أفاد مصدر نيابي ل«البلاد" أن الرسالة التي وجهها نواب كتلتي التكتل الأخضر وحزب العمال، إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، من أجل فتح نقاش عام حول الوضع الأمني في مالي وانعكاساته على الجزائر، لم يتم وضعها أصلا على مستوى مكتب الإيداعات داخل المجلس. وأوضح المصدر أنه استقى معلوماته من مدير مكتب الإيداعات، الذي أكد له عدم استلام الرسالة، وبالتالي لم تأخذ الطابع الرسمي الذي يلزم رئيس المجلس الشعبي الوطني البت فيها، سواء بقبول فتح نقاش أو رفضه مع تقديم المبررات الواضحة في كل حالة. وحسب القوانين المنظمة لعمل النواب داخل الغرفة السفلى للبرلمان، فإن جميع المساءلات أو الرسائل التي يتقدم بها النواب لمساءلة الحكومة، أو يتوجهون بها إلى رئيس البرلمان، يتم إيداعها على مستوى مكتب الإيداعات داخل البرلمان، وهو المعروف بمكتب رقم 05 حسبما اصطلح على تسميته البرلمانيون. وتعتبر الرسالة شكلا من أشكال الاستجواب، التي تتطلب إمضاء ثلاثين نائبا، من أجل فتح حوار حول موضوع هام من قضايا الساعة، ولا بد أن يصادق عليها مكتب الإيداعات حتى تأخذ الطابع الرسمي. ويؤكد هذا الخبر أحد احتمالين، إما أن تكون الرسالة مجرد فرقعة للاستهلاك الإعلامي فقط، في حين يرفض الحزبان فتح نقاش حقيقي حول الموضوع، رغم انتقاداتهم العلنية للمجلس الذي يرفض، حسبهم، فتح نقاش حول موضوع دور الجزائر في حرب مالي، أو أن أحد الطرفين تنصل من اتفاقه مع الآخر، فتعذر تقديم الرسالة. لكن ما تأكد من أخبار يظهر أن حزب العمال هو من بادر بالرسالة، ثم وقع عليها نواب التكتل الأخضر، لتخرج بعدها، الأمينة العامة لحزب العمال، مطلقة تصريحات “مدوية" في حق رئيس حمس، حيث وصفته بأنه يقوم بدور الرئيس المصري محمد مرسي في الجزائر، على خلفية انتقاداته الشديدة لأداء السلطة في تسيير أزمتي مالي وتيڤنتورين، ولفتت إلى أنه ينتظر إشارة من الإمبريالية الأمريكية من أجل فبركة ثورة برتقالية، فرد عليها لاحقا بأنه لا يستغرب سماع هذا الكلام من تروتسكية، في إشارة إلى عدم اكتراثه بهذه الاتهامات التي لا يسندها دليل. فهل خرجة زعيمة العمال جاءت للتغطية على رفضها لقرار “منفرد" اتخذه رئيس الكتلة النيابية للحزب جلول جودي دون استشارتها؟ وهل يشي ذلك بوجود خلافات في حزب العمال بين الأمينة العامة له وعدد من نواب حزبها؟ علما أن جلول جودي ظهر جنبا لجنب مع لويزة حنون في الندوة الصحفية التي أطلقت فيها تصريحاتها ضد سلطاني، ربما لتجنب أي تأويلات أو استنتاجات عن خلافات داخل الحزب، وهي الصورة التي يحرص حزب العمال دائما على تسويقها للرأي العام، من خلال إظهار أنه حزب متماسك لا يتأثر بما يشهده غيره من حركات تصحيحية نجحت في شطر العديد من الأحزاب في الساحة السياسية الوطنية. وإذا كانت لويزة حنون خرجت لتعلن دعمها لكل مواقف الجزائر الأخيرة حتى تلك المتعلقة بقرار فتح المجال الجوي أمام الطائرات الفرنسية، مع إبداء تحفظ بسيط عليها، لأنها تعتبر، وفق تصورها، مواقف سيادية لا يجوز الطعن عليها، فما الذي يمنع نواب التكتل الأخضر، وهم يملكون بعدد نوابهم الخمسين النصاب لقانوني في ذلك، مساءلة وزير الخارجية، أو تقديم رسالة باسمهم لفتح نقاش برلماني حول الموضوع . مهما تكن الأسباب وراء عدم إيداع الرسالة، فالأكيد أن النقاش البرلماني حول أزمة مالي وانعكاساتها على الجزائر، سيتأجل مرة أخرى، أو ربما تم إجهاضه نهائيا، بسبب عدم رغبة النواب في إثارة هذ الموضوع، بسبب حساسيته الشديدة، رغم أنه يقع في صلب اهتماماتهم، مثلما ينص على ذلك الدستور، الذي يؤكد في مادته 100، أن على النائب تحسس تطلعات الشعب والاهتمام بما يشغله، ولا شك أن أزمة مالي الراهنة، تعد في صلب ما تعنيه المادة الدستورية.