تمكنت الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا «إيكواس» من إقناع السلطات السياسية والعسكرية في مالي بقبول نشر قوات تابعة لها في مدن الشمال التي تقع تحت سيطرة جماعات مسلحة مقرّبة من تنظيم «القاعدة». ومن جهة أخرى رفضت «باماكو» تواجد أي عنصر لهذه المنظمة الإقليمية في عاصمة البلاد. انتهت المحادثات التي جمعت بين وزراء دفاع دول غرب إفريقيا «إيكواس» وسلطات مالي خلال اليومين الماضيين، إلى الاتفاق على ضرورة تحرير مناطق الشمال من قبضة المسلحين المقربّين من التنظيم الإرهابي «القاعدة»، ورغم التحفظات التي أبداها المسؤولون الماليون بشأن نشر قوات في العاصمة إلا أنهم لم يعترضوا على أن يشمل خيار «التدخل الإقليمي» فقط المناطق الخارجة عن سيطرة السلطة المركزية. ونقلت تقارير صحفية عن رئيس أركان الجيش مالي، العقيد «ابراهيما داهيرو دمبلي»، قوله بأن «نشر جنود من «إيكواس» في باماكو غير وارد لكنهم يمكنهم أن يرسلوا بعض الجنود إلى الشمال. يمكن أن يكون لدينا 600 إلى 800 من جنود إيكواس لدعم جنودنا». لكن مصادر أخرى أشارت إلى أن هذا الرقم أقل كثيرا من بعثة «إيكواس» التي قوامها 3 آلاف عنصر. وموازاة مع ذلك لم يتضح على الفور إن كان الجيش في مالي سيقبل مدربين من المنطقة للمساعدة في إعادة تأهيل قواته التي فقدت السيطرة على المناطق الشمالية الثلاث بعد ثلاثة أيام بعد الانقلاب. وأوردت تقارير صحفية أن الجنود الماليين اشتكوا من إن مجموعة «إيكواس» بحجة أنها «كانت سريعة في فرض عقوبات بعد الانقلاب لكنها تلكأت في تقديم المساعدة لهم في الأيام الأولى للتمرد الذي بدأ في يناير الماضي». وتأتي هذه التطورات بعد أن أكد القائد الأعلى للقوات الأمريكية المسلحة في إفريقيا المعروفة باسم «أفريكوم»، الجنرال «كارتر هام»، أن حلّ الأزمة في شمال مالي ليس فقط عسكريا، وتابع: «وجهة نظري هي أن الأمر لا يتعلق بإيجاد حل عسكري فقط في شمال مالي». وأضاف بعد محادثات مع الرئيس «بلايز كومباوري»، وسيط مجموعة «إيكواس» في هذه الأزمة، أنه «إذا كانت هذه المجموعة تعتبر أن هناك دورا عسكريا يجب أن يحصل لحل الأزمة في شمال مالي فان هذا الدور يجب أن يكون مرفقا أيضا بدور سياسي». إلى ذلك تبنى البيان الختامي للدورة الرابعة لمؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي التي اختتمت أشغالها أمس بالمملكة السعودية، الطلب الذي تقدمت به الجزائر لإدراج أزمة مالي ضمن جدول الأعمال، حيث أبدت الدول الأعضاء قلقها الشديد إزّاء الأوضاع التي يعرفها شمال مالي ومنطقة الساحل بسبب تصاعد الأعمال الإرهابية التي تؤججها ويلات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وخصوصا الاتجار بالسلاح والمخدرات مما يهدد الاستقرار والسلم والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ولذلك جدّد المؤتمر دعمه الكامل لكل الجهود التي تبذل من أجل الحفاظ على وحدة مالي وسيادته الكاملة على أراضيه، فيما أدان محاولات ما يسمى ب «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» وغيرها من الجماعات الإرهابية المسلحة التي تنتهك سلامة أراضي هذا البلد، واضعا بذلك هذه المنظمة الانفصالية في سلة واحدة مع التنظيمات الإرهابية التي تسيطر على الميدان في شمال مالي. وأعلن بيان المؤتمر الإسلامي عن التضامن الكامل مع حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية، داعيا في المقابل جميع الدول الأعضاء إلى أن تقدم لها الدعم للازم لمساعدتها على تحقيق أهدافها، وفيما ثمن وساطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فإنه أكد دعمه للجهود الجارية التي تبذلها البلدان الجوار، بما فيها الجزائر، وكذا الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في سبيل مساعدة مالي على استعادة كامل أراضيه واستقراره، مما سيمكنه من توطيد وحدته الوطنية وتعزيز تنميته. وأبانت هذه المنظمة عن قلقها البالغ من ما أسمته «المأساة الإنسانية» في مالي ومنطقة الساحل، وكلفت الأمين العام باتخاذ «الإجراءات اللازمة» لحشد الموارد الضرورية التي من شأنها المساعدة على تذليل الصعاب التي يواجهها مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين، كما أدانت ما ترتكبه المجموعات الإرهابية من مظالم في حق السكان المدنيين العزل، وما تقترفه من تدمير للمواقع التي صنفتها منظمة «اليونسكو» ضمن التراث الثقافي العالمي. زهير آيت سعادة شارك: * Email * Print * Facebook * * Twitter