أطلق الرئيس الفرنسي المنتهية عهدته، «نيكولا ساركوزي»، مزيدا من التهديدات ضد الجالية الإسلامية في فرنسا، في حال أعيد انتخابه على رأس الجمهورية بعد رئاسيات السادس من شهر مايو المقبل، وقالها بصريح العبارة بأنه لن يسمح بوجود «الإسلام في فرنسا» مقابل اقتراحه ما أسماه «الإسلام الفرنسي» الذي تخضع فيه الجالية المسلمة ومسلمي فرنسا إلى قوانين هذا البلد. كشف «نيكولا ساركوزي» المرشح الأقوى لتجاوز الدور الأوّل من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرّرة في السادس من شهر مايو المقبل، عن مزيد من نواياه السيئة ضد الجالية المسلمة والفرنسيين المسلمين عموما الذين أبلغهم بأنهم مطالبون بأن يخضعوا لقانون الجمهورية بخصوص تطبيق تعاليم الدين، ووصل به الأمر إلى حدّ تهديدهم بأنه لن يتسامح مع مزيد من «التشدّد» في حال اختاره الفرنسيون للاستمرار في قصر «الإليزيه» خمسة أعوام أخرى. وخلال نزوله ضيفا على حصة «كلمات وأفعال» للتلفزيون الفرنسي «فرانس 2»، مساء الخميس، لم يتنازل الرئيس المنتهية عهدته عن أفكاره المتطرفة ضدّ الإسلام والمسلمين حتى وإن كانوا حاملين للجنسية الفرنسية، مشيرا إلى أنه لن يقبل ب «الإسلام في فرنسا» بما يعني تطبيق مبادئ الشريعة على الأراضي الفرنسية خاصة ما تعلّق منها باللباس الشرعي للنساء، واعتبر في هذا الصدد أنه مع «الإسلام الفرنسي» الذي يكون وفق ما يريده هو. وبهذا المفهوم اعتبر المتحدّث أن من الطبيعي أن يحافظ على أفكاره، وهنا ذكر أن مفهومه للإسلام ليس عدائيا وإنما يرفض التشدّد، قبل أن يواصل حديثه بهذا الشأن: «نحن نريد إسلاما فرنسيا يكون فيه الالتزام بقوانين الجمهورية الفرنسية بحذافيرها، ولذلك أنا متمسّك بموقفي الرافض لارتداء البرقع في الأماكن العمومية كما ليس مسموحا بارتداء الخمار في الصور المتعلقة ببطاقات الهوية». وليست هذه المرة الذي يُظهر فيها «نيكولا ساركوزي» موقفا عدائيا تجاه المسلمين خاصة وأن مظاهر العداء للإسلام «الإسلاموفوبيا» قد تطوّرت بشكل خطير في السنوات الأخيرة من خلال حرق عدد من المساجد وكذا الاغتيالات وحتى الاعتقالات المتكرّرة التي لاحقت الجالية المسلمة، وزادت قضية «محمد مراح» من حدة الاحتقان حيث أصبح العداء للمسلمين ورقة انتخابية يستغلها الرئيس المترشح. وفي موضوع آخر متصل بتطوّرات الوضع في مالي في أعقاب استيلاء متمردي «الطوارق» على عدة مناطق من شمال البلاد مدعومين بجماعات مسلحة محسوبة عن تنظيم «القاعدة»، صرّح «نيكولا ساركوزي» أمس من موقعه رئيسا للجمهورية الفرنسية أنه «يجب فعل كل شيء لمنع ظهور دولة إرهابية أو إسلامية في شمال مالي»، ومع ذلك كشف أنه يؤيد شكلا من أشكال الحكم الذاتي للطوارق في المستعمرة الفرنسية السابقة. وفي لقاء خاص مع تلفزيون «إي.تيليه» شدّد الرئيس الفرنسي أنه «علينا أن نعمل مع الطوارق لنرى كيف يمكن أن يحصلوا على قدر أدنى من الحكم الذاتي وعلينا أن نبذل كل ما بوسعنا لمنع ظهور دولة إرهابية أو إسلامية في قلب الساحل». وحين سُئل عن احتمال تدخل فرنسا عسكريا لإنهاء التمرد في الشمال شدّد على أن اتخاذ هذه القرارات يرجع أولا لجيران مالي وللاتحاد الإفريقي ثم لمجلس الأمن الدولي. وفي السياق ذاته أضاف ذات المسؤول: «لا أعتقد أنه يتعين على فرنسا التدخل عسكريا»، موضحا أن باريس يمكنها أن «تقدم مساعدات» لمثل هذه العملية، ثم أشار إلى أن «هناك المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مع موريتانيا والنيجر والجزائر والتي لديها دور كبير تؤديه..»، واستطرد في الوقت نفسه يقول: «فرنسا مستعدة لتقديم المساعدة لكنها يمكن أن تكون في موقع القيادة لأسباب عدة مردّها التاريخ الاستعماري لفرنسا»، إلا أنه بدا متفائلا لدى ترحيبه ب «سير الأمور في مالي حيث يعود النظام الدستوري تدريجيا بما أن رئيس الجمعية الوطنية بات رئيسا انتقاليا وأن البلاد ستشهد انتخابات». يجدر التذكير بأن فرنسا كانت قد نصحت رعاياها في مالي والبالغ عددهم حوالي 5 آلاف شخص بمغادرة البلاد، وتمثل الأزمة المتصاعدة مثار قلق باريس نظرا لأن التنظيم الإرهابي المسمى «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» يحتجز ست رهائن فرنسيين بالمنطقة منذ أشهر.