وصف الله سبحانه وتعالى أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فقال "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، أما عن أفعاله الأخلاقية، فورد الكثير في وصفها مما نقله أهل العلم من صحيح الأخبار المأثورة، ويمكن تتبع بعض هذه الصفات عبر جملة من المحطات. الإيثار كان النّبي يخرج لصلاة الفجر كل ليلة وكانت المدينة شديدة البرودة، فرأته امرأة من الأنصار فصنعت له عباءة، وذهبت إليه وقالت هذه لك يا رسول الله، ففرح بها النبي ولبسها وخرج، فرآه رجل من الأنصار فقال ما أجمل هذه العباءة، أكسينيها يا رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ّ"نعم أكسك إياه" وأعطاها له. يعطي عطاء من لا يخشى الفقر بعد غزوة «حنين» كان نصيب الرسول الكريم من الغنائم كثير جدا إلى درجة أن الأغنام كانت تملأ منطقة بين جبلين، فجاء رجل من الكفار ونظر إلى الغنائم وقال ما هذا؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبك؟ فقال الرجل: نعم، فقال: هي لك، فقال له الرجل: يا محمد أتصدقني؟، فقال له الرسول: أتعجبك؟ فقال الرجل: نعم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذاً خذها فهي لك، فأخذها الرجل وجرى مسرعاً لقومه يقول لهم "يا قوم: أسلموا، جئتكم من عند خير الناس إن محمداً يعطى عطاء من لا يخشى الفقر أبدا". الوفاء كان في مكة رجل اسمه «أبو البختري بن هشام» وكان كافراً ولكنه قطع الصحيفة التي كانت تنصّ على مقاطعة «بني هاشم» ونقض العهد بينهم، فقال الرسول للصحابة "من لقي منكم أبو البختري بن هشام في المعركة فلا يقتله وفاء له بما فعل يوم الصحيفة". الشهامة أخذ أعرابي من «أبي جهل» أمواله، فذهب هذا الأعرابي إلى سادة قريش يطلب منهم أمواله من «أبي جهل» فرفضوا، وقالوا له "اذهب إلى هذا الرجل فإنه صديق أبو جهل وسيأتي لك بمالك"، وأشاروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء به، فذهب الرجل إليه وقال: لي أموال عند «أبي جهل» وقد أشاروا علي القوم إليك، فقال صلى الله عليه وسلم نعم أنا آتيك بها، وذهب إلى أبي جهل وقال له "أللرجل عندك أموال؟" فقال «أبو جهل» نعم، فقال "أعطى الرجل ماله"، فذهب «أبو جهل» مسرعا وجاء بالمال. الصدق وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جبل «الصفا» وقال "يا معشر قريش، أرأيتم إن قلت لكم إنه خلف هذا الجبل خيل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا "نعم، ما جردنا عليك شيئا من قبل، فأنت الصادق الأمين"، فقال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". الأمانة والصفح عرف النبي صلى الله عليه وسلم بخلق الأمانة، فكان أكبر أمين في مكة، وكان الناس يسمونه بالصادق الأمين، وكان الكفار أنفسهم يتركون عنده الأموال لأنهم يعلمون أنه الأكثر أمانة، كما عرف بخلق العفو، فعندما دخل مكة وفتحها قال لأهلها "ما تظنون أنى فاعل بكم؟"، قالوا "خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء".