أقرت الجمعية التأسيسية لكتابة دستور جديد لمصر صباح أمس، المسودة النهائية للدستور بالإجماع بعد تصويت الأعضاء على جميع المواد في جلسة استغرقت نحو عشرين ساعة تمهيدا لعرضه على رئيس الجمهورية محمد مرسي قبل طرحه لاستفتاء شعبي. وأعلن رئيس الجمعية حسام الغرياني أن أعضاء الجمعية أقروا بنود الدستور ال234 التي طرحت عليهم في جلسة ماراتونية بدأت بعيد ظهر الخميس واستمرت طوال ليل الخميس إلى الجمعة. وسيقدم النص الذي أقر بالإجماع -بحسب الغرياني- إلى الرئيس مرسي لينظم خلال أسبوعين استفتاء للمصادقة عليه حتى يحل محل الدستور السابق الذي ألغي بعد سقوط حسني مبارك في مطلع 2011. واعتمدت الجمعية في عملها طريقة التصويت على مواد الدستور مادة مادة بعد تلاوتها، وجرى التصويت على معظم مواد مسودة الدستور البالغ عددها 234 مادة وسط اعتراض ضئيل أو منعدم من جانب أعضاء الجمعية. وبموجب لائحة الجمعية التأسيسية يتم إقرار كل مادة من المسودة إن حظيت بتأييد 67 بالمائة من إجمالي أعضائها. وفي أبرز مواد المسودة، أبقت الجمعية على المادة الثانية التي كانت معتمدة في الدستور السابق التي تنص على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”. كما أن مشروع الدستور الجديد يحدد مدة الرئاسة في أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وسمحت المسودة أيضا بدرجة من الإشراف المدني على القوات المسلحة، لكنها منحت الجيش دورا في قرار الحرب بجانب رئيس الدولة والبرلمان. ويلغي الدستور منصب نائب الرئيس ليتولى مهام الرئاسة رئيس الوزراء في حال قيام ظرف مؤقت يمنع الرئيس من ممارسة مهامه ورئيس مجلس الشعب في حال الشغور. وبموجب الدستور الجديد لم يعد بوسع قادة الحزب الوطني الديمقراطي السابقين -الذين كانوا في مناصبهم عند قيام الثورة ضد النظام- الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية. وكان عدد من الأعضاء الليبراليين واليساريين وممثلي الكنيسة المصرية قد انسحبوا من الجمعية احتجاجا على ما اعتبروه محاولات من جانب الأغلبية الإسلامية في الهيئة لفرض وجهات نظرها على مشروع الدستور. وجاءت جلسة التصويت هذه وسط جدال حاد في الأوساط السياسية المصرية يتعلق جانب منه بمسوّدة الدستور، وجانب آخر بقرار الإعلان الدستوري الجديد الذي أعلنه الرئيس محمد مرسي الأسبوع الماضي وحصن بموجبه اللجنة من الحل وقراراته من الطعن. من ناحية أخرى، قال الرئيس مرسي في حوار مع التلفزيون المصري مساء أول أمس، إنه سيصدر قرارا سياديا بعرض مسودة الدستور على الشعب فور انتهاء الجمعية التأسيسية من صياغته، مؤكدا أنه لن يتراجع عن الإعلان الدستوري، الذي قال عنه إنه “مؤقت” وسينتهي بمجرد المصادقة على الدستور. وأكد مرسي على أنّه سيحيل الصلاحيات التشريعية إلى مجلس الشورى بمجرد إقرار الدستور باعتباره مجلسا منتخبا. ورفض الرئيس المصري وصف موقف القضاة الرافض للإعلان الدستوري بأنه تمرد وقال إنّه ينأى بالقضاة عن أن يكون لهم دور سياسي في المرحلة المقبلة. وردا على اتهامه بالديكتاتورية من قبل الخصوم، قال مرسي “أنا من الشعب وعانيت مع الشعب”، مضيفا أن ما حصل عليه بموجب الإعلان الدستوري هو صلاحيات مؤقتة، وأنه في حال إقرار الدستور الجديد ستنتقل السلطة التشريعية إلى مجلس الشورى لحين انتخاب مجلس الشعب. وعبر سياسيون مصريون عن الأمل في أن ينهي إقرار الدستور الجديد الأزمة الراهنة في البلاد كونه سيلغي تلقائيا جميع الإعلانات الدستورية، لكن المعارضة المحتشدة فعليا في ميدان التحرير منذ سبعة أيام تؤكد أنها لم تشارك في كتابة الدستور الجديد. وهدَّدت أحزاب الجبهة الوطنية المصرية بعصيان مدني شامل احتجاجا على انعقاد الجمعية التأسيسية وإصرارها على تمرير مشروع الدستور الجديد. ودعت الولاياتالمتحدة إلى أن يكون الدستور المصري متسقا مع معايير حقوق الإنسان وكافة المعايير القضائية الدولية، غير أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند قالت إن الشعب المصري في النهاية هو من سيقرر طبيعة الدستور الذي يحقق طموحاته.