المسلم إنسان طموح ذو همة عالية وأمل عريض، فهو يعلم أن الله تعالى يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها، وإن الكيس العاقل هو صاحب الهمة العالية الذي يدين نفسه ويعمل لما بعد الموت، وأن العاجز هو الذي يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأماني، وقد أمرنا الله تعالى بحسن الجهاد في الله فقال "وجاهدوا في الله حق جهاده"، والجهاد لا يكون إلا من صفات صاحب الهمة العالية، والمؤمن لا ترضى همته إلا بالجنة، فقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحبته وأخذ يوزع عليهم الصدقات ويعطى كل واحد مسألته، وكان يجلس بجواره «ربيعة بن كعب الأسلمي»، وكان من أفقر الناس ولكنه لم يسأل النبي شيئا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "سلني يا ربيعة"، فقال "يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة"، فقال "يا ربيعة أعني على نفسك بكثرة السجود"، فهمة المؤمن في أعلى عليين وهمته في العلم والعمل سواء، قال «عبد الرحمن الأوزاعي» "إن المؤمن يقل الكلام ويكثر العمل، وإن المنافق يكثر الكلام ويقل العمل"، ولا عجب حينئذ حينما نسمع أن بعض الصحابة مثل «أبى أيوب الانصاري» قد رحل من الحجاز إلى مصر لسماع حديث واحد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. لا يرضى أصحاب الهمم العالية بغير القمة، وإن المخترعين والمستكشفين والمصلحين والفلاسفة لم يكونوا ملائكة أو شياطين، ولكنهم كانوا رجالا تملكهم الأمل فبذلوا في سبيله كل جهودهم وقلوبهم حتى أدركوه، والعاقل هو من يثبت ذاته بما يرفع قدره ويجلب له النفع ويكسبه احترام الناس، ومن الأمور التي ترفع من همة المرء أن يجدد أهدافه في الحياة ويجدد علاقاته ولا يركن إلى الخمول ويعشق العمل ويغتنم الفرصة.