الأيام الجزائرية عواصم ( وكالات): قالت صحيفة «ديلي تلغراف» إن الرئيس «باراك أوباما» أمر بمراجعة ما إذا كانت وكالات الاستخبارات الأمريكية قد عالجت وتشاركت المعلومات بينها كما ينبغي فيما يتعلق بحادث إطلاق النار في قاعدة «فورت هود» المتهم فيه الرائد نضال حسن بقتل 13 وجرح آخرين. ويأتي هذا الإجراء من«أوباما»، حسب ما تقول الصحيفة، بناء على نداءات من مجلس النواب بفتح تحقيق بعد تأكيد مكتب المباحث الفدرالية أن الحكومة الأمريكية كانت على علم بنحو 20 رسالة إلكترونية تبادلها الرائد «حسن» مع إمام مسجد متطرف في اليمن منذ ديسمبر 2008. ونقلت «ديلي تلغراف» عن مسؤولين أمريكيين أن الرائد حسن البالغ 39 عاما سيواجه 13 اتهاما بالقتل العمد بموجب النظام القضائي العسكري. وهذا القرار، تقول الصحيفة، يجعله مؤهلا لعقوبة الإعدام إذا ثبتت إدانته، رغم عدم تطبيق هذا الحكم على أي عسكري منذ العام 1961. وما زال يتعين على الجيش أن يبت بشأن واقعة اتهام إضافية تتعلق بوفاة جنين في بطن أمه التي كانت إحدى الضحايا. وقالت الصحيفة "إن هناك دليلا إضافيا قد برز بأن السلطات اختارت عدم الاعتماد عليه بأن الرائد حسن قد يشكل خطرا أمنيا، "فقد أقلقت آراؤه الدينية المتعصبة وسلوكه الغريب الأطباء الأمريكيين المشرفين على تدريبه الطبي، لكنهم كانوا قلقين من احتمال النظر إليهم كمعادين للمسلمين إذا مشوا وراء تأكيد مخاوفهم". كما نقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري قوله إن فريق مركز «والتر ريد» الطبي للجيش وصفوا «حسن» بأنه شخص عادي ومتراخ، ما يجعله عدوانيا ومجادلا في مناقشاته المتكررة حول معتقده الديني، لكنهم لم يعدوه عنيفا أو يشكل تهديدا. ما زالت تداعيات وملابسات حادث إطلاق النار في قاعدة «فورت هود» الأمريكية تهيمن على الصحف الأمريكية مركزة على حالته النفسية، ومفندة لمزاعم أنه لم يكن في وعيه عند ارتكابه الجريمة وعلاقته ببعض الشخصيات الإسلامية المتطرفة. ففي تعليقها على الحالة النفسية للرائد «نضال مالك حسن»، نقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول مطلع على التدريب الطبي ل «حسن» قوله إن أطباء الجيش النفسيين في مركز «والتر ريد» الطبي للجيش، الذين أشرفوا على عمل «حسن» كزميل لهم، حاولوا توجيه انشغاله المتزايد بالدين والحرب إلى شيء مثمر فأمروا بحضور سلسلة محاضرات جامعية عن الإسلام والشرق الأوسط والإرهاب، وذلك قبل حادث إطلاق النار في قاعدة «فورت هود» بولاية تكساس الأمريكية الذي أسفر عن قتل 13 وجرح آخرين. وأضاف المسؤول أن "الطاقم النفساني في «والتر ريد» لم يناقشوا مسألة طرده من الخدمة. بل كان يعتبر في البداية مرشحا جيدا لكلية الطب لأنه قضى وقتا كمجند وكان يرعى أشقاءه بعد وفاة والديه، الأمر الذي اعتبره المراقبون علامة جيدة على أنه كان يتمتع بحس أخلاقي جيد في عمله". وقال أيضا إن «حسن» لم يسع رسميا لترك الجيش كمعارض وجداني أو لأي سبب آخر. ويذكر أن "فكرة حضور «حسن» للمحاضرات برزت أثناء مناقشات بين أطباء المستشفى النفسيين وكلية الطب التابعة للجيش بشأن ما لوحظ من افتقاره للإنتاجية واهتمامه المستمر بالمسلمين الذين تتعارض معتقداتهم الدينية مع واجباتهم العسكرية. ووجد المسؤولون عنده رغبة في العمل ضمن مجال لا يعرف عنه أحد أي شيء". وألمح المسؤول إلى أن الأطباء النفسيين، أثناء المناقشات، علقوا في ملاحظات عابرة على ما إذا كان بإمكان «حسن» أن يكون أسير بعض الأوهام أو أن يؤذي زملاءه، لكنهم لم يظنوا أنه يشكل خطرا ولم يتخذوا أي خطوات لإخضاعه لتقييم كفاءته العقلية أو كخطر أمني. بل على العكس فقد وصف سلوكه بأنه لطيف ومؤدب وغالبا ما كان يرد على أي أسئلة عن حاله قائلا "بخير والحمد لله". وعقب المسؤول بأنه في عام 2007 قال «حسن» مخاطبا بعض الأطباء في «والتر ريد» إنه لتفادي "حوادث وخيمة" ينبغي على الجيش أن يسمح بتسريح المسلمين الذين يبدون معارضة وجدانية بدلا من القتال في حروب ضد مسلمين آخرين. وأضاف أنه في وقت إطلاق النار كان «حسن» على وشك نقله إلى أفغانستان. ويذكر أن «حسن» سعى طوال سنوات لتسريحه من الخدمة وأنه استشار محاميا في ذلك. لكن مسؤولين كبارا في الجيش قالوا إنه حتى إذا كان قد سعى للخروج من الجيش بسبب معارضته للحروب في العراق وأفغانستان، فإن الجيش بالتأكيد كان سيرفض طلبه لأن عليه التزاما تجاه الجيش الذي وفر له تدريبا طبيا. وتأكيدا لعدم سعي «حسن» لتسريحه قال المسؤول إنه قد تم تقييمه من قبل لجنة الترقيات في ربيع 2008 وصادقت على أدائه ورقي من رتبة نقيب إلى رائد عام 2009. وفي سياق متصل أيضا علقت «واشنطن تايمز» بأن حبكة مربكة بدأت تتشكل خيوطها عقب مذبحة «فورت هود» حيث يسعى البعض إلى تفسير دوافع الرائد نضال لقتله 13 شخصا عمدا بتجاهل ما أسمته أيديولوجية الكراهية التي قدست الاغتيالات بدلا من السعي لمعرفة الأسباب الحقيقية. وقالت الصحيفة إن هذا الأمر ينطبق عليه ما يعرف بالدراسة النمطية لضحايا الجريمة: الرثاء على مشاكل المجرم ثم محاولة إيجاد تبريرات له في علم النفس الشعبي. نعم هو مذنب، لكن أليس المجتمع شريكا أيضا في جزء من اللوم؟ ألسنا جميعا مذنبين؟. واعتبرت أن ما حدث ليس انهيارا عقليا كما لخصه الرئيس أوباما. لأن «حسن» لم يكن شخصا عاديا استيقظ ذات صباح وجن جنونه. بل إنه كان متدينا بحق وخطط بعمد ونفذ هجومه ضد بلد رأى فيه عدوه والاغتيالات التي ارتكبها كانت باختياره. وأضافت أن تصرفه الذي "يتعذر تفسيره" كما وصفه أوباما ليس كذلك. فقد "كانت المذبحة ذروة منطقية لمنظومة عقدية تؤيد وتقدس العنف الإجرامي"، وأنه على ما يبدو رأى في نفسه "صورة للمحارب الجهادي". وكان يجب أن يؤخذ كلامه مع بعض زملائه عام 2007 على محمل الجد عندما قال لهم "إننا نحب الموت أكثر مما تحبون الحياة". واستطردت الصحيفة بأن "مذبحة «فورت هود» لا يمكن فهمها بعيدا عن هذا السياق. فهي لم تكن زيغا أو نوبة جنون". وفي سياق آخر أشارت إلى أن «حسن» كان على اتصال بعدد من "المتطرفين الإسلاميين" -بعضهم قيد التحقيقات الفدرالية- قبل "مذبحة" الأسبوع الماضي. وقالت إنه أجرى اتصالات عبر الإنترنت، من خلال غرف الدردشة، ببعض "الجهاديين" المعروفين في أمريكا والخارج والموضوعين تحت رقابة المباحث الفدرالية ضمن ما يعرف بفرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب. وأضافت أن هؤلاء الأشخاص كانوا معروفين ومصنفين ك"إسلاميين متطرفين" وإن كانوا ليسوا بالضرورة منتمين إلى القاعدة. ومن بين هؤلاء الأشخاص، تدعي الصحيفة، إمام مسجد اسمه أنور العوالكي الذي نعت «حسن» بالبطل في إحدى المدونات عقب الحادث. وقال مسؤول استخباري إن "تلك الاتصالات، باستثناء«العوالكي»، يمكن تفسيرها بالبريئة. لكنها مجتمعة ترسم صورة مقلقة للغاية". وأضاف المسؤول أن«العوالكي» المقيم حاليا باليمن، والذي يخضع لرقابة مشددة من المباحث الفدرالية، اتصل بالرائد «حسن» نحو 20 مرة في نهاية 2008. كما حضر له موعظة في مسجد«سان دييغو» عام 2001. ويذكر أن الرائد «نضال حسن» لم يتهم رسميا وسيوجه إليه الاتهام في محكمة عسكرية.