قرّرت دول غرب إفريقيا الأعضاء في مجموعة «إكواس» إرسال قوة عسكرية قوامها 3 آلاف جندي من أجل تحرير مناطق شمال مالي من قبضة متمرّدي «الطوارق» وكذا عناصر تنظيم «القاعدة» الذين استولوا على عدة مدن إستراتيجية قبل أسابيع، يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الجزائر عن ترحيبها بعودة النظام الدستوري في «باماكو»، وأكدت أنها ستُقدّم للسلطات الانتقالية كل الدعم من أجل تجاوز المرحلة الحالية بنجاح. يُنتظر أن تعرف مناطق شمال مالي مواجهات ساخنة خلال المرحلة المقبلة في أعقاب القرارات التي خرجت بها القمة الطارئة لرؤساء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المنعقدة قبل يومين ب «آبيدجان» في ساحل العاج، خصوصا وأن الإجماع حصل على ضرورة «تحرير» هذه المناطق في أسرع وقت ممكن من سيطرة متمردي «الطوارق» وبعض الجماعات المسلحة الأخرى المحسوبة عن تنظيم «القاعدة» أبرزها «حركة أنصار الدين». إلى ذلك صرّح الرئيس الحالي للمجموعة، رئيس ساحل العاج «الحسن وتارا»، بأن الزعماء الماليين «يواجهون أكبر تحدّ لأنظمتنا الديمقراطية»، وقال «وتارا» عند افتتاح قمة «أبيدجان» إنه «من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن نبدي التزاما عاليا ونردّ ردّا قويا كي لا تقع منطقتنا فريسة الإرهاب والإجرام الدولي». وفي الشأن ذاته أعيدت حكومة مدنية إلى السلطة جنوبي البلاد عقب الانقلاب العسكري الذي وقع الشهر الماضي والذي أطاح بالرئيس «أحمدو توماني توريه» قبل وقت قصير من انتهاء ولايته وانتخاب رئيس جديد، وتحاول هذه الحكومة جاهدة مواجهة حركة تمرد تهدف إلى تأسيس دولة مستقلة شمالي البلاد. وكان التمرد في مالي تقوده حركتان رئيسيتان هما الحركة الوطنية لتحرير أزاواد، وهي حركة علمانية يقودها «الطوارق»، وكذا «حركة أنصار الدين» التي بدأت بتطبيق الشريعة الإسلامية في بعض البلدات التي سيطرت عليها. في غضون ذلك رحبت الجزائر على لسان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، «عبد القادر مساهل»، بما اعتبرته «العودة التدريجية» للنظام الدستوري في مالي من خلال تعيين السلطات الانتقالية ورئيس الجمهورية بالنيابة والوزير الأول و الحكومة، وأكد «مساهل» في مداخلته خلال افتتاح قمة رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أنه «في نهاية هذا المسار الخاص بالعودة التدريجية للنظام الدستوري تمكن مالي من وضع حكومة الوحدة الوطنية التي تحظى بالشرعية الضرورية التي تسمح لها بإعادة مزاولة مهامها كسلطة أساسية». وجدّد ممثل الجزائر «الموقف الدعم التام للسلطات الجديدة وواجب التضامن مع الشعب المالي»، مثلما ناشد المجتمع الدولي من أجل دعم جهود السلطات المالية، مضيفا لدى حديثه عن الوضع في شمال مالي أن «الحلّ الذي لا يمكن أن يكون سوى سياسيا وسلميا سيكون نتيجة حوار يشارك فيه الماليون ولا سيما بين الحكومة وحركة الطوارق المتمردة»، مشدّدا على أن «الجزائر التي تشجع هذا الحوار الذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المطالب الشرعية لسكان الشمال وكذا ضرورة احترام السلامة الترابية لمالي مستعدة لتقديم مساهمتها مثلما جرت عليه العادة في الماضي». كما دعا «عبد القادر مساهل» إلى وجوب «تظافر كل جهود الإرادة الحسنة لبلدان الميدان والاتحاد الإفريقي وشركاء المجتمع الدولي بغية تمكين السلطات المالية من مواجهة الضرورات الملحة التي يشهدها البلد»، مذكرا في نفس السياق بالمساعدات التي قدمتها الجزائر «للسكان الذين لجؤوا إلى الحدود بين البلدين وبالتحضير الجاري لمساعدة إنسانية بالتنسيق مع السلطات المالية والهيئات المختصة التابعة للأمم المتحدة لفائدة سكان شمال مالي والأشخاص المرحلين في جنوب البلد».