لا تزال الاحتفالات المقررة للذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال تراوح مكانها من حيث التحضيرات، فيما استبق الفرنسيون الأمر بإطلاق ترسانة من الكتب والأفلام الوثائقية منذ أشهر، وجندوا مختلف وسائل الإعلام لطرح ملف «حرب الجزائر». ومثلما جرت عليه العادة، يبقى من يفترض أنهم المكلفون بتنفيذ برنامج احتفالية «الخمسينية» في انتظار ما ستجود به «الوصاية» سواء كانت وزارة المجاهدين أو الشباب والرياضة أو الثقافة. والملاحظ هنا أن عشرات الناشرين تحولوا بين ليلة وضحاها إلى ناشطين في مجال كتب التاريخ بعد الإعلان عن إطلاق برنامج نشر لمختلف الكتب التي ترصد مسار ثورة التحرير. ووفق بعض المعلومات التي تحصلت عليها «البلاد» من مصادر مختلفة، فإن الأمر وصل ببعض الناشرين إلى البحث عن مذكرات تخرج في الجامعات ومعاهد التاريخ لصياغتها في شكل عناوين كتب ونشرها لنيل نصيب من «كعكعة الخمسينية». ومن هنا تحول كتاب التاريخ إلى «سلعة» مطلوبة جدا هذه الأيام، ويمكن لأي صاحب مخطوط نشر عمله في ظل تهافت الناشرين على «ثورة التحرير» عشية ذكرى استرجاع الاستقلال. وأعلنت وزيرة الثقافة خليدة تومي قبل فترة أن وصايتها استقبلت 150 مشروعا سينمائيا و50 مسرحية و900 كتاب سيتم إنتاجها في إطار فعاليات الاحتفال بالذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال، حيث تمت الموافقة على فيلم «زبانة» في انتظار دراسة باقي المشاريع. وقالت تومي إن اللجنة المكلفة بالسينما ستنشر نتائجها قريبا وبإمكان الراغبين في المشاركة إيداع مشاريعهم على مستوى وزارة الثقافة قبل نهاية شهر أفريل، كاشفة أن الميزانية التي استفادت منها الوزارة في إطار التحضير ل«الخمسينية» التي تتواصل على مدار سنة كاملة يقدر بخمسين مليارا. وعلق العديد من المتابعين وأصحاب الاختصاص من بينهم أحمد راشدي، على الأمر قائلين إنه «لا يجوز انتظار اللحظات الأخيرة للشروع في إنجاز الأفلام والمسرحيات ونشر الكتب لتجنب السقوط في عمل أي شيء دون مراعاة المستوى خصوصا أن الأمر يتعلق بتاريخ الجزائر». وبين هذا وذلك، لم تتم الإشارة إلى «مشروع الدولة الجزائرية» الذي تمت المراهنة عليه قبل سنوات ليكون رمزا ومحطة هامة في تاريخ السينما الجزائرية، حيث لا يزال مشروع فيلم «الأمير عبد القادر» مجرد كلام بين الراغبين في إنجازه وفق مقاييس عالمية، وأولئك الذين نفضوا أيديهم من الأمر تماما وقالوا إن العمل مجرد «خرافة لا غير». في السياق ذاته، يبقى الحديث الدائر هذه الأيام عن استقدام ترسانة من الفنانين لتوقيع حفل كبير يوم الخامس جويلية القادم، ففي حين تحدث البعض عن قدوم اللبنانية «إليسا» التي تملك تاريخا عريقا في مجال الإغراء، أكد آخرون مشاركة العديد من «الفنانين» الجزائريين يؤدون طابع «الأغنية الشبابية» ل«إلهاب حماس الجماهير» من خلال أغان يقدمها «الشاب فلان» و«الشابة فلانة»، مادام أن «الذكرى» خاصة بالشباب أيضا، بعيدا عن «حرب الذاكرة» التي أوقدت نارها مبكرا في فرنسا. وردة تتحدى الزمن ومطالب الاعتزال.. وتغني للجزائر قالت العديد من تقارير الصحف العربية إن الفنانة وردة الجزائرية أنهت تصوير أغنية جديدة احتفالا بالذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال، وإصرارا منها على الغناء والرد على كل من طالبها بالاعتزال. والأغنية بعنوان «مازال واقفين» وترتدي فيها فستانا أبيض مليئا بالورود الخضراء والحمراء «ألوان العلم الجزائري»، اعتزازا بالشهداء والنضال. وكشفت الفنانة وردة الجزائرية عن «فيديو» الأغنية الذي هو أشبه بالأناشيد، وهو أيضا إعلان دعائي لإحدى الشركات الجزائرية، لإطلاق حملتها للاحتفال بالذكرى الخمسين، حيث تقول كلمات الأغنية «صوت ينادي، نحبك يا بلادي...أمحان وأمجادي، عاشتها أجدادي...نحلفكم يا أولادي تحموها بلادي». وكانت وردة صورت الأغنية في منطقة «سيدي جيلاس» بولاية تيبازة؛ في إطار الطبيعة. وتعيد الأغنية الوطنية الجديدة «مازال واقفين» لأذهان الجزائريين الأغاني الوطنية التي تغنت بها وردة في عز شبابها، على غرار «عيد الكرامة» و«بلادي أحبك»، والتي طبعت كل أعياد استقلال الجزائر في الحفلات التي أحيتها الفنانة في الجزائر.