الصيام والقيام في رمضان متلازمان عند أهل الإيمان، إذ في القيام كل خصال الخير والأجر العظيم وهو من خصال التقوى التي فرض الله سبحانه وتعالى الصيام لتحقيقها وتحصيل عواقبها وآثارها، والقيام في رمضان من الشعائر العظيمة التي سنّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، ففي الصحيحين عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وثبت في الصحيح عن «عائشة» رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد من جوف الليل، فصلى بصلاته ناس من أصحابه ثلاث ليال، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله -أي امتلأ بالناس- فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان"، وفي هذا الحديث شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، وفيه حرص الصحابة رضي الله عنهم على السنة ورغبتهم في قيام الليل، وفي الصحيحين أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وهذا من أدلة فضل قيام رمضان، خاصة العشر الأواخر منه، فقد كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم إحياؤها تحريا لليلة القدر، طلبا لما فيها من الأجر العظيم، وقيام رمضان شامل للصلاة، في أوله وآخره، والتراويح من قيام رمضان، ففي السنن وغيرها عن «أبي ذر» رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، فينبغي الحرص عليها رغبة في الخير وطلبا للأجر، فيصلي المرء مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له أجر قيام ليلة، وأحب أن يصلي من آخر الليل ما كتب له ليفوز بفضائل صلاة جوف الليل، فإنها مشهودة مكتوبة، يسمع فيها الدعاء ويستجاب وتقضى المسألة ويغفر الذنب، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "صلاة الليل مثنى مثنى"، فلم يقيد الصلاة بعدد، فيصلي ما شاء الله، غير أنه لا يوتر إن كان أوتر مع الإمام أول الليل لقوله صلى الله عليه وسلم "لا وتران في ليلة"، والمقصود أن أوقات شهر رمضان أوقات شريفة مباركة ينبغي للموفق أن يغتنمها في جليل القرب والإلحاح على الله بالطلب لخيري الدنيا والآخرة والتوفيق من الله، فإنه هو الرحمن المستعان وعليه التوكّل.