يثير لقاء "الفراعنة" و"الخضر" الذي سيفضي إلى تأهل أحد هاذين الفريقين بعد غد بملعب القاهرة بمصر إلى مونديال جنوب إفريقيا حماسا كبيرا هذه الأيام للأنصار على مستوى شرق البلاد على غرار باقي ربوع الوطن. فعلى بعد يومين من موعد هذا اللقاء الحاسم، فإن أجواء رائعة تسود الشوارع والأحياء في شتى ولايات البلاد بشكل لم يسبق أن شهدته مباراة لكرة القدم. وتشكل المباراة الحاسمة القادمة محورا أساسيا في أحاديث وتعليقات الأنصار وغالبيتهم من الشباب والذين تركوا المواضيع والانشغالات الأخرى إلى ما بعد اللقاء. وهكذا، تحتل حظوظ الفريق الوطني في تحقيق حلم التأهل الثالث لمونديال جنوب إفريقيا وكذا فخذ «كريم زياني» وقدم «مجيد بوقرة» صدارة التعاليق متقدمة بذلك وبمسافة كبيرة على كبش عيد الأضحى الذي لم يبق على حلوله سوى أسبوعين من الزمن. وتشير ملامح أحد الشبان وهو يكاد يفيض دموعا بعدما لم يجد قماشا أخضرا لخياطة علم وطني لمناصرة الفريق الوطني بحي 1700 سكن بسوق أهراس إلى تلك الحمى الخضراء التي اجتاحت الجزائريين سواء أكانوا نساء أو رجالا شبابا أو شيوخا أو أطفالا. حيث يجزم المتحدث ذاته الذي لم يترك محلا للقماش إلا وقصده بأنه لم يجد أية قطعة للقماش باللون الأخضر، وقال: "لقد وصلت متأخرا لأن كل القماش بهذا اللون قد بيع في الأيام الأخيرة من أجل خياطة أعلام وطنية ولافتات وقبعات وغيرها". ووسواء أكان الأمر في سوق أهراس أو في باقي مدن وتجمعات ولايات الوطن، فإن الأنصار الشباب لم يبخلوا بحيلة أو فكرة قصد اقتناء أعلام وطنية من الراية الصغيرة إلى العلم الكبير كما أبدعوا في توفير مستلزمات جديدة بألوان الجزائر والفريق الوطني، فيما لم تنج الإعلام الوطنية التي علقت على شرفات الإدارات العمومية والمؤسسات من وصول المناصرين إليها مهما ارتفع علوها وهو الأمر الذي طال حتى الأضواء الملونة والإعلام الصغيرة في مختلف الشوارع والطرقات. أهازيج وأغاني جديدة ممجدة للفريق الوطني من جهة أخرى، برزت على مستوى الشوارع والأحياء محلات مرتجلة تقترح على الأنصار مختلف المواد التي تكمل المشهد الحماسي لما قبل 14 نوفمبر مهداة للاعبي "الخضر" من «مراد مقني» إلى باقي زملائه المعول عليهم كثيرا في صنع ملحمة جديدة للرياضة الجزائرية. وغالبا ما يتم ذلك على وقع أهازيج وأغاني جديدة بصوت صارخ يخلد الفريق الوطني وعناصره. ففي قسنطينة، حيث تنبعث من مكبرات "الديسك جوكي" أغاني ممجدة للخضر بدأت قوافل السيارات تجوب شوارع وأنحاء مدينة الصخر العتيق مستعملة منبهاتها بأعلى قوة، مقدمة صورة مصغرة للمشهد الكبير المنتظر في الثامنة والربع من مساء بعد غد في حال تأهلت التشكيلة الوطنية إلى المونديال. ولا يرق الشك مطلقا في ذهن إحدى تجار المدينةالجديدة "علي منجلي" بشأن تأهل مستحق سيحققه "محاربو الصحراء"، وهو ما يعبر عنه مرارا من أجل زيادة اقتناعه، مضيفا بأنه من غير المعقول أن يتلقى دفاع "الخضر" هدفين في هذه المباراة بالقاهرة وهو العدد ذاته الذي تلقاه الفريق خلال 5 مباريات تصفوية كاملة. مؤكدا أن على «سعدان» أن يقحم «ياسين بزاز» في هذه المباراة وهو اللاعب الذي سبق له حرمان مصر من التأهل لكأس العالم سنة 2002 بوضعه كمدعم ل «عبد القادر غزال». ولا تكاد مثل هذه التعاليق تنتهي متزامنة مع تزايد الحشد الجماهيري المناصر للخضر على مستوى المقاهي والمطاعم وحتى في محلات الحلاقة. فكل شيء يمر تموقع اللاعبين استعمال الأروقة الكرات الثابثة أو أحسن الطرق للضغط على «أبو تريكة». ثقة كبيرة ب «سعدان» وأشباله وفي قرية زغاية الواقعة على بعد 10 كلم من مدينة ميلة ابتدع شبان محليون مثالا آخر للنصرة الشعبية و للقوة الهادئة تحسبا للقاء مصر والجزائر، إذ تمت خياطة وتعليق علم وطني عملاق بطول 200 متر وعرض 10 أمتار زين وسط المدينة وأضفى عليها أجواء شديدة الحماس. وبعاصمة الولاية ميلة، بلغت الثقة ب «رابح سعدان» وأشباله حد إقدام ميليين شباب على جمع أموال ومواد من أجل اقتناء اللحم وشتى اللوازم بغية تحضير محور لذيذ مساء 14 نوفمبر لصالح المئات من الأشخاص. ومن المنتظر أن تتابع المباراة بمدن ولاية ميلة عبر شاشات عملاقة يجرى حاليا تحضيرها بمؤسسات الشباب. وتبقى الكلمة الفصل للمناصر شيخ في السبعين من العمر وهو مناصر وفي لوفاق سطيف والذي صرّح بأنه على بعد أيام من نهائي كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ومن مباراة عودة نصف نهائي كأس إتحاد شمال إفريقيا فإن "الأخضر والأبيض" قد أخذ مكان الأسود والأبيض حتى لدى أكثر مناصري الوفاق تعصبا لفريقهم.