الأيام الجزائرية لندن ( وكالات): تستمر مداولات التحقيق الجاري حاليا في بريطانيا للبحث في مزاعم الحكومة البريطانية بامتلاك العراق لأسلحة التدمير الشامل، لليوم الثاني على التوالي. واستجوب التحقيق أمس الأربعاء اثنين من كبار المسؤولين السابقين في وزارة الخارجية البريطانية هما «تيم دوسيه» و«وليام اهرمان». وتم البحث خلال لقاء لجنة التحقيق مع هاتين الشخصيتين البارزتين في المعطيات والمعلومات المتاحة لوزراء الحكومة البريطانية آنذاك حول أسلحة التدمير الشامل العراقية المزعومة قبل غزوه من قبل التحالف العسكري الذي قادته الولاياتالمتحدة في عام 2003. وينظر التحقيق في الأسباب الموجبة التي أدت إلى الحرب على العراق، ومنها المزاعم التي ثبتت عدم صدقيتها والقائلة أن نظام حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان يملك أسلحة تدمير شامل، وانه قادر على شن هجوم بها في غضون 45 دقيقة في حال صدر الأمر بذلك، وهو أمر كان مصدر جدل وخلاف لفترة طويلة من الزمن. كما ينظر التحقيق، الذي أمر رئيس الوزراء البريطاني «غوردن براون» به واختار بنفسه لجنة التحقيق، في الأحداث والملابسات التي شهدتها قضية الحرب على العراق خلال الفترة من عام 2001 وحتى عام 2009. ومن المنتظر أيضا أن تركز الفترة الأولى من التحقيق على "عدد كبير" مع العوامل التي أدت إلى الحرب، ومنها الجوانب الاستخبارية والدبلوماسية. يشار إلى أن دوسيه كان رئيس دائرة مكافحة انتشار أسلحة التدمير الشامل بوزارة الخارجية خلال الفترة من 2001 و 2003. أما اهرمان فقد كان رئيس هيئة الأمن الدولي في الخارجية منذ 2000 وحتى 2002، ثم رئيسا لدائرة الدفاع والاستخبارات بنفس الوزارة للأعوام من 2002 وحتى 2004. استجابت وسائل الأعلام البريطانية والعالمية للنداء الذي أطلقة الدبلوماسي البريطاني «اوليفر مايلز» بتغطية واسعة لجلسات لجنة التحقيق المستقلة حول احتلال العراق، وركزت نشرات الأخبار والتقارير التلفزيونية على مجريات التحقيق الذي سيستمر عدة شهور. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» افتتاح الجلسات صباح الثلاثاء نقلا مباشرا، فيما بدت أمام المبنى الذي تعقد فيه الجلسات تظاهرة لعدد من المحتجين يرفعون لافتات منددة باحتلال العراق. وربطت "بي بي سي" بين مراسليها من موقع عمل لجنة التحقيق في لندن ومراسلها في العاصمة العراقية بغداد في بداية للتعليق على تداعيات الحدث. وكان الدبلوماسي البريطاني اوليفر مايلز قد أطلق سؤالا في مقال نشره بصحيفة "الاندبندنت" الأحد حول رئيس الوزراء البريطاني السابق «توني بلير»، وعما إذا كان "مجرم حرب" أم هامشاً للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش؟. وطالب مايلز في مقاله وسائل الإعلام بتغطية التحقيق حول الحرب على العراق بصورة جيدة، مشيرا إلى أنه قبل خمسة أشهر "كان هناك حوار حاد حول العراق في مجلس العموم أهمله الإعلام". وأكد بقوله "أن هناك العديد من الأدلة على أنه كانت هناك معارضة شديدة للحرب ولأسباب قوية"، بما فيها وثائق مسربة. ودعى مايلز الدبلوماسيين البريطانيين إلى الإدلاء بشهاداتهم أمام لجنة التحقيق "كدبلوماسي متقاعد، أتمنى أن لا يكون زملائي السابقون خجولين". وبدأت لجنة التحقيق المستقلة حول حرب العراق أولى جلساتها العلنية في لندن الثلاثاء، وستستمع خلالها إلى إفادات دبلوماسيين ومسؤولين استخباراتيين بريطانيين سابقين حول أصول الأزمة. وشدد رئيس لجنة التحقيق جون تشيلكوت في بيان على أن لجنته المكونة من خمسة أعضاء "ستنظر بشكل مستفيض إلى الدور الذي لعبته بريطانيا في غزو العراق ومرحلة ما بعد الحرب لإقرار حقيقة ما حدث، وتقييم الإنجازات والأخطاء والوقوف على أسبابها من أجل تعلم الدروس والعبر". وقال إنه "يعتزم اصدر تقرير شامل وحيادي وموضوعي ونزيه، لن يقصّر في انتقاد المؤسسات والأفراد عند بروز حاجة تبرر ذلك". وأعلن أن لجنته لن تحابي أي جهة وستصدر تقريراً شاملاً وثاقباً في نهاية عملها عن الأحداث التي أحاطت بالحرب قبل اندلاعها عام 2003 والفترة التي تلتها، وشدد على أن تمتع لجنته بإمكانية الوصول إلى جميع السجلات الحكومية "سيردع الناس عن الكذب لأن كل شيء مدون على الورق". وستنظر لجنة التحقيق حول حرب العراق في جلسة الثلاثاء في السياسة الخارجية البريطانية حيال العراق والفترة التي سبقت الغزو عام 2003. وستستمع اللجنة إلى إفادات كل من مايكل وود المستشار القانوني بوزارة الخارجية البريطانية من 1999 إلى 2006، وبتير ريكيتس رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة (2000 2001)، وسايمون ويب مدير السياسة بوزارة الدفاع البريطانية (2001 2004)، وويليام باتي رئيس قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانية (1999 2002)، والذي يشغل حالياً منصب سفير المملكة المتحدة لدى السعودية. كما ستقوم اللجنة باستدعاء مسؤولين سياسيين وعسكريين واستخباراتيين لتقديم إفاداتهم، وستستدعي في بداية العام المقبل سياسيين بارزين من المتوقع أن يكون على رأسهم رئيس الوزراء الحالي غوردون براون وسلفه توني بلير. وسيحاول بلير أن يبرر قراره المشاركة في الحرب، الذي جاء مخالفا لإرادة أكثرية البريطانيين وبدون موافقة الأممالمتحدة. وسيكون بين الشهود الأوائل مسؤولون سابقون في جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني بينهم جون سكارلت الذي ترأس، بين عامي 2001 و 2004 اللجنة التي أشرفت على ملف امتلاك الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أسلحة دمار شامل ثبت فيما بعد عدم صحتها. وتوقعت تقارير صحفية بريطانية بأن يمثل أمام اللجنة شهود أجانب كالأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان وكبير مفتشي الوكالة الدولية للوكالة الذرية في العراق سابقا هانس بليكس. وسيعلن رئيس اللجنة تعليق التحقيق في مارس 2010 قبل انطلاق حملات الانتخابات العامة، ويعلن استئنافه في تموز- يوليو أو آب -أغسطس، على أن يصدر التقرير حول نتائج التحقيق أواخر العام 2010 أو مطلع العام 2011. وذكرت صحيفة "الإندبندنت" الثلاثاء إن لجنة التحقيق شكلت وعين أعضاؤها وحددت مرجعيتها ومن ثم وجب أن تشرع في إجراء تحقيق جدي بشأن الأسباب الحقيقية التي قادت إلى الحرب بما فيها شهادات صانعي القرار المعنيين بقرار الحرب. وشككت الصحيفة في ملاحظتها على خلفية شيلكوت في مجال الوظيفة العامة وكون زملائه اختيروا من قبل الحكومة البريطانية، ملقية بظلال من الشك على عمل اللجنة ومرجحة أن تصوغ تقريرا يتعاطف مع الحكومة. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن عمل اللجنة سيقيم في ضوء قدرتها للاجابة على عدد من الأسئلة المثيرة عن المعلومات الاستخبارتية التي كان الوزراء يملكونها بشأن التهديدات التي شكلها العراق؟ وهل تم تحريف الأدلة عمدا لحشد الرأي العام لصالح الحرب؟ وهل كانت الأزمة مستعصية في المراحل الأولى على الحل الدبلوماسي؟. وتساءلت "الإندبندنت": هل كانت السياسة الخارجية البريطانية مستقلة عن السياسة الأمريكية؟ وما هي النصائح التي تلقاها الوزراء بشأن مدى قانونية غزو العراق؟ وأعلن زعيم المحافظين السابق مايكل هاوارد انه كان يفضل إدلاء الشهود بشهاداتهم تحت القسم لكنه اشار إلى ان هذا التحقيق سيكون أكثر شمولا من التحقيقين السابقين وقد يؤدي إلى إلقاء الضوء على بعض الحقائق الجديدة. وكانت صحيفة "الصنداي تلغراف" البريطانية قد كشفت عن معلومات قد تضع رئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير في موقف حرج في ما يتعلق بالحرب على العراق عام 2003. وذكرت الصحيفة ان التخطيط لاجتياح العراق عام 2003 بدأ قبل عام من وقوع الحرب مستندة على تصريحات أدلى بها مسؤولون عسكريون كبار في جلسات خاصة قالوا خلالها ان التحضير للحرب استمر طوال أشهر قبل ربيع عام 2003، ناقلة عنهم أن "الاستعدادات لم تكن بالحجم المطلوب اذ انها لم تؤمن التدريب والتجهيز اللازمين لحرب كهذه". وقالت الصحيفة أن المستندات تستند إلى مقابلات وشهادات مكتوبة موجودة لدى وزارة الدفاع البريطانية، جمعتها الوزارة في إطار تقييم داخلي أجرته للحرب على العراق. ونقلت الصحيفة عن قائد القوات الخاصة البريطانية الميجور جنرال غرايم لامب انه "بدأ بالعمل على التحضير لحرب العراق منذ فبراير/ شباط عام 2002"، أي قبل عام وشهر على بدء الاجتياح. وكان رئيس الحكومة حينها توني بلير قال للجنة نيابية في مجلس العموم في تموز- يوليو 2002 أن "لا مخططات ولا تحضيرات تجريها بريطانيا للمشاركة بالحرب"، وذلك قبل تصويت مجلس العموم على المشاركة في الحرب. وقال رئيس لجنة التحقيق جون تشيلكوت ان رئيس الوزراء السابق توني بلير سيواجه استجوابا في العام القادم بشان دخول بريطانيا الحرب وذلك بعد أن استمعت اللجنة إلى أن القرار كان غير قانوني واستند إلى الخداع. وقرار إرسال 45 ألف جندي بريطاني للمشاركة في الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة وأطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين في 2003 كان دائما مثار خلاف وأدى إلى احتجاجات ضخمة مناهضة للحرب في لندن. وأثناء اجتماعات للجنة التحقيق عقدت قبل بدء جلسات الاستماع الرسمية اتهم أقارب لجنود بريطانيين قتلوا في العراق بلير بالزج ببريطانيا في حرب غير قانونية وخداع الرأي العام. وقبل الحرب تضمن ملف للحكومة يبرر العمل العسكري إدعاء بأن صدام كان بمقدوره شن هجوم بأسلحة للدمار الشامل في غضون 45 دقيقة. ولم يعثر على أي من مثل هذه الأسلحة في العراق مما أدى إلى إتهامات بأن بلير تلاعب بمعلومات الاستخبارات. وأكد «اوليفر مايلز» الذي شغل منصب سفير المملكة المتحدة في ليبيا "أن هناك العديد من الأدلة على أنه كانت هناك معارضة شديدة للحرب ولأسباب قوية"، بما فيها وثائق مسربة. وقال الدبلوماسي السابق "أن الوضع في العراق لا يزال مفزعا، وهناك أكثر من 400 شخصا لقوا حتفهم في حوادث عنف الشهر الماضي، وأكثر من 1400 جرحوا". ولا يزال الملايين من العراقيين مشردين داخل العراق، أو في سورية أو الأردن أو أماكن أخرى، مع عدم وجود رؤية واضحة لكيفية إعادتهم إلى بلادهم. ويعيش العراقيون منذ احتلال بلادهم في مشاكل متصاعدة بانقطاع إمدادات الكهرباء والمياه ومصادر الطاقة الأخرى. وأشار مايلز إلى أنه كان لدينا عدد كبير من التحقيقات حول العراق، "لكن هذا التحقيق يجب أن يكون مختلفا". وأوضح بقوله "ركزت التحقيقات السابقة على أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة، سوء استخدام المعلومات الاستخبارية لدعم قضية الحرب، وغيرها". ويرى أن هناك العديد من الأسئلة الأخرى، تبدأ بالسؤال الكبير: هل كانت هذه الحرب عدوانا؟ وبالتالي جريمة حرب؟". ويواصل تساؤلاته "هل صحيح أن الخبراء في الشأن العراقي، الذين دعوا إلى مقر رئاسة الوزراء البريطانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2002، قرروا ألا يحدثوا بلير عما إذا كانوا يعتقدون أن الغزو سيكون قرارا حكيما أم لا، لأنهم اعتقدوا أنه لن يستمع لهم؟". وطالب مايلز بمعرفة المزيد عن المراسلات المتبادلة بين بلير والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن. وكتب "وفقا لوزير الخارجية الأمريكي السابق كولين باول فقد حاول هو وجاك سترو (وزير الخارجية البريطاني السابق) أحيانا جعل بلير يقدم على مراجعة بوش". وينقل الكاتب عن بأول أنه بالمشاركة مع سترو عملا في هذا الاتجاه حتى بدا أن بلير جاهز لمراجعة بوش حول الشأن العراقي "لكن ما أن يرى بلير الرئيس بوش الابن حتى يفقد عزمه". ويتساءل الكاتب "هل يمكن أن يكون هذا صحيحا؟".