خلّفت الإحصائيات الأخيرة التي أصدرتها مصالح الدرك الوطني بشأن تورّط المرأة في الجريمة صدمة شديدة وسط المواطنين الجزائريين خصوصا وأن العدد قارب نحو 2200 امرأة عبر كافة التراب الوطني تورّط أغلبهن في 10 أصناف من أخطر وأكبر الجرائم تدخل خاصة في مجال شبكات الجريمة المنظمة. وإن كان الحديث عن الإجرام عند المرأة الشابة تحديدا يُثير كل تلك الحيرة والتساؤلات، فإن الإجرام عند فئة العجائز منهن أمر أكثر غرابة، يستوجب معه البحث بجدية حول أسباب ودوافع إقدام هذه الفئة بالذات على سلوك هذا المنحنى الإجرامي في حياتها مستغلة سنها ومنظرها الموحي بالوقار والضعف أحيانا والمثير للشفقة والرأفة أحيانا أخرى للقيام بجرائم مختلفة قد لا يتسنى لغيرها القيام بها. عجائز إذن ولكن مجرمات عنوان يبعث على الدهشة والقلق فعلا فأي الأشخاص يبقى محلا للثقة بعد الآن إن كانت عجوز قد بلغت من الكبر عتيا واشتعل رأسها شيبا قد أثرت السلوك الإجرامي على السلوك القويم فيما تبقى من أيام حياتها. وفي هذا الصدد عاشت إحدى بلديات ولاية بومرداس قبل شهر حادثتي سطو كليهما أغرب من الأخرى وكليهما أيضا نفذت بطريقة احتيالية بالغة وبذكاء كبير لا يصدر إلا عن الدهاة في عالم الإجرام، ففي أولاهما قامت العجوز باستغلال فتاة تدرس بالصف الرابع للسطو على محل مجوهرات في الحي الذي تقع فيه المدرسة. وحسب شهادة الفتاة فإن العجوز اقتربت منها أثناء خروجها من المدرسة وطلبت منها أخذها إلى أقرب محل مجوهرات تعرفه. وببراءة كبيرة نفذت الفتاة مطلبها و أخذتها إلى المجوهراتي الواقع في حيها،و نظرا لصغر المنطقة فان الناس هناك يتعارفون فيما بينهم و بالتالي فان صاحب المحل كان يعرف الفتاة جيدا و عندما دخلت عليه رفقة العجوز ظنها جدتها ووضع كل ما في محله تحت تصرفها خصوصا وأنها أخبرته أنها بصدد تجهيز ابنتها المقبلة على الزواج ، وبضمان من البنت التي يعرفها ويعرف أسرتها منح العجوز ما قيمته 70 مليون سنتيم من الذهب والمجوهرات المختلفة أخذته العجوز على أن تختار منه ما يعجب ابنتها وترجع له الجزء الأخر مع أمواله، ولكن الساعات مضت دون أن تعود العجوز إلى غاية اليوم الموالي، حيث انتقل الصائغ إلى منزل الفتاة التي أخبرته بتفاصيل القصة من بدايتها وأنها لا تعرف العجوز مطلقا و قد افترقنا بعد خروجهما من المحل مباشرة. أما الحادثة الثانية فهي على غرابتها طريفة أيضا، حيث قصدت عجوز محتالة أخرى محلا للمجوهرات بنواحي بلدية أولاد موسى ببومرداس وكانت ترتدي لباسا أبيضا يوحي بأنها قد رجعت من الحج أو العمرة لتوها وهو ما استغلته العجوز فعلا، حيث دخلت إلى المحل حاملة معها قارورة مياه معدنية صغيرة وراحت ترش أرجاء المحل أمام ذهول صاحبه قائلة له أنها عادت لتوها من العمرة وهذا الماء هو ماء زمزم حتى تحل البركة والخير على محله ثم قدمت له قارورة الماء طالبة منه أن يشرب منها قليلا حتى يفلح وينجح ولكن الشاب عوض أن يشرب ماء زمزم مثلما اعتقد شرب ماء يحوي مادة مخدرة، حيث سرعان ما سقط على الأرض فيما قامت العجوز بأخذ كل ما خف وزنه و ثقل ثمنه مما بلغت قيمته حوالي 50 مليون سنتيم. ولم يقتصر الأمر على حوادث السرقة بل تعداه إلى عصابات المتاجرة بالأطفال والرضع وبيعهم. حيث قضت محكمة جنايات بومرداس مؤخرا ب5 سنوات سجنا نافذا في حق عجوز في العقد السابع من العمر كانت على رأس عصابة للمتاجرة بالمواليد الجدد بعد أن تم ضبطها متلبسة رفقة عدد من شركائها من بينهم والدة الرضيعة التي كانت معروضة للبيع ووالدها غير الشرعي بمحاولة بيع رضيع حديث الولادة إلى إحدى السيدات. و تم اكتشاف الواقعة مصادفة بعدما تقدم أحد المواطنين بالإبلاغ عن تعرض عجوز إلى السرقة ليتبين بعد التحريات أن الأمر يتعلق بعصابة تتاجر في الأطفال.من جهة أخرى، أشارت مصادر أمنية إلى توقيف عجوز تبلغ من العمر 65 سنة حاولت تهريب الألبسة و غيرها من المواد الأخرى على الحدود الغربية الجزائرية،حيث تستخدم عصابات التهريب العجائز لاستمالة و إثارة العواطف و إن كانت هذه العجوز قد وقعت ضحية لعصابة استغلت ظروفها الاجتماعية المزرية فاشتغلت معهم في تهريب الألبسة و السلع فان عجوزا غيرها نشطت كعضو فعال في شبكة لترويج المخدرات. و قد مثلت هذه العجوز التي تبلغ من العمر 70 سنة قبل فترة أمام مجلس قضاء بومرداس للبث في قضيتها و تبين من مجريات المحاكمة أنها كانت ضمن الشبكة سنوات عديدة دون أن يكتشف أمرها. وأثناء محاكمتها ادعت أنها لم تكن تعلم بأمر المخدرات و أن صهرها أخبرها أنها شكولاطة و قام بلفها حول بطنها لتدان في الأخير ب 10 سنوات سجنا نافذا. هذا دون إهمال ذكر العجائز اللواتي يتم إيقافهن بتهم إدارة بيوت الفسق والدعارة وترجع أغلب هؤلاء المتهمات أسباب إقدامهن على الجريمة بأشكالها المختلفة إلى الظروف المعيشية الصعبة ولغلاء المعيشة و انعدام مصادر دخل ثابتة لديهن أو وفاة وغياب معيل الأسرة وانعدام مناصب عمل مناسبة لسنهن ومكانتهن الاجتماعية فيقعن بالتالي في أيدي أشخاص لا ضمائر لديهم يستغلون ظروفهن الصعبة لجرهن إلى عالم الإجرام.