التزم وزير الداخلية الليبي بالردّ على طلب الجزائر الرسمي من السلطات الجديدة في طرابلس بإلغاء قرار فرض التأشيرة على الجزائريين، ويبدو أن زيارة «فوزي عبد العال» إلى بلادنا قد أنهت كل المسائل الخلافية التي خيّمت على العلاقات الثنائية في أعقاب سقوط نظام العقيد الراحل «معمر القذافي»، وهي الزيارة التي انتهت أمس باستقباله من طرف رئيس الجمهورية. خرجت الزيارة التي قام بها وزير الداخلية الليبي إلى الجزائر خلال اليومين الأخيرين، إلى تبني الكثير من القرارات الإيجابية التي من شأنها أن تفتح صفحة جديدة في علاقات التعاون بين البلدين، وهو ما ظهر واضحا في مضمون «محضر الاتفاق» الموقع أمس من طرف «دحو ولد قابلية» ونظيره «فوزي عبد العال» بشكل يكرّس حسن الجوار وتعزيز التعاون بشكل تبدو فيه الجزائر واحدة من بين الشركاء المفضّلين للسلطات الجديدة في طرابلس. ومن البنود التي وردت في المحضر هو التوصل إلى الاتفاق على «تسهيل إجراءات تنقل الأشخاص بين البلدين»، لكن الجديدة يكمن في «دعوة الجانب الليبي إلى إلغاء تأشيرة الدخول المفروضة على المواطنين الجزائريين واستئناف الرحلات الجوية بين البلدين»، وكانت مسألة التأشيرات قد أثارت الكثير من الجدل إلى درجة هدّدت فيها الجزائر باعتماد أسلوب المعاملة بالمثل في حال استمرّ استثناء الجزائريين في قضية فرض التأشيرة. ويكون وزير الداخلية الليبي قد تعهّد خلال المحادثات التي جمعته مع نظيره «دحو ولد قابلية» بالردّ على هذا الطلب مباشرة عقب عودته إلى طرابلس من أجل استكمال بحث التدابير الكفيلة بالتجاوب بشكل إيجابي مع الطلب الجزائري. أما عن موضوع الهجرة غير الشرعية فقد تم الاتفاق بشأنه على تنسيق المواقف على مستوى المنظمات الإقليمية والدولية وضرورة إيفاء الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية المختصة بالتزاماتها فيما يخص التكفل بمكافحة هذه الظاهرة والحد منها لاسيما إنشاء صندوق لدعم التنمية المستدامة في دول المصدر قصد توفير الظروف الملائمة للاستقرار. وبناء على ذات المحضر فإن الجزائر جدّدت التزاماتها الذي أطلقها وزير الخارجية «مراد مدلسي» في آخر زيارة له إلى العاصمة طرابلس، بأنها لن تسمح «لعناصر من النظام السابق الإساءة إلى ليبيا أو المساس بأمنها واستقرارها» في رسالة تطمين أخرى. واتفق الجانبان كذلك على «تنظيم دوريات متوازية للمراقبة الحدودية وتفعيل نقاط هذه المراقبة»، مع ضمان «تكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية المختصة لضمان التعامل مع المستجدات وحلّ الإشكاليات الآنية وبالسرعة المطلوبة». وعلى صعيد آخر اقترح الجانب الجزائري على نظيره الليبي مشروع «بروتوكول اتفاق» يتضمن «إنشاء لجنة ثنائية حدودية مشتركة تعني بتوسيع وتنويع مجالات التعاون بين البلدين في مختلف الميادين وخاصة الأمن وتنمية المناطق الحدودية»، فيما تعهّد الجانب الليبي على هذا المستوى ب «دراسة المشروع والرد عليه عبر القنوات الدبلوماسية في أقرب وقت ممكن». كما تقاطعت المواقف – استنادا إلى محضر الاتفاق- على تفعيل توصيات الاجتماع الثاني للجنة الأمنية المشتركة المنعقد بالجزائر يومي 8 و9 فيفري الماضي فيما يخص مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان خاصة الانتشار والاتجار غير المشروع بالأسلحة والذخائر والمخدرات والمؤثرات العقلية، إضافة إلى مكافحة تهريب المهاجرين والهجرة غير الشرعية والتهريب بجميع أشكاله. أما في مجال التدريب والتكوين فقد أكد الطرفان إمكانية التعاون بينهما على أن تضع الجزائر خبراتها تحت تصرف الجانب الليبي في مجالات متعددة. ويشمل مجال التكوين الأساسي التكوين التخصصي في مجال الشرطة القضائية والأمن العمومي وحفظ النظام وشرطة الحدود والتقنيات الأمنية، فضلا عن إعداد الكوادر إضافة إلى تكوين المكونين وإعداد المدربين. وضمن هذا المسعى سيتم وضع خطة للتكفل بموضوع التكوين والتدريب في المؤسسات التكوينية المختلفة بالجزائر في إطار مساعدة الجانب الليبي في جهوده لهيكلة مختلف الأجهزة الأمنية وبناء مؤسسات الدولة من خلال إيفاد فريق من الخبراء الجزائريين إلى ليبيا للإطلاع عن كثب على متطلبات المرحلة وتقييم الاحتياجات وتأهيل المؤسسات التدريبية.