التزمت ليبيا الصمت طويلا حيال آخر المستجدات في ملف الأموال “المنهوبة والمهربة” إبان العهد السابق. وفي تطور لافت، كشفت قناة ليبية مؤخرا عن وثائق لحسابات سرية ل25 شخصية كبيرة في عهد العقيد الراحل معمر القذافي بقيمة 850 مليون دولار، قالت إن القذافي كان يعلم بها في عام 1995، لكن محافظ مصرف ليبيا المركزي الحالي الصديق الكبير نفى علم البنك بالحسابات والأموال. وبسؤال الكبير عن مستجدات الملف، أوضح أنهم في المصرف ليست لديهم صلة به، غير أن مسؤولا في إدارة القضايا، وهو ممثل الدولة الوحيد في المحاكم الخارجية التابعة لوزارة العدل -رفض الإفصاح عن هويته- وقال إنهم قاموا بجهود كبيرة في ملاحقة أموال ليبيا في الخارج، حيث اتصلت لجنة معنية بملاحقة الأموال المهربة بالعديد من الدول التي أخفيت فيها الأموال كناتج لعملية غسل أموال أو تبييضها. وأكد أنه لدى اللجنة تأكيدات أن حجم الأموال المنهوبة كبير جدا في دول عديدة، وقد توصلت اللجنة إلى وجود أموال في بنما والمكسيك وكندا وجنوب أفريقيا وإيطاليا، إضافة إلى تونس التي تنظر محاكمها في نزاع بين الدولة الليبية وأشخاص محسوبين على القذافي على 58 مليون دينار ليبي “الدولار يساوي 1.28 دينار”. وأضاف المسؤول أن بريطانيا ساحة كبيرة للأموال الليبية المنهوبة، حيث توصلت الدولة إلى معلومات مؤكدة أن هناك أموالا ليبية في حسابات سرية بالمملكة المتحدة. وحسب المصدر، استخدم القذافي أساليب ذكية في إخفاء الأرقام والحسابات، وفتح حسابات بأسماء أشخاص طبيعيين خلافا لأسماء عائلته. كما دفع رشا مقابل صفقات تبرم على الورق فقط في شكل مقاولات خفية بحيث لا ترد إلى حسابات الدولة أي معلومات أو عقود بشأنها، وتقتسم الأموال في الخارج نظير عمولات للشركات حقيقية أو وهمية. كما استخدم القذافي أسلوبا آخر، وهو بيع النفط خارج الإطار المعلن عنه، بمعنى أن بعض أموال النفط لا تدخل إلى مصرف ليبيا المركزي. ونتيجة لهذه العمليات تكونت أرصدة مالية عبارة عن أموال وسندات وودائع ليست لصالح الشعب الليبي، بالإضافة إلى استراحات وأراض ويخوت وسيارات فارهة وطائرات خاصة. وتمكنت لجان التحقيق، حسب المصادر من إيجاد ملفات كبرى في مالطا واليونان وبريطانيا، وقامت بتقديم ملفات سلمت إلى مكتب النائب العام عبد العزيز الحصادي لاتخاذ الإجراءات القضائية بشأنها. من ناحية أخرى، لجأت ليبيا مؤخرا إلى طلب المساعدة في دول عديدة مثل سويسرا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وإيطاليا ومالطا وألمانيا حيث طلبت من هذه الدول ربط قنوات اتصال. وقد حصلت بالفعل على اتصالات مع مكتب استعادة الأصول في وزارة الخارجية السويسرية والنائب العام للاتحاد السويسري. وقامت الإدارة بتعيين شخص ثقة في سفارة ليبيا ببيرن للتواصل مع الجهات السويسرية، كذلك أنشأت قنوات اتصال مع النائب العام المالطي والتعاون مع مكتب مكافحة الجريمة البريطاني. وقال الناطق الرسمي باسم مكتب النائب العام طه بعرة إنهم تمكنوا من تجميد حسابات بمبالغ كبيرة تابعة لأشخاص ومؤسسات وشركات لرموز النظام السابق، مؤكدا صعوبة الحديث عن الأرقام السرية والحسابات المصرفية والتحقيقات القضائية. وتحدث بعرة عن منقولات من باخرة وسيارات بث إذاعي وعقارات تلاحقها ليبيا الآن، وأكد أن المكتب تلقى عددا كبيرا من البلاغات عن الأموال المهربة في الخارج، وأنهم تعاملوا على الصعيد الخارجي وفق الإجراءات القانونية المتبعة.