وأخطر من ذلك فإن هؤلاء التجار لا يستبعدون استمرار هذا الوضع في حال تواصل تساقط الأمطار. ولا يختلف الوضع كثيرا عندما يتعلق الأمر بأسعار اللحوم البيضاء والحمراء، لأن الدجاج ارتفع سعره إلى 380 دينار للكيلوغرام الواحد في الأسواق الشعبية وإلى 400 دينار في محلات التجزئة، كما تراوح سعر «السكالوب» بين 690 و750 دينار، فيما لم يظهر أيّ أثر للسمك بمختلف أنواعه بعدما لم يتمكن الصيادون من أداء عملهم. أما اللحوم الحمراء التي تبقى خارج حسابات الأسر الفقيرة والمتوسطة، فبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الخروف بين 1100 و1300 دينار.