سيكون لقاء الثلاثية المقبل القاعدة الرسمية الأولى للتوجه نحو إستراتيجية اقتصادية جديدة يتفق عليها الأطراف الثلاثة المُشاركة في العملية الاقتصادية بما فيها الحكومة، الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل، وحسب مصادر مسؤولة، فإن اللقاء سيشهد عرض مقترحات كل طرف حول الكيفيات الناجعة لبعث الاقتصاد الوطني الذي ظل يُراوح مكانه رغم الإجراءات المُتخذة لصالحه والأموال الطائلة التي تم إنفاقها عليه خلال السنوات الماضية. وتأتي هذه الخطوة من قبل الحكومة بعدما كان رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، محمد الصغير باباس، دعا خلال اللقاء الذي انعقد شهر جوان الماضي إلى ضرورة إعداد تصور توافقي بين مختلف الفاعلين حول إستراتيجية جديدة للتنمية في الجزائر وشدد على ضرورة إشراك الجميع في عملية إعدادها، في نفس السياق كان وزير الصناعة، شريف رحماني، كلف 20 فوج عمل لإعداد "رؤية صناعية جديدة" بهدف إزالة المشاكل التي تُعاني منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمستثمرون بصفة عامة، وهي الرؤية الصناعية الجديدة التي أكد رحماني عبر عدة تصريحات أنه سيتم عرضها على لقاء الثلاثية قبل أن يتم تنحيته من منصبه. وقد فضلت الحكومة تخصيص لقاء الثلاثية المُرتقب عقده في 10 أكتوبر الداخل إلى الملفات الاقتصادية قبل عقد ثلاثية أخرى نهاية السنة للملفات الاجتماعية، حتى تتمكن من التسريع في الإجراءات التي يُمكن أن تتخذها في هذا المجال بما أن الاستراتيجيات السابقة أثبتت فشلها وهو ما يتضح جليا من خلال النتائج الضعيفة للاقتصاد الجزائري سيما ما تعلق بالجانب الصناعي، بحيث يبقى الإنفاق العمومي هو الرقم الفاعل في الدورة الاقتصادية. وإذا كان المسؤولون يُفضلون استعمال مصطلحات ك "رُؤية صناعية جديدة" أو "تصور توافقي حول التنمية" وتفادي مصطلح "إستراتيجية اقتصادية جديدة" حتى لا يُفهم من تصريحاتهم بأن الجزائر فشلت في اختيار نهج اقتصادي وإستراتيجية واضحة إلا أن الحقيقة كما أكدتها لنا مصادرنا تتعلق فعلا بالبحث عن إستراتيجية اقتصادية جديدة بعدما أثبتت الاستراتيجيات السابقة فشلها بسبب التردد الذي بدا واضحا حول خيار فتح السوق أمام المؤسسات الأجنبية أو دعم المؤسسات الوطنية أو التركيز على الشراكة بين هذه الأخيرة وهو الأمر الذي يبدو، حسب ذات المصادر، أنه قد بدأ يتضح أكثر من أي وقت مضى، عبر احتيار نهج دعم المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة مع اتخاذ إجراءات لحماية منتوجاتها إضافة إلى تمكين هذه الأخيرة من عقد شراكات مع شركات أجنبية من أجل اكتساب الخبرة من جهة والدخول إلى عالم المنافسة تحضيرا لمرحلة الدخول في منظمة التجارة العالمية. وكان الوزير الأول عبد المالك سلال، كشف من ولاية المدية بأن لقاء الثلاثية سيعكف على "دراسة إمكانية تطوير اقتصاد وطني مبني على وحدات صناعية مختلطة وطنية عمومية وخاصة وكذا وحدات صناعية مختلطة وطنية وأجنبية"، موضحا أن "الجزائر عرفت تأخرا في المجال الصناعي ويجب تدارك الأمور"، من جهتهم، أكد رؤساء منظمات أرباب العمل أنهم سيرفعون خلال هذا اللقاء وثيقتين، الأولى تخص السياسة الاقتصادية العامة للحكومة والثانية الصعوبات التي يواجهها رؤساء المؤسسات، ومنه اقتراح "إجراءات أكثر عملية وتتضمن على وجه الخصوص عروضا حول مناخ الأعمال وتأثير البيروقراطية والسوق الموازية وتمويل الاقتصاد وتخفيض الواردات"، كما يعتزم الاتحاد العام للعمال الجزائريين تقديم مقترحات لبعث قطاع الصناعة ودعم الإنتاج الوطني بهدف الحد من الواردات، وهي كلها مقترحات تصب في إطار البحث عن الإستراتيجية الكفيلة بإخراج الاقتصاد الجزائري من النفق الموجود فيه منذ عدة سنوات.