أن تثق في الله وفيما عنده هو عين التوكل، قال «ابن عباس» رضي الله عنهما "التوكل هو الثقة بالله"، وقال «الحسن» "إن من توكل العبد أن يكون الله هو ثقته"، وقال الإمام «أحمد» "هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق"، و"وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به"، والتوكل دليل على حسن الظن بالله وهو طمأنينة القلب بموعود الله عز وجل، وقيل فيه أيضا "هو قطع النظر عن الأسباب بعد تهيئة الأسباب وإسناد العبد أمره إلى الله وحده لا شريك له في جميع أموره الدينية والدنيوية"، كما قيل "هو حالٌ للقلب ينشأ عن معرفته بالله والإيمان بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع والعطاء والمنع وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فيوجب له اعتمادا عليه وتفويضا إليه وطمأنينة وثقة به ويقينا بكفايته لما توكل عليه فيه". درجات التوكّل - معرفة الرب وصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور إلى علمه وصدورها عن مشيئته وقدرته واليقين بكفاية وكيله وأنَّ غيره لا يقوم مقامه في ذلك. - إثبات الأسباب ورعايتها والأخذ بها. - رسوخ القلب في مقام التوحيد. - اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه، حيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب ولا سكون إليها، وطمأنينته بالله والثقة بتدبيره. - حسن الظن بالله عز وجل. - استسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته. - التفويض، وهو إلقاء العبدِ أمورَه كلها إلى الله وإنزالها به طلباً واختيارا، لا كرهاً واضطرارا، والتفويض هو روح التوكل ولبّه وحقيقته. - الرضا. مراتب خيريّة 1- أن يكون المتوكل حاله في حق الله سبحانه والثقة بكفالته وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل، وهذا توكل العامة. 2- حال المتوكل مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه، فإنه لا يعرف غيرها ولا يفزع إلى أحد سواها ولا يعتمد إلا إياها، والفرق بين هذه الدرجة والأولى أن هذا متوكل وقد فني في توكله عن توكله، إذ ليس يلتفت قلبه إلى التوكل وحقيقته، بل إلى المتوكَل عليه فقط، وهي أقوى من الأولى 3- استسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته، ويكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل، لا يفارقه، وهو توكل الخاصة وهو أعلى المراتب الدرجات. توكّل الصالحين من النماذج العملية التي توضح حقيقة التوكّل في آثار الصالحين، توكل النبي عليه الصلاة والسلام الذي رتّب للهجرة إلى المدينة، حيث تضمنت ترتيباته استئجار دليل مشرك ليدله على الطريق وغير ذلك موقفه في غزوة «بدر» الكبرى وما حدث له ب«ذات الرقاع» من رفع الأعرابي سيف النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وكان يحمل الزاد والمزاد إذا سافر في جهاد أو حج أو عمرة، وكذلك «إبراهيم» عليه السلام، كان متوكلا حق التوكل، ففي قصة حرقه بالنار دليل على ذلك، ومثله نبي الله «موسى» عليه السلام في لحاق فرعون وقومه له عند البحر وقد انقطعت السبل إلا من رجاء الله تعالى، إذا البحر وراءه وفرعون وجنوده أمامه، وكذلك أصحاب الكهف والرقيم في نومهم بالكهف وهم الذين تركوا الكفر وأهله.