كان من المفروض أن تكون الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية عرسا حقيقيا لكلّ الجزائريين، فحسب علمنا أنّ وزارة المجاهدين و وزارة الثقافة هما المؤسستين اللتين أشرفا على التظاهرة فكان يفترض أن تكون البرامج المسطرة قد ضبطت و تم الإعلان عنها، لكن للأسف نحن كناشرين لم يقدم لنا لحد الآن أيّ برنامج يخص التظاهرة، فقد طلبت منا وزارة المجاهدين منذ حوالي أربعة أشهر أن نقدم كناشرين عناوين الكتب التي نحوزها و التي تهتم بالتاريخ الجزائري من الفترة الممتدة من 1830-1962… و بالفعل قدمنا العديد من العناوين لطبعها، لكن لحد الآن لم يفرج عنها بعد و لم يطبع أيّ كتاب و لم تفصل لجنة القراءة أصلا في الكتب المقبولة من عدمها رغم أنّه تفصلنا أيام فقط على إنطلاق التظاهرة، لقد قدمنا كدار الحكمة 90 عنوانا و مازلنا ننتظر إلى إشعار آخر، فالأمر كارثي و لا يبشر بخير في جميع الأحوال، و هذه العشوائية في التنظيم تسيء للثورة و لمليون و نصف شهيد، أمّا بالنسبة لوزارة الثقافة فالطامة الكبرى فلم تطلب أصلا من الناشرين تقديم أعمالهم، فوزارة الثقافة آخر اهتماماتها الكتاب فهي تهتم أكثر بالمهرجانات و الحفلات الفنية، و الأجدر بها أن تنظم ملتقيات و ندوات و محاضرات و تطبع الكتب و تنتج الأفلام السينمائية و الأشرطة الوثائيقية، كنت أنتظر أن يكون هذا الإحتفال تظاهرة ضخمة لا تنسى و أن تكون ذاكرة حقيقية جسرا للتواصل بين الأجيال، لكن لحد الآن لم نر شيئا ما عدا البرنامج الذي أشرف عليه فخامة رئيس الجمهورية في سنة 2010 حيث قدمنا كناشرين الكتب المقترحة و التي عكفت على دراستها لجنة متخصصة تابعة لرئاسة الجمهورية، و قد صدر 700 عنوان لسنة 2011 أشرفت عليه المؤسسة الوطنية للنشر و الإشهار، و قد نشر لنا بهذه المناسبة 45 عنوانا جديدا ك”التطور السياسي في الثورة الجزائرية 1961-1962″، “مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية 1954-1962″، “مؤتمر طانجا المغاربي دراسة تحليلية و تقييمية”…إلخ، فكان من المفروض أن تكون جميع المشاريع جاهزة قبل سنة على الأقل من التظاهرة و لا نبقى نتخبط في اللحظات الأخيرة كما هو عليه الحال الآن، فدار الحكمة و منذ 29 من تأسيسها لديها سياسة و إستراتيجية في دعم الثورة و العمل على توثيقها و إيصالها لجيل الإستقلال، فقد كنا السباقين في نشر العديد من الأعمال التي تخص الثورة و قد نشرنا مذكرات لخضر بورقعة باعتباره شاهد على الثورة، كما لدينا برنامج خاص بذكرى مرور خمسين سنة على استرجاع السيادة الوطنية و هذا دون انتظار إشعار أو دعم من أي جهة، فنحن نخدم الجزائر و المصالح العليا للوطن و لا ننتظر المناسبات، و من جهتها النقابة الوطنية لناشري الكتب التي أترأسها منذ أربعة أشهر بدأنا الاحتفال بالذكرى الخمسين منذ 12 أفريل 2012 و هذا من خلال المعرض الوطني للكتاب الذي نظمناه بقصر المعارض فقد دعونا “بون بالطا” و هو أكبر إعلامي فرنسي الذي قدم شهادات حية حول الثورة الجزائرية، و “أرني ستاينر” و هي فرنسية الأصل حيث كانت من أصدقاء الثورة و عملت لصالح الثورة الجزائرية، كما قدمنا عدة ندوات على هامش المعرض نشطها محاضرون و دكاترة دارت حول كتابة تاريخ الثورة بعد مرور 50 سنة من الإستقلال، و قد قمنا بهذه المبادرة دون أدنى دعم مالي سواء من وزارة الثقافة أو المجاهدين، فالتظاهرة كانت بمجهودات الناشرين و كذا بدعم المدير العام لقصر المعارض الذي فتح لنا الأبواب و سخر لنا فضاء قصر المعارض بكل الوسائل المتاحة، حيث حرص شخصيا على تقديم كل التسهيلات لنا و هذا تشجيعا منه للكتاب و كذا دعما للإحتفال بخمسينية الإستقلال و قد حملت الطبعة شعار “من التحرر إلى التطور”، و لدينا كنقابة برنامج ثري على مدار سنة نستضيف فيه شخصيات من داخل الوطن و خارجه، فالتظاهرة عرس ضخم يمس هويتنا و تاريخنا لذا لبد أن نجند جميعا لتكون في المستوى، لأنّ الشعب الجزائري يمكن أن يتسامح مع كلّ شيء لكن أبدا لن يتسامح مع من يحاول العبث بثورتنا المظفرة و تاريخنا العريق. * شارك: * Email * Print