تشهد ليبيا توترا أمنيا غير مسبوق في ظل استمرارا المعارك لليوم السادس على التوالي قرب بلدة بني وليد، جنوب العاصمة، بين مليشيات محسوبة على الحكومة ومسلحين تقول السلطات إنهم من أنصار العقيد الراحل معمر القذافي، وهي معارك سقط فيها حتى الآن نحو ثلاثين قتيلا. وقالت وكالة الأنباء الليبية إن 22 من أفراد المليشيات المحسوبة على الحكومة قتلوا، بينما أوضح أفراد في هذه المليشيات أن رفاقهم قتلوا في كمين. وتقول السلطات الليبية إن مسلحي بني وليد من أنصار القذافي، وإنها تلاحق في المدينة مطلوبين للعدالة بينهم مختطفو شاب كان بين مجموعة اعتقلت القذافي وتوفي الشهر الماضي بسبب التعذيب الذي تعرض له. وجاءت الحملة الأمنية -التي تتزامن مع الذكرى الأولى لمقتل القذافي- بعد أن فشلت مفاوضات أطلقتها الحكومة لاستلام المطلوبين في بني وليد. وأثارت الحملة غضب مئات السكان في العاصمة طرابلس حاولوا مهاجمة مقر المؤتمر الوطني العام “البرلمان”، متهمين السلطات باستهداف المدنيين في بني وليد. وتدخلت مليشيات محسوبة على الحكومة وأطلقت الرصاص في الهواء لاحتواء الحشد الغاضب الذي تعرض بعضه للضرب، في مشهد منع الصحفيون من تصويره. وقال شاهد عيان إن الكثير من المحتجين هم ممن لهم أقارب في بني وليد أو ينحدرون منها. وهذه هي ثاني مرة هذا الشهر يقتحم فيها محتجون مجمع المؤتمر الوطني منذ توليه السلطة في الصيف. وكان المحتجون في المرة الأولى غاضبين على ما اعتبروه تمثيلا غير كاف لبلدتهم في تشكيل حكومي اقترح حينها. وتنفي القوات المحسوبة على الحكومة وجود مدنيين في مناطق القتال في بني وليد، بل وتؤكد أنها تساعد في إجلاء المدنيين وبينهم عمال أفارقة وعرب. وأعلن مدير الأمن الوطني الليبي العقيد محمود الشريف نشر قوات إضافية من كل الأجهزة الأمنية في طرابلس، تحسبا لتأثيرات أحداث بني وليد. وفي الأثناء، اقتحم نحو 400 محتج مبنى قناة “ليبيا الحرة” الخاصة في مدينة بنغازي الساحلية، مساء أول أمس، وطالبوا ببث ما يثبت أن خميس قتل في المعارك. وقال المتظاهرون إنهم شعروا بغضب بسبب ما عدوها شائعة كاذبة، ساعدت -حسبهم- في إشعال العنف في بني وليد وفي تأجيج العداء القبلي، ليقدموا بعدها على تخريب مقرها بالكامل. وعبر المبعوث الأممي إلى ليبيا طارق متري عن قلقه من التطورات في بني وليد، داعيا أطراف القتال هناك للالتزام بالمبادئ الإنسانية الدولية وتفادي استهداف المناطق المدنية والسماح بإجلاء الجرحى ووصول المساعدات الإنسانية. من ناحية أخرى، تراجعت السلطات الليبية عن روايتها الرسمية بشأن مقتل خميس نجل العقيد الراحل معمر القذافي، واعتقال بعض رموز نظامه الفارين، في حين نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” في عددها الصادر أمس، عن أحد قادة كتائب مدينة مصراتة قوله إن جثة خميس الذي زعمت السلطات أنه قتل متأثرا بجراحه بعد معارك بني وليد العنيفة، لم تكن حتى مساء أول أمس في مدينة مصراتة، وذلك في تشكيك للرواية الرسمية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول حكومي تأكيده أن رئيس الوزراء الليبي المنتهية ولايته، عبد الرحيم الكيب، أقال بعض مسؤولي مكتبه الإعلامي، في حين استقال عمر حميدان، الناطق باسم المؤتمر الوطني العام بعد احتجاج عدد من الوزراء وأعضاء المؤتمر على الإخفاق الرسمي في نقل الحقيقة للمواطنين.