كثيرا ما نقع عن وعي أو عن غير وعي على حقائق مُفزعة، فنكتشف أن الدين مستهدف بنتائج أفعال بعض الناس الذين يقصدون ما يفعلون أو الذين لا يقصدون، فيسيؤون من حيث أرادوا الإحسان، ولعل من أكبر المثلة على هذا الأمر ما نعثر له في السنة النبوية التي تتعرض للطمس المقصود أو غير المقصود، وما بين كيد الأعداء وجهل أهلها، يضيع خير غير يسير، ولا شك أن هذا المصدر التشريعي ذا أهمية كبيرة لا يستهان بأمره، فالسنة نوع من الوحي الرباني على نبيه صلى الله عليه وسلم، وإذا علمنا ذلك صار واجبا علينا المحافظة عليها واستثمارها بصفتها إحدى الأعمال المقربة من الله سبحانه وتعالى، ولعل أول ما يجب علينا تجاه السنة النبوية أن نعتقد بحجيتها وأنها المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله جلّ وعلا، والبعْدية هنا في الفضل، أما في الاحتجاج فحجية السنة كحجية الكتاب، ومن واجبنا أن نعتقد أن كليهما وحي من عند الله جل وعلا، فعن «حسان بن عطية» قال "كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن"، وقال تعالى "وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّه عَلَيْكَ عَظِيمًا"، وقال تعالى أيضا "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى"، لذا قال العلامة «الخطيب» محملا هذه العبارة نصا من كتابه، فجعل هذا العنوان "ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم" مدارا لمؤلفه "الكفاية"، وفي السنن عن «المقدام بن معد يكرِب» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ألا إني أُوتيت القرآن ومثله معه، ألا لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه حلالاً فأحلوه وما وجدتم فيه حراما فحرموه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله".