عاد الهدوء من جديد إلى مدينة برج باجي مختار بولاية أدرار بعد أن نجحت مساعي عدد من شباب هذه المنطقة الحدودية وإطاراتها في رأب الصدع بين قبيلتي "برابيش" و"أدنان"، ويجري التحضير لتنظيم مسيرة حاشدة بالمدنية من أجل نبذ العنف وتحقيق الصلح، مثلما تمّ تشكيل لجان تنسيق لجان شعبية لمواجهة بعض المندسّين المتورطين في تأجيج الوضع. استنكر شباب مدينة برج باجي مختار محاولات بعض الأطراف إشعال نار الفتنة في هذه المنطقة الحدودية وأعلنوا تجنّدهم الكامل إلى جانب مصالح الأمن والدرك والجيش من أجل المساهمة في توقيف كل من لهم يد في إثارة النعرات بين سكان الدائرة. يحصل ذلك في وقت تتواصل فيه جهود السلطات المحلية وأعيان المنطقة من أجل تغليب لغة العقل والحوار بين الأطراف المتخاصمة، حيث تنقل أمس والي ولاية أدرار إلى هذه الدائرة لتهدئة الأوضاع بعد أن عادت الأمور إلى سابق عهدها. ولتفادي تجدّد المواجهات التي تقف وراءها بعض الجهات المندسّة، تحرّكت أطراف شبابية فاعلة من أجل المساهمة في تهدئة النفوس، حيث أصدرت الجمعية الوطنية لترقية المواطنة وحقوق الإنسان ببرج باجي مختار بيانا تعلن فيها مبادرة بشعار "الأمن يبدأ من المواطن" في إطار ما أسمته "المساعي الحثيثة لوقف أعمال الاقتتال والعنف الجارية ببلدية برج باجي مختار"، وقد أعلن البيان أن اجتماعا انعقد أمس الأوّل بمقر الدائرة تمّ فيه إطلاق "مبادرة الشباب" التي تضمّ مجموعة من الإطارات الشبابية من مختلف أطياف المجتمع المحلي. ومن بين النتائج التي توصل إليها الاجتماع هو الاتفاق على تشكيل "خلايا اتصال" في جميع أنحاء المدينة تضمّ عددا من الشباب يكون الهدف الأساسي منها هو "المساعدة في تطويق الاشتباكات والإبلاغ عن أماكن التجمعات المشبوهة" بالإضافة إلى "رصد العناصر الدخيلة ومثيري الشغب" وهو ما يؤكد تورط بعض الأطراف في إثارة النعرات والفتنة بين قبيلتي "برابيش" و"أدنان" منذ أحداث الأربعاء الماضي التي أسفرت عن وقوع 11 قتيلا وعشرات الجرحى حسب آخر حصيلة رسمية صادرة عن مصالح ولاية ادرار. كما ستوكل إلى هذه اللجان الشعبية مهام "التدخل في حالات الاعتداءات المتبادلة" من خلال "التنسيق بين هذه الخلايا والسلطات المعنية لتجنّب الاحتكاكات المباشرة وغير المباشرة من منطلق الأمن يبدأ من المواطن" على حدّ ما جاء في مضمون البيان الذي تحصلت "الأيام" على نسخة منه. أكثر من ذلك قرّر شباب دائرة برج باجي مختار تنظيم مسيرة حاشدة خلال الأيام القليلة المقبلة "من أجل المساهمة في رأب الصدع بين الأطراف المتخاصمة" وكذا "التعبير عن رفضهم لجميع أعمال القتل والترهيب للمواطنين العزل الذين اتخذوا من مقرات الدرك الوطني ملجأ"، وينتظر هؤلاء فقط الحصول على ترخيص بذلك من طرف السلطات المحلية لولاية أدرار. وإلى جانب هذه المبادرة الشبابية أطلق المجتمع المدني ببرج باجي مختار عددا من المطالب لاحتواء الوضع، ومن بينها التأكيد على ضرورة "معاقبة وتخليص المنطقة من مروجي المخدرات والسموم التي غيّبت عقول الشباب وجرّتهم إلى ارتكاب جرائم بدون شعور ولا وعي"، زيادة على الإلحاح على وجوب "التعجيل فتح مؤسسة إعادة التربية وتفعيل دور المحكمة لتتولى المهام المنوطة بها وتسهيل عمل مصالح الأمن"، وقد تمّ إبلاغ أرضية هذه المطالب إلى كل من زير الداخلية والجماعات المحلية والمدير العام للأمن الوطني. وكان رئيس اللجنة الوطنية للأعيان والعقلاء، مولاي توهامي غيتاوي، وجّه نداء إلى مواطني برج باجي مختار داعيا إياهم إلى ضرورة "التسامح والتآلف والتوافق والتصالح"، مثلما شدّد على ضرورة "الابتعاد عن الخلاف والتنازع والتشاجر خاصة في الوقت الذي تعيش فيه الأمة العربية والإسلامية تحديات كبرى"، كما حث عضو المجلس الإسلامي الأعلى سكان المنطقة الذين وصفهم ب "أبناء القبلة الواحدة والوطن الواحد" على "التشبث بوحدة الدين والوطن"، ليوجه الشيخ تهامي رسالة أخرى إلى من يسعون في إثارة الفتن أن " بدعوتهم إلى أن "يتوبوا ويعودوا إلى رشدهم وأن يعوا قيمة الأمن والأمان الذي تنعم به الجزائر في كنف السلم والمصالحة".