أكد أمس المنظر الروحي لما يعرف بالتيار السلفي الجهادي في العالم، أبو محمد المقدسي، أنه يعارض ويستنكر خطف مندوبي هيئات الإغاثة الدولية المحايدين الذين يستفيد منهم المسلمون في كثير من بلدانهم، وذهب أبو محمد المقدسي إلى أبعد من ذلك معتبراً أن ذلك جريمة تضر بالمسلمين وتؤثر سلباً عليهم . قال عصام البرقاوي في أول حديث صحفي مباشر مع مجلة السبيل بعد الرسالة التي حملها أبو الوليد الجزائري إلى جريدة ''النهار'' يتبرأ فيها إلى الله، من أعمال تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، من استباحة الدماء المعصومة ونهب أموال المسلمين وترويع الآمنين، حيث أكد أبو محمد المقدسي على ما أوردته ''النهار'' في أعدادها السابقة، من تراجع مفتي الجماعات الجهادية في العالم، والمنظر العالمي لتنظيم القاعدة، وتبريئه من أعمال العنف التي ضررها أكثر من نفعها. وأضاف عاصم البرقاوي معارضته للاعتداءات التي تؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من الأبرياء، معتبرا أن ''استباحة دماء المسلمين خطر عظيم، وأوضح أن ''الشرع الإسلامي عظم من حرمة المسلم، دمه وماله وعرضه، وأن علماء الإسلام صرحوا أن استباحة دماء المسلمين خطر عظيم ''، وفي معرض رده عن سؤال لصحيفة السبيل الأردنية التي أجرت حوارا مباشرا معه، عقب نشر ''النهار'' لنص الرسالة التي تبرأ فيها من الغطاء الشرعي لتنظيم ما أصبح يسمى قاعدة المغرب الإسلامي، حيث حملها أبو الوليد الجزائري الذي زاره في العاصمة عمان، وأكد أبو محمد المقدسي صاحب كتاب ملة إبراهيم، أنه'' لا يجوز التهاون بدماء المسلمين المعصومين بأي شبهة أو بحجة الجهاد أو غيره''. وأشار المقدسي في حواره لمجلة السبيل الأردنية، موضحا أكثر موقفه من استناد قاعدة المغرب الإسلامي وغيرها من الجماعات الإرهابية في أعمالها لفتاواه، أنه بريء مما ينسب إليه زورا وبهتانا وقال: ''كتبت مرارا وتكرارا وتبرأت مما يرتكبه البعض من عمليات غير منضبطة بحدود الشرع، يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، وسفك فيها دماء كثيرة دون فائدة شرعية تعود على الجهاد والمسلمين''. وأضاف مؤكدا براءته من أفعال الجماعات الإرهابية، على غرار قاعدة المغرب الإسلامي التي تتخذ كتابه ''ملة إبراهيم'' دستورا لها، قائلا: ''وحتى العصاة من المسلمين لا تحل دماؤهم وأموالهم لمعاصيهم، وواجبنا اتجاههم، الدعوة والسعي في إخراجهم من الظلمات إلى النور، لا الاشتغال معهم في معارك. ورغم أن أبو محمد المقدسي لم يشر في حديثه إلى دولة معينة أو مساحة جغرافية محددة تنشط بها الجماعات الإرهابية، إلا أنه لا يستبعد مراقبون أن تكون الجزائر من بين الدول المقصودة بكلامه، وهو ما يفسر خروجه عن الصمت المطبق عقب نشر ''النهار'' للرسالة الكاملة التي كتبها بخط يده، ولم يصدر منه نفيا لمصداقيتها. المقدسي يفضح عناصر ''السلفية'' ويكشف زيف باطل استنادهم للدين أعمال السرقة والسطو باسم الجهاد هي جهل بأحكام الشرع نبرأ إلى الله منها تضمن الحوار الصحفي الكامل مع المقدسي تفنيده للدعاوى الكاذبة التي اعتمدت عليها الجماعات الإرهابية، كتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال الناشطة في شمال إفريقيا، بل وذهب إلى أبعد من ذلك في تحريم استهداف الأجانب العاملين في الهيئات الأممية، في إطار المساعدات وغيرهم الذين دخلوا ديار المسلمين والبلاد العربية بعهود ومواثيق تحرم المساس بماله ودمه وعرضه، واعتبر هذه العمليات الإرهابية بالجريمة التي لا يقرها شرع وعقل، بل تضر الإسلام والمسلمين خاصة منها تلك التي تتم بطرق المافيا واللصوص وقطاع الطرق، مثل عمليات الاختطاف لمندوبي هيئات الإغاثة المحايدين الذين يستفيد منهم المسلمون في كثير من البلدان. وانتقد أبو محمد المقدسي انتقادا لاذعا أعمال السرقة والنهب التي تطال البنوك والمؤسسات المصرفية، وكذا استهداف سلب أموال مواطني الدول الإسلامية والرعايا الأجانب بأقطار الدول العربية، تحت غطاء الإسلام والشرع. وقال المقدسي في إشارة منه إلى بعض أفعال عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي تستهدف المواطنين بالابتزاز والسرقة، وكذا السطو على بعض المصارف مثل ما حدث في ولايتي تيزي وزو وبومرداس بالجزائر؛ ''مال المسلم ولو كان فاسقا أو عاصيا لا يحل بل هو معصوم لا يجوز الاعتداء عليه، وما ينسب إلى البعض من استحلال دماء الفساق أو العصاة، إن ثبت فهو جهل منهم بأحكام الشرع نبرأ إلى الله ونحذر منه''. إلى أين يلجأ عناصر قاعدة المغرب بعد ''قشة'' أبو محمد المقدسي التي كانوا يتمسكون بها لتبرير أعمالهم الإجرامية؟ هو سؤال طرحه عدد من المراقبين لساحة الجماعات المتطرفة والمتأثرين بإيديولوجيات وأفكار شيوخ ما يسمى بالسلفية الجهادية، غير أن هزة تراجع شيوخ هذا التيار، أثرت كثيرا في مصداقية العمل المسلح الذي تخوضه هذه الجماعات في عدد من الدول العربية والإسلامية، بل وحتى تسجيل التخلي عن العمل المسلح، وتسليم عناصر هذه المجموعات أنفسها لمصالح الأمن بتلك الدول. بدأت التراجعات أولا في مصر، خاصة تلك منها المنسوبة لعبد المجيد الشاذلي، ثم انتقلت إلى المملكة العربية السعودية وشملت أشخاص كثر، مثل الخضير علي الخضير وسلمان فهد العودة، وسفر الحوالي، ثم انتقلت إلى الجزائر، أين عرفت خاصة في الآونة الأخير كما هاما من التراجعات، كتلك المسجلة لأمير الجماعة السلفية للدعوة و القتال أبو حمزة حسان حطاب، وعبد الرزاق البارة عمار صايفي وأبو عبد البر المسؤول السابق للجنة الإعلامية وغيرهم، وأخيرا وليس آخرا أبو محمد المقدسي الذي زاد من تعرية وفضح أعمال القاعدة خاصة فرعها في بلاد المغرب. ي.ب ''استمتعت بشروحاتهم في زنزانتي وبعض الشباب لا يعرفون من هذا التيار سوى الزي الأفغاني'' المقدسي:''أنصح الشباب بمطالعة كتب ومجلدات شيوخ السلفية العلمية'' نصح عاصم البرقاوي المعروف باسم ''أبو محمد المقدسي'' الشباب الراغب في طلب العلم، بالتوجه إلى كتب ومحاضرات شيوخ السلفية العلمية، مشيرا إلى أن الشروحات التي يقدمونها صائبة وجد مفيدة وقد انتقد المقدسي الشباب الذين لا يعرفون من مزايا هذا التيار ''إلا التزين بالزي الأفغاني وإطالة الشعور''؛ أما حالهم مع طلب العلم يضيف المقدسي: '' فما عادت نفوسهم تصبر على مطالعة كتاب أو قراءة مسألة إلى آخرها.'' وقال المقدسي في مقدمة طويلة كتبها عند شرحه لكتاب ''إرشاد المبتدئ لقواعد السعدي'' للعلامة عبد الرحمن السعدي، نشرها منبر الجهاد والتوحيد نهاية الشهر المنصرم، أنه اطلع على العديد من الكتب لشيوخ السلفية العلمية، مشيرا إلى أنه وجد في كتاب الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي أفكارا مفيدة. وأضاف المقدسي في ذات المقدمة، أنه أمضى وقتا ممتعا في زنزانته برفقة تفسير ناصر السعدي، قائلا:'' ولقد حمدته على ذلك التفسير المبارك الذي ينمي في العبد أعمال القلوب ومعاني الخشية والإخبات''، وتعد هذه المقدمة أكبر دليل على تراجع المنظر السابق لتنظيم القاعدة، عن أفكار التطرف والتكفير وتيقنه من بطلان وعدم شرعية الجهاد الذي كان يدعو إليه داخل بلاد المسلمين. وقد انتقد المقدسي الشباب الذين لا يعرفون من مزايا هذا التيار ''إلا التزين بالزي الأفغاني وإطالة الشعور''؛ أما حالهم مع طلب العلم يضيف المقدسي '' فما عادت نفوسهم تصبر على مطالعة كتاب أو قراءة مسألة إلى آخرها؛ ولذلك فما أسرع تساقط بعضهم في مهاوي الغلو والإفراط''، داعيا الشباب إلى طلب العلم الشرعي و''تصحيح الأصول، التي بتصحيحها تصح الفروع وبفسادها وتضييعها تفسد الفروع''. محمد.ب مقتطف من مقدمة كتبها المقدسي في شرحه لكتاب ''إرشاد المبتدئ'' للعلامة عبد الرحمن السعدي أوجّهه إلى بعض المنتسبين لهذا التيار أو المبتدئين في سلوك هذه الطريق، ممن صار عكوفهم على المرئيات والأناشيد ونحوها، ولم يعرفوا من مزايا هذا التيار إلا التزين بالزي الأفغاني وإطالة الشعور؛ أما حالهم مع طلب العلم الشرعي الهادي إلى سبيل الرشاد؛ فما عادت نفوسهم تصبر على مطالعة كتاب أو قراءة مسألة إلى آخرها؛ ولذلك فما أسرع تساقط بعضهم في مهاوي الغلو والإفراط؛ أما حضورهم لمجالس أمثال من أشرنا إليهم من المشايخ، لأخذ مفاتيح العلم التي هم في أمس الحاجة إليها، وربما يجدونها عندهم؛ فهذا وإن كنت غير مشدد عليهم فيه؛ لكن دون ذلك عندهم خرط القتاد؛ كيف وبعضهم يأنف ويأبى ويا للأسى ! أن يحضر حلق العلم عند بعض خيار إخواننا من طلبة العلم المتقدمين، لكونه لا يوافق مذهبهم الذي يتبنونه ربما دون تمحيص وبرهان في بعض مسائل التكفير أو نحوها !! فما لم يكن الشيخ مفصّلا على مقاسهم تماما في كل غرزة؛ فلن يفرح ذلك الشيخ بشهود هؤلاء الجهابذة لمجالسه ! وكأن الشيخ هو المحتاج إليهم لا العكس. لذلك ولكي ننقي هذا التيار من الدخلاء، ونميز الخبيث فيه من الطيب؛ صرنا نحرص على تكرار أمثال هذا النقد ولو كان مرا؛ ونضحي بجزء من أوقاتنا الثمينة في مجالسة أمثال هؤلاء، ونرضى الجلوس معهم لنقاشهم، رغم جهلهم وضحالة عقولهم؛ لعل وعسى، ونركز دوما على توجيه الشباب إلى طلب العلم الشرعي وتصحيح الأصول التي بتصحيحها تصح الفروع، وبفسادها وتضييعها تفسد الفروع. ولا نبالي في سبيل ذلك بما ينالنا من أذى وتطاول بعض الجهال من صغار العقول ومحرفي الكلم عن مواضعه؛ لأن هذا من ضريبة التصدّر لتعليم الناس الذين تتفاوت عقولهم ومداركهم وتختلف مشاربهم وتربيتهم؛ وأنا على ثقة أن أولئك المتطاولين سيرجعون ويرعوون حين تنضج عقولهم وتتسع مداركهم وأفهامهم ويستوعبون ويفهمون ما كانوا ينكرونه من قبل، وأن منهم من سيأتي ليعتذر عما بدر منه من أذى وسوء أدب، كما فعل غيرهم .. وليس ذلك ما يهمني، بقدر ما تهمني استقامتهم على المنهج الحق وعدم تشويههم للتوحيد والجهاد. وقبل أن أختم هذه المقدمة؛ أذكر أنني قد طالعت أكثر من كتاب من كتب الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، فوجدت كتبه طيبة مفيدة، قد حوت أبوابا شتى من العلوم.. كما إني كنت قد أمضيت أياما استمتعت فيها في زنزانتي برفقة تفسيره، ولقد حمدته على ذلك التفسير المبارك الذي ينمي في العبد أعمال القلوب ومعاني الخشية والإخبات ونحوها. ولم يكن لي عليه إلا ملحوظات معدودة، بعضها مهم لا بد من التنبيه عليه؛ سأفرد لها إن شاء الله ورقات خاصة؛ لعلنا ننشرها قريبا للفائدة. أبو محمد المقدسي جمادى الأولى 1430ه نص حوار المقدسي مع جريدة السبيل حاوره: وائل البتيري ما هو تعريف «السلفية الجهادية»؟ وهل تقرّون هذه التسمية؟ لفظ «السلفية» مشتق من الانتساب للسلف الصالح في النهج والاعتقاد والفهم. أما الجهاد فهو جزء من الدين الإسلامي ضمن ضوابط شرعية معروفة لدى العلماء وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية. ونحن لا نستنكر هذه التسمية. ما تقييمكم لأحوال التيار السلفي الجهادي، خصوصاً وأننا سمعنا بوجود خلافات في الأردن بين رموزه؟ لا يخلو تيار أياً كان من الخلاف، وهذه الخلافات المشار إليها كانت بسبب سوء فهم بعض الشباب قليلي العلم، وخلطهم في مسائل التكفير والإيمان، وبسبب حماس واندفاع بعض الشباب. وحتى لا يكون ذلك سبباً في تشويه عقيدتنا وديننا فقد قمنا بمناقشة هؤلاء ومناظرتهم والرد عليهم وحثّهم على طلب العلم. فيما يتعلق بمسائل التكفير التي أشرتم إليها، ألا ترى أن بعض الشباب يتكلم به بجهل، حتى صدر عن كثير منهم كتابات وأقاويل شوهت هذا التيار، ونسب إليه بسببهم القول بتكفير عموم الناس؟ نعم، بعض الشباب الذين قصّروا في طلب العلم قد يقع منهم ذلك، ولذلك كما قلت أركز في مناصحتي للشباب على طلب العلم، فهو المنجي من مهاوي الغلو، وكما أني كتبت كتابي «الوقفات» مناصحة للشباب في الأبواب العملية، فكذلك ناصحتهم في الأبواب العلمية والاعتقادية في كتابي «الرسالة الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير»، وفصّلت فيه شروط وموانع التكفير، وحذرت من الغلو في التكفير، ونبّهت على 33 خطأ من أخطاء التكفير الشهيرة أو الشنيعة التي خشيت على الشباب الانزلاق فيها. ولكن مع أنكم تنكرون مثل هذا التكفير، إلا أنه يُنسب إليكم تكفير بعض العلماء، أمثال (ابن باز، الألباني، ابن عثيمين) فهل هذا صحيح؟ لم يصدر عني تكفير أحد من المشايخ المذكورين، ولكني شدّدت الإنكار على بعضهم في بعض المواقف والمسائل التي احتاجت لذلك في وقتها، فافترى عليّ بعض الخصوم من مقلّدتهم والمتعصبين لهم بأن نسبوا إليّ القول بتكفيرهم، وربما ألزموني بلوازم بعض عباراتي التي شددت النكير فيها عليهم، ولا يلزمني ما ألزموني به، ولا يحق لهم نسبة ذلك إلي ما لم ألتزمه، فليقفوا إن كانوا منصفين عند حدود الكلام، ولا يزيدوا عليه أو يحرفوه. وهؤلاء المشايخ المذكورين في السؤال لا يستطيع أحد أن يقلل من قيمتهم العلمية، وقد استفاد من كتبهم ومؤلفاتهم الكثير من الشباب. في ضوء التفجيرات التي تقع هنا وهناك في بلاد العالم، هل لكم أن تحدثونا عن حرمة دم المسلم في الشرع الإسلامي، خصوصاً وأن البعض ربما يفجر مكاناً عاماً لقتل جندي أو جنديين؟ لا شك أن الشارع عظّم من حرمة المسلم دمه وماله وعرضه، وفي الحديث الصحيح الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلد الحرام في الشهر في يوم الحج الأكبر: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض». وقد نصّ علماؤنا أن استباحة دماء المسلمين خطر عظيم، والخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة (قدْر ما يؤخذ من الدم في الحجامة) من دم مسلم واحد. وعليه، لا يجوز التهاون بدماء المسلمين المعصومين بأي شبهة أو بحجة الجهاد أو غيره، وحتى العصاة من المسلمين لا تحل دماؤهم وأموالهم لمعاصيهم, وواجبنا تجاههم الدعوة والسعي في إخراجهم من الظلمات إلى النور، لا الاشتغال معهم في معارك، وقد كتبت مراراً وتكراراً وتبرّأت مما يرتكبه البعض من عمليات غير منضبطة بحدود الشرع، والتي يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، وسُفك فيها دماء كثيرة دون أي فائدة شرعية تعود على الجهاد والمسلمين. وما رأيكم في خطف مندوبي هيئات الإغاثة المحايدين الذين يستفيد منهم المسلمون في كثير من البلدان؟ أستنكره ولا أؤيده، وأعتبره جريمة تضر بالإسلام والمسلمين، وتؤثر سلباً في سمعة الجهاد والمجاهدين. وهل صحيح أنكم استنكرتم تفجير مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بغداد؟ نعم، استنكرت ذلك واعتبرته خطأ ممن صدر عنه، ولكني لم ألصق هذا الخطأ بأحد، كون هذا العمل لم تتبنَّه جهة معينة معروفة، وأنا لا يهمّني من قام بالعمل بقدر ما يهمني مناصحة الشباب المسلم بالعموم، وتسديد مسيرته إلى أقوم الاختيارات وأحسنها، فاللجنة الدولية للصليب الأحمر منظمة إنسانية إغاثية محايدة لا دخل لها بمحاربة الإسلام والمسلمين، ويتردد على مقرها مئات بل ألوف المسلمين الذين يستفيدون من مساعداتهم في أبواب كثيرة، فاستهداف مقراتهم وحافلاتهم وطائراتهم مظنة لاستهداف معصومي الدم من المسلمين، كما فيه استهداف لمن لم يقاتلنا في الدين، بل هو ممن يعين المسلمين في أبواب شتى، ومثل هؤلاء الواجب الإحسان إليهم، لا قتلهم أو خطفهم. ولهذا السبب شكرت منظمة الصليب الأحمر على وقفتها معكم أثناء فترة اعتقالكم؟ نعم، وأنا لا أتحرج أن أذكر بالإحسان من أحسن إليّ وإلى إخواني، وحسن العهد من الإيمان. ما رأيكم بالهجوم على الكنائس وتفجيرها؟ لا أؤيد مثل هذه الأعمال وأنكرها؛ لأن الكنائس ليست ساحات معارك، وقد فصّلت هذا في كتابي «الوقفات». وماذا عن موقفكم من تفجير صالات السينما؟ إن كان في ذلك قتل للعصاة فهو عمل محرم وجريمة لا نقرها بحال، وهي طريقة غير شرعية في إنكار المنكر إذ أن العقوبة بقتل من يقترف مثل هذه المعاصي ظلم وتجاوز وتعدٍّ لحدود الله، فهي عقوبة غير شرعية، وحتى لو لم يؤدِّ ذلك إلى قتل أحد فهو خطأ في السياسة الشرعية والأولويات، ولن تنتهي صالات السينما بتفجير بعضها. وقد جرّب بعض الشباب ذلك، وحُكموا أحكاماً طويلة في السجن أمضوا فيها زهرة شبابهم وخرجوا بهذه النتيجة، إضافة إلى أن في ذلك فتحا لجبهات مع عموم الناس الذين حقهم أن نشتغل معهم بالدعوة، لا في القتل والقتال. يُنسب إلى بعض الحركات التي تؤمن بالأعمال المادية سرقة البنوك أو أموال بعض العصاة أو الفساق من المسلمين أو المستأمنين في دار الإسلام. ما مدى شرعية ذلك؟ مال المسلم ولو كان فاسقاً أو عاصياً لا يحل، بل هو معصوم لا يجوز الاعتداء عليه واستحلاله لمعصية، وما ينسب إلى البعض من استحلال دماء الفساق أو العصاة إن ثبت فهو جهل منهم بأحكام الشرع، نبرأ إلى الله منه ونحذّر منه، فحرمة مال المسلم معلومة مؤكدة في الشرع كحرمة دمه وعرضه، ولا يخفى ذلك على أحد من أهل الإسلام، وينطبق هذا على غير المسلمين من المستأمنين في دار الإسلام مهما كانت جنسياتهم. وماذا عن استهداف الشيعة في العراق وتكفيرهم بالجملة؟ هذه من المسائل التي تكلمت فيها وأشرت إليها في «الوقفات» أيضاً، فالشيعة الروافض على خبثهم وعقائدهم الباطلة والمنحرفة هناك ضوابط لتكفيرهم شأنهم في ذلك شأن سائر أهل البدع من الفرق المنتسبة إلى القبلة، ولا يكفَّرون بالعموم، بل يفرَّق في التكفير بين عوامّهم الذين لا يفقهون من مذهبهم شيئاً وليس عندهم شيء من المكفرات إن وجدوا، وبين خواصهم الذين ينتحلون المكفرات المعروفة في مذهبهم، وكذلك في القتال يفرَّق بين المقاتلين منهم لأهل السنة وغير المقاتلين، ويفرَّق بين الصائل وغيرهم، كما يفرَّق بين الطائفة الممتنعة وبين المقدور عليه منهم، وكذلك يفرَّق بين الدفع والقتال وبين القتل، كل ذلك معلوم عند المحققين من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي كان أخبر الناس وأعلمهم بمذهب الروافض، ومع ذلك فصّل في ذلك تفصيلاً نفيساً. ولكن بعض الناس يقفز عن ذلك التفصيل كله، ويتجاهله عند تناول الأحكام والفتاوى التي تناسب مآربه، سواء كان من العلماء والمفتين الرسميين الذين يدشنون الفتاوى إرضاء للحكومات ومناسبة لسياساتها، أو من الشباب المتحمس الذي يرى ويسمع جرائم الروافض في حق أهل السنة فربما صدرت عنه الفتاوى كردود أفعال لذلك دون مراعاة لضوابط الشرع. ونحن، والحمد لله، لسنا من هؤلاء ولا من هؤلاء، بل حادينا وقائدنا الدليل الشرعي، ولذلك أنكرنا تفجير مساجد الشيعة لأن المساجد يدخلها العامي والمرأة والطفل والشيخ الطاعن في السن ونحوهم.. وأنكرنا كذلك استهداف نسائهم وأطفالهم وغير المقاتلين منهم. هذا كان حدود كلامنا الذي لم يعجب البعض، ونحن حين نتكلم في دين الله وشرعه لا يضبط كلامنا أو يوجهه إعجاب الناس أو تعجبهم، وإنما تضبطه ضوابط الشرع وأدلته. يرى البعض أن فكر التيار السلفي الجهادي ينحصر في مسألتي الحاكمية والجهاد. هل هذا صحيح؟ بعض الشباب المبتدئين ربما يركزون على هذا الأمر فيُظن أن فكره أو دعوته منحصرة به، ولكن هذا التيار من أهل الإسلام، دينهم دين الإسلام، وهم مأمورون كسائر أهل الإسلام بالدخول في الإسلام كافة. البعض يعد (الطاقية السوداء) شعاراً لأتباع ما يسمى بالتيار السلفي الجهادي.. هل هذا صحيح؟ هذا غير صحيح، ربما يتعاطاه ويتمسك به بعض الشباب البسطاء والمبتدئين، لكن ما الفرق بين طاقية سوداء أو بيضاء أو زرقاء، ليست المسألة بالألوان والصور، ففي الحديث: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». هل من نصيحة توجهها إلى الشباب عموماً في خاتمة هذا اللقاء؟ أنصحهم بالاهتمام بطلب العلم الشرعي، وعدم الانشغال بأي عمل يستغل في تشويه الإسلام والمسلمين والجهاد والمجاهدين، وأن يقرأوا ما كتبته لهم من نصائح في كتاب «الوقفات»، حيث استقيتها من تجارب وعثرات الكثير من الشباب، راجيا أن لا تتكرر مثل هذه الأخطاء، مع التأكيد على تحريم دماء المسلمين، وعصمة أموالهم وأعراضهم. رابط المصدر : http://www.assabeel.net/main/default.aspx?xyz=BOgLkxlDHteZpYqykRlUuI1kx%2fVDUOFoTP4S4b4MYop3iBFo9nBi4HisAn4v6qRgvTwiV25ig9F4VxR8av4NeOsiwjQOLQbijpAqOnHi7na%2bwukLAC%2fxdFC97pk9HHj79Ny6qEoToGo%3d