أبهر الفيلم الجزائري “قراقوز” المشاهدين المصريين من نقاد وجمهور، خلال عرضه في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الروائية القصيرة، لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، حيث شهد العرض حضورا جماهيريا غفيرا.وهناك من النقاد من اعتبره بداية الانطلاقة القوية للسينما الجزائرية.. وتدور أحداث الفيلم حول قصة أب وابنه يعملان في فن ”العرائس”، تبدأ الأحداث بخروج الاثنين من منزلهما القروي، ويركبان السيارة في اتجاه إحدى القرى الصغيرة المحيطة بهم، لتقديم عرض للأطفال. وفي طريقهما تعترضهما مجموعة من المتطرفين الذين ينظرون إلى عمل الأب بسخرية ويحرمونه، فيقومون بإتلاف بعض تلك الدمى، ومع ذلك يصر الأب على مواصلة طريقه ويقدم عرضه للأطفال بحطام الدمى التي كسرها أولئك المتشددون. وقد لقي الفيلم إعجاب النقاد والجمهور الذين حضروا العرض، وقال الناقد رامي عبد الرازق، إن فيلم ”قراقوز” واحد من أهم وأبرز الأفلام الروائية القصيرة الجزائرية التي أنجزت في الفترة الأخيرة، لما يحتويه من قيمة فنية عالية. وأضاف: ”تطرق المخرج إلى قضية سياسية مهمة وشائكة دون أن يدعي أنه يتحدث في السياسة، مثلما يفعل البعض، حيث تناول التشدد الديني التي يصل أحيانا إلى حد التطرف، وهو ما تعاني منه عديد من الدول العربية، في ظل رفض المتشدّدين الفن، وتصديهم لحرية الإبداع والفكر. وأوضح أن المخرج عبد النور زحزاح عالج القضية برقة سينمائية جديدة باختياره ”دمية” بطلة للفيلم، كما دعم الخط الإنساني والسياسي للفيلم، من خلال اللقطة التي كانت تحمل فيها طفلة دمية قراقوز، فأخذها منها أحد المتشددين وحطمها. وفي المقابل طلب من الطفلة أن تسقيه ماء فأعطته، بالرغم من المسافة البعيدة التي يحضرون منها الماء، ولم تكلفه عناء قطع مسافة نصف يوم. وبالرغم من القهر الذي يعاني منه المبدع، فإنه يصرّ على تقديم عرضه للأطفال لبعث الفرحة في نفوسهم. ورأى أحد النقاد المصريين أن ”الفيلم يؤكد على أن المستقبل للجيل الجديد، ولن يكون وجود لا للعسكر ولا للمتشددين”. من جهته، يرى الناقد أشرف بيومي أن ”قراقوز” رسالة لكل فنان يدعي أن عدم وجود الإمكانيات تعيق عمله، لأن الفنان المبدع يعمل تحت أي ظرف مهما كانت المعوقات التي تواجهه. كما يؤكد الفيلم على أهمية الحفاظ على هذه المكتسبات الفنية، من خلال إنشاء معاهد لتدريس هذه الفنون حتى لا تندثر، باعتبارها وسيلة من وسائل التعليم لوجدان الأطفال، كما يدعو الفيلم إلى ضرورة الاهتمام بالفنان ومراعاتهم وحمايتهم من قهر وقيود السلطة. وأضاف الناقد أن الفيلم ينبئ بعودة قوية للسينما الجزائرية، التي غابت لفترة طويلة عن المشاركة في مختلف المحافل العربية والدولية. يذكر أن فيلم “قراقوز” سبق أن حصل على نحو 9 جوائز دولية أبرزهما الجائزة الدولية الكبرى بمهرجان كندا للفيلم القصير، كما نال جائزة المهر الذهبي في الدّورة ال 22 لمهرجان السّينما والتلفزيون الذي أقيم في بوركينافاسو.