شيّعت عائلة مسلم، ظهر أمس، جنازة والدهم المجاهد مختار البالغ من العمر 77 سنة، على إثر تضاعف الإصابات الخطيرة التي تعرّض لها خلال فترة اختفائه لمدة 51 يوما، حيث إن المرحوم المصاب بمرض ''الزهايمر'' خرج من منزله العائلي ببلدية المرسى شرق العاصمة، في اليوم الرابع من شهر رمضان سالكا وجهة مجهولة، قبل أن يعثر عليه أحد المواطنين بشاطئ ''صابلات'' فاقدا وعيه، لينقله إلى مستشفى مصطفى باشا لتلقي العلاج، إلى غاية أن لفظ أنفاسه متأثرا بجروح خطيرةجراء تعرضه لعضات كلاب متشردة والتي أدت إلى تآكل أجزاء من جسمه ''البلاد''، وبعد تلقيها معلومات عن القضية، تنقلت صباح أمس إلى مقر سكن عائلة الفقيد الكائن ببلدية المرسى، وذلك قبل تشييع جنازته بمقبرة البلدية· وتحدثنا إلى أحد أبنائه الذي كان يتحدث إلينا وجفونه تذرف دموعا حارقة كلما يتذكر أن ''والده مجاهد حرر وطنه، وفي الأخير يلقى حتفه بطريقة بشعة''·وحسب ابن الفقيد، تعود تفاصيل القضية إلى يوم الثلاثاء من شهر رمضان أي تاريخ 25 أوت 2009، عندما خرج المجاهد مختار، من مواليد 19 ديسمبر 1932، من منزل العائلة في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا متوجها نحو مسار مجهول، وهو مصاب بمرض النسيان ''الزهايمر'' منذ ثلاث سنوات، لكنه كان يتابع علاجا منتظما بمستشفى الرغاية ثم عين النعجة ·ومباشرة باشرت عائلته عملية البحث عنه عبر إقليم البلدية وكذا عين طاية ومحطة الحافلات والمستشفيين الواقعيين بالمنطقة، ثم توجهوا إلى مقر الشرطة بالمرسى للتبليغ عن ضياع والدهم· وبعد الاستماع إلى تصريحات عائلته تم تحرير محضر، وأبلغتهم مصالح الأمن أنه سيتم إبلاغ جميع مصالح أمن ولاية الجزائر للبحث عنه·وفي اليوم الثاني من اختفائه، سارع أبناؤه إلى إنجاز ملصقات وصور الفقيد ونشر إعلانات وتعليقها على مستوى المساجد من برج الكيفان إلى غاية الرويبة· وفي اليوم السابع من رمضان أي بعد مرور أربعة أيام، إاتصل أحد المواطنين على رقم أحد أبناء المرحوم، وأخبره بأن زميله في العمل أخبره بأنه التقى شيخا يوم الأربعاء أي ثاني يوم من اختفائه في حدود الساعة السادسة صباحا· ومن خلال حديثه مع الشيخ تبين له أنه مصاب بمرض ''الزهايمر'' كون إحدى قريباته تعاني من الأعراض نفسها، ثم نقله إلى مقر الأمن الحضري 14بحسين داي، وطلب منهم الاتصال أو البحث عن عائلته، ليتركه ويلتحق بمقر عمله، فقام هذا المواطن بربط الاتصال بين ابن الفقيد وزميله، وبناء على المواصفات التي قدمها المواطن، تأكد الابن أنه حقيقة والده، فتوجه مسرعا نحو الأمن الحضري لبلدية المرسى يطلب منهم الاتصال بمصالح أمن حسين داي للتأكد إن كان والده موجودا هناك ·المفاجأة·· مصالح أمن حسين داي نفت استقبالها للشيخ!! وأكد الابن أنه لم يستطع تمالك أعصابه بسبب تأخر هذا الإجراء، فسارع إلى مصالح أمن حسين داي، وعندما وصل، سأل عن والده وتقديم صورته لهم، أخبروه بأن مصالحهم ليس بحوزتهم أية معلومات عن هذا الشخص ولم يسبق وأن استقبلت هذا الشخص''·وفي هذه الأثناء اتصل بالمواطن الذي توجه به إلى مقر الشرطة مطالبا إياه بالحضور، وأخبرهم المواطن بأنه قام بإحضار شيخ مصاب بمرض النسيان وجده في الشارع في ساعة مبكرة من الصباح، إلا أن مصالح الأمن أخطرتهم بأن هذا الشخص ليس موجودا لدى مصالحها ·العثور عليه مصابا بجروح خطيرة بشاطئ ''صابلات'' وبعد مرور ستة أيام على مواصلة عمليات البحث في كل أنحاء العاصمة ومستشفياتها، تم العثور عليه أخيرا بمستشفى مصطفى باشا الجامعي يخضع للعلاج، وأخبروهم بأن مواطنا وجده بشاطئ ''صابلات''، وعندما نقله في حالة صحية يرثى لها، حيث كان مصابا بجروح خطيرة أدت إلى تآكل قدميه بسبب المشي، وتآكل أيضا جزء من فخذه·وقد عبرت العائلة عن استيائها وحسرتها للمصير الذي لقيه ''مجاهد ساهم في تحرير الوطن'' على حدّ تعبيرهم متأسفين لتقصير مصالح الأمن في التكفل بوالدهم لا سيما وأنه كان مصابا بمرض خطير تضيف العائلة· وذكر ابن المرحوم، الذي وُوري الثرى أمس، أن والدهم مكث حوالي 18 يوما في المستشفى للعلاج، ورغم كل الجهود لمحاولة إنقاذه، إلا أنه استحال علاج تلك الإصابات الخطيرة، وكانت آخر محاولة أول أمس، عندما نُقل المرحوم إلى مركز الحروق بباستور وطلب منهم الطبيب إجراء تحاليل طبية شاملة لتحديد وضعيته وإجراء عملية جراحية له إن تطلب الأمر ذلك، وبعد مرور 10 دقائق من عودتهم إلى المنزل، توفي الوالد متأثرا بإصاباته ·مصالح أمن العاصمة تشدد على معاقبة المخطئين إن ثبت وقوع تقصير وفي سياق متصل، أكدت مصالح أمن ولاية الجزائر، أن الشخص المعني عليه أن يتقدم إلى مصالحها المختصة ورفع شكوى ضد الجهة التي يرى أنها ارتكبت تقصيرا، للتحقيق في المسألة· وشددت أيضا على أنها ''تستغرب وقوع مثل هذه الحوادث في الوقت الذي يُجنّد رجال الشرطة جميعا لخدمة المواطن والتكفل بانشغالاته مهما كانت، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالأشخاص المسنين والمرضى والعاجزين·