بقلم: الطيب طهوري/ سطيف-الجزائر عمال أعرفهم.. حفروا الليل سهادا في الصمت المالحِ.. نظروا من ثقب الباب إلى الباب هناكَ.. رأوا مالم يخطر بالبالِ: الأرض تدور بأثوابٍ صماءَ.. البحر يريق حشودا من سفن ضاربة في الرملِ.. الرمل شواء ٌ..والصخر ضبابْ.. عمال أعرفهم.. أيد سمراءُ.. وجوه كالحةٌ.. وأغان من شجر كانَ.. خطىً تترجل جسرا يمتد إلى العتمه.. كانوا أكثر من مئات الآلاف رمادا.. وأقلَّ قليلا من واحدْ.. والوقت سرابْ عمال أعرفهم.. في هذا الليل رأيت الأغصان هنا حفرًا.. ومشيت النهر رصاصا.. سقطوا.. كانت هاوية الريحِ قفارا ،أحجارا راكضة في السهوِ.. وكانت أحراش الصاعد عسسا بسواعد من وشوشة البؤسِ.. هنا..سقطوا.. كانت لاميةٌ، عربٌ.. وسعال غجريٌ، خشبٌ.. ورغاءٌ..وخرابْ.. مال الظل إلى الأسفلِ.. نهضت أوتاد الصاخبِ.. مد الواحد كفيه إلى الأعلى.. مد الآلاف صريرا.. كانوا غيما في هذا الشاهدِ.. أوصالَ ترابْ عمال أعرفهم.. في ذاك القصرِ..زجاجا.. في هذا العريِ..سماءً.. ظلا لشتاء الجدرانِ.. رغيفا للعمر الغاربِ.. أطفالا لغبار الركضِ.. وأصداء.. كانوا ألفاظا لجرائدِ كف اليومِ.. عيونا تترصد مرآة اللهثِ..غرابْ عمال أعرف أغصان دماهم غصنا غصنا.. أجسادا /جوعا/ همسا يتردد في الوحل غريبا.. وحرابْ أعرفهم ..منذ طريقي في هذا البر الواجف أعشاشا لعصافير الحقلِ.. ومنذ ربيع خطاي زقيرا للعربات الليلية تحمل اثقال الشهقاتْ.. كانوا وتدا في ظل عماء الريحِ.. حبالا تنسج أوتار مداهمْ.. وتراتيلَ غطاء ثلجي يلهب أرجلهم حين يمرون بطيئا.. كانوا صوفا أجردَ.. أحذية من حلفاء البردِ.. شآبيب دخانْ.. يا الباسط عرش رؤاه على الماء.. يا الماد خطاه هناك هنا.. يا الملتذ فواكه لا نعرفها.. أين صهيلك..أين.. وهذ ي الأوطان يبابْ..؟ يا ظلَّ الأرضِ سعيدا.. يا الرافعَ أعمدة الأعلى.. أين أنا؟..أيناكَ.. وتلك الأسفار خرابْ؟ * شارك: * Email * Print