إذا نجحت خطة القذافي، قائد الجماهيرية ورئيس إفريقيا حاليا لمدة عام، في توزيع ثروة البترول مباشرة على كل دار ودوار، فإن التجربة ستكون جديرة بالاهتمام، ويفترض أن نطالب بتطبيقها عاجلا! القذافي طيلة حكمه الطويل نجح في شيء واحد باعترافه هو حين سئل عن ذلك، فقد اعترف بأنه استطاع أن يثبت بدوا رحلا ظلوا يتنقلون بين الصحارى والجبال على الجمال! وهي مهمة صعبة باعتبار أن الاستقرار يمثل شرطا أساسيا لقيام الحضارة! وهذا العمل نحن أنجزناه منذ أعوام، رغم الظاهرة الإرهابية التي حركت النعرة في اتجاه معاكس. وهكذا تمدّن القوم عندنا على حساب الريف، وإن نقلوا كل عاداتهم السيئة، وتخلوا عن عاداتهم الجيدة كالتعاون والإيثار وإفشاء السلام! وعندما ينتهي القذافي إلى أن الاشتراكية لم تحقق عدالة في المجتمع، ولو كانت باسم حكم الشعب، وينتهي إلى أن الفساد لا يمكن القضاء عليه إلا بما هو أفسد منه، فإن علينا أن نراقب تجربة الفئران الجديدة التي ستطبق على الشعب، المسمى عندنا غاشي، أي بمعنى شعب في طريق التكوين! الدولة الجزائرية التي هي مثل شعبها في طريقها للتكوين مرت بالتجربة الليبية نفسها: الكلام عن اليسار تحول إلى أكل سمين باليمين أيام الاشتراكية. وفي الرأسمالية المتوحشة، طبق شعار طاف على من طاف، واستأثر الأرباب بالعروض والقروض (من دون رجعة) ولا محاسبة.. وتحولت معها ما تبقى من المؤسسات العمومية إلى أسوأ من الملكيات الخاصة! وهو ما حول البلاد إلى غاب، وإن لم يكن فيها أمثال حطاب! ومادام أن حسيان البترول، حسيان الله، هي المصدر الوحيد للثروة التي خلقت لنا أمثال عنترة ومعاوية وكثير من السفلة وهو يوشك أيضا على النفاد، فإن هذه العوامل مجتمعة تشكّل حافزا جديدا لكي نشرع في المطالبة من الآن بتفكيك هياكل الحكومة (غير المجدية) والتفكير في منحنا فلوسنا مباشرة راس براس بالقسطاس والعدل.. وكل راس يفعل به ما يريد، بعيدا عن امزية البعض ممن يظنون أنهم يتكرّمون علينا بزيادة الأجور وتحسين معيشتنا، والحال أن نصف حقنا يودعونه في طاس مقعور يلهفه رهط مخمور! واطلبوا ربكم أن تنجح تجربة عمنا القذافي في توزيع الثروة النفطية على مواطنيه كما أراد هو.. لكي نلحق بهم.. فنحرق العجلات ونقطع الطرقات ونثور.. إن لم يفهموا بعد أن فلوسهم هي فلوسنا في الأصل، ولو كتبوا عليها هذا من فضل ربي!؟