في الوقت الذي كان متوقعا أن تجتمع فيه أطراف الثلاثية مباشرة عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة لتقييم مدى تنفيذ القرارات التي تمّ الخروج بها أواخر شهر سبتمبر من العام الماضي، تقرّر تأجيلها مرة أخرى إلى الدخول الاجتماعي المقبل لتبقى معها أهم الملفات الاقتصادية والاجتماعية عالقة، ويعود ذلك بالأساس إلى شغور وزارة العمل التي تُسيّر بالنيابة منذ ثلاثة أشهر، وكذا عدم تشكيل الحكومة الجديدة. نفى مصدر قيادي في الاتحاد العام للعمال الجزائريين أن يكون الأخير مسؤولا عن تأجيل لقاء القمة المصغّر بين أطراف الثلاثية الذي كان مقرّرا بالأساس خلال شهر مارس الماضي، كما أبعد في الوقت نفسه المسؤولية عن المركزية النقابية بخصوص إرجاء هذا الاجتماع إلى أجل غير مسمى، ورمى بالكرة في ملعب الحكومة التي قال إن انشغالها الرئيسي في الفترة الماضية كان منصبّا على التحضير للانتخابات التشريعية وإنجاحها. وحتى وإن أبدى القيادي في الاتحاد تفهما نسبيا لهذا التأجيل إلا أنه رأى في ذلك تأثيرا على تطبيق برنامج العمل المتفق عليه مع الحكومة ومنظمات أرباب العمل وكذا منتدى رؤساء المؤسسات، قبل أن يستدرك بأنه «في الظرف الحالي نعتقد أنه يستحيل عقد لقاء الثلاثية بسبب حالة الفراغ التي تعرفها بعض الوزارات»، وأشار تحديدا إلى وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي المكلفة بالتحضير المباشر لهذا الاجتماع «لكن كما تعرفون فإن هذه الوزارة تسيّر منذ حوالي ثلاثة أشهر بالنيابة من طرف وزير الصحة جمال ولد عباس» يُضيف محدّثنا. وبعد أن رجّح ذات المسؤول أن ينعقد لقاء الثلاثية خلال الدخول الاجتماعي المقبل على أقصى تقدير بالنظر إلى أن هذه الفترة ستكون فيها الحكومة الجديدة معيّنة من طرف رئيس الجمهورية، أوضح في ذات الإطار أن «الظروف الحالية لا تسير لصالح طرح عقد القمة هذه الأيام، فلقاء بحجم الثلاثية يستدعي وقتا كافيا لتحضير الملفات التي ستُدرس خلاله ونحن الآن على أبواب العطل السنوية إضافة إلى شهر رمضان الذي سيكون منتصف جويلية». وفي ذات السياق أفاد العضو القيادي بالاتحاد العام للعمال الجزائريين ردّا على سؤال ل «الأيام» يتعلق بطبيعة الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي سيتمّ تدارسها، بأنها تشمل بالدرجة الأولى تجديد العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي بشكل رسمي مع إمكانية إثرائه بإجراءات ومقترحات إضافية، إلى جانب ملف آخر يخصّ القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية لبعض القطاعات على غرار القانون الأساسي والنظام التعويضي الخاص بالأسلاك المُشتركة والذي رفعت مؤخرا المركزية النقابية ملفا كاملا بشأنه على طاولة الوزير الأول. وليس مستبعدا وفق ما جاء على لسان محدّثنا أن تعاود قيادة المركزية النقابية طرح ملف إلغاء الضريبة على الدخل العام من أجل تحسين القدرة الشرائية التي لا تزال دون المستوى المطلوب، فضلا عن مناقشة ملف التعاضديات الاجتماعية الذي لم يُفصل فيه بالرغم من البدء في تحضيره منذ العام 2009 في إطار لجنة مُشتركة، وكذا عن ملف المنح العائلية الذي ستطرحه الحكومة من جديد. وتأتي كل هذه المستجدات بعدما كانت منظمات أرباب العمل على رأسها الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين التي يرأسها «نايت عبد العزيز»، والكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل برئاسة «بوعلام مراكش»، والكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية التي يقودها «حبيب يوسفي»، انتقدت بشدة التأجيل المتواصل للقاءات الثلاثية، ووصلت إلى حد المُطالبة بضرورة لجوء الحكومة إلى اتخاذ بعض الإجراءات وسن قوانين دون انتظار عقد هذا اللقاء بما أن الأطراف الثلاثة اتفقت فيما بينها وباعتبار أن المحيط الاقتصادي يستدعي تجسيد بعض الإجراءات بشكل عاجل ولا يحتمل الانتظار أكثر. ومن جانبه كان منتدى رؤساء المؤسسات، الذي عاد ليكون طرفا في الثلاثية بقرا من الوزير الأول «احمد أويحيى»، قد استعجل تعيين التشكيل الحكومي الجديد وتجاوز ما سمّاه ب «المرحلة المؤقتة» الفاصلة بين الانتخابات التشريعية والإعلان عن الجهاز التنفيذي المكلف حاليا ب «تصريف الأعمال»، وأشار رئيس المنتدى «رضا حمياني» إلى إمكانية أن يؤثر هذا التأخر في الحسم في تنفيذ العديد من الملفات الاقتصادية التي تمّ الحسم فيها خلال اجتماع الثلاثية العام الماضي. زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print