بقلم: بشير ونيسي/ الجزائر يحمل بندقيته العتيقة التي تعود عنها منذ سنين ..يتأوه بصره يلمه كعين قط في الليل سئم الحراسة في الليل بدا له أنه قد يشبه الكلب إن تحمل عليه أو تتركه يلهث .. المخفرة برتقالة زرقاء.. ياله من ليل كأن نجومه مسامير توخز جسده النحيل .. يعرفه كل سكان الحي أنه انخرط في الحرس البلدي بعد سنين البطالة مارس فيها كل شيء..الحكومة لكي تخفف الضغط على الدرك الوطني والشرطة أنشأت فرقا للحرس من أجل خلع شبح الإهاب الذي خيم على البلد كالجراد أكل الأخضر واليابس ..في ذلك الزمن المرعب شوه العنف وجه المدينة ..قتل من قتل وذبح من ذبح وسجن من سجن وصعد للجبل من صعد ورحل من رحل ..يمنحه صاحبه الذي مل كلامه الرديء كوب شاي ثقيل وبارد قليل السكر فيصحو من صامت كاد يمحوه ..يحتسي الشاي تصبو روحه إلى معنى خفي يتنهد آه ياهل لماضي حبها من عودة يقلب وجهه ذات اليمين وذات الشمال ..بغتة تنهمر عليه لحظات تشبه المطر يمددها الوقت مدا فيحس بثقل جسده وخفة روحه ..يغرق في لحظات مازلت موشومة في ذاكرته ... تجل نفسه تذكرت حقيقتها من نفسها حين أوحت رأى فيما يرى النائم أنه يأكل من عرجون تمر ويشرب من لبن لم يذقه من قبل وحين حكى لبعض صحبته عن المنام منهم من قال عليك بالتوبة ليقترب الله منك وما التمر إلا حلاوة للتوبة وما اللبن إلا صفاء للجسد من كدر الشهوة ... حياة وردة الحياة أهديت له فأكلها..أدخل رأسه للجنة وأخرجه..هاهو الآن بابا للعائلة حزمة أطفال وأمهم.. طعامهم شرابهم كسوتهم دواؤهم.. وصل الكراء والكهرباء والماء والأيام تشبه بعضها..جنائز صلة رحم أعياد ولا شيء..الحياة يصبح فيها كما يمسي مكتئبا تائها ..داء ينخر جسمه يعرف اسمه ولا حين شفاء..يمحوه الوقت..يأكل القوت وينتظر الموت... * شارك: * Email * Print