عادت خلال الفترة القليلة الماضية تخوفات العائلات الجزائرية من اختطافات محتملة للأطفال، حيث لا يكاد يختفي طفل لساعات من بيت أهله حتى يدخل أهله في عمليات بحث واسعة عنه، وسط قلق بالغ من تعرضه لأي مكروه واستدعاء لحالات الاختفاء والاختطاف الغامضة. وقد تصاعدت حدة الظاهرة مع تنام قوي لمنسوب الإشاعة في الشارع الذي فوجئ بحجم الإشاعات السارية حول الظاهرة مثل النار في هشيم الشارع الجزائري المثقل بأعباء لم يتوقع أن يحملها على كاهله المنهك، وتثير حالات إبعاد الأطفال، سواء صغار السن من الأزقة والأماكن العمومية ومن محطات الحافلات ومن محيط المدارس رعبا في صفوف الأمهات والآباء والأسر. اعتداء جسدي.. ضرب وجرح واختطاف قسري وتزيح لغة الأرقام الأمنية بالغرب الجزائري عن عدد مرعب تم تسجيله في السنة الماضية 2012 من خلال تسجيل 1230 حالة عنف ضد الأطفال من أصل 5495 حالة تم تدوينها عبر التراب الوطني، نالت قضايا الضرب والجرح العمديين حصة الأسد ب 46 في المائة تليها قضايا الاعتداء الجسدي بنسبة 27.2 في المائة والبقية المقدرة بنسبة 27 في المائة تخص بالذكر حالات اختطاف الأطفال. وقد وجهت المديرية الجهوية للأمن الوطن بالغرب الجزائري شكرها لمصالحها التي لم تدخر أي جهد في استعادة الضحايا وإحالة المجرمين إلى الجهات القضائية المختصة. أطفال دون سنة الثامنة الأكثر استهدافا وحسب مصدر أمني، فان الحصيلة جاءت لتعكس عمق الظاهرة عبر 12 ولاية في الغرب الجزائري، إثر إحصاء ما لا يقل عن 3 إلى 5 حالات ومحاولات اختطاف شهريا في الولايات الكبيرة وبين 1 إلى 2 في الولايات الأخرى خلال سنة 2012. وحسب تقديرات أمنية، فإن مجمل الحالات التي وقعت عام 2012، نفذتها عصابات متخصصة وشملت أطفالا دون سنة الثامنة، جرى إبعادهم عن عائلاتهم والأنظار محاولة لتوظيفهم في عمليات ابتزاز وأن الأجهزة الأمنية لم تسجل حالات تهريب أطفال وبيعهم كالرقيق أواستخدامهم للمتعة الجنسية أوالمتاجرة بهم، وإنما يتعلق الأمر بموقوفين حاولوا الحصول على فديات مالية مقابل تحرير الرهائن، وتم إحالتهم على المحاكم الجنائية بجناية محاولة الخطف. فيما نفى مصدر أمني رفيع المستوى في الأمن الوطني وقوع حالات وفيات ناجمة عن الظاهرة نفسها عكس الحوادث المرعبة التي عاشتها بعض ولايات الجمهورية مثلما هوالحال لحالات “ياسر، شيماء، يونس، كريم ببلدية حاسي بونيف بوهران والقائمة طويلة في الأعوام الأخيرة. ولم تقلل الجهات الأمنية التي تشتغل على هذا الملف الحساس من خطورة الظاهرة، بسبب التخبط الكبير في التعامل مع الظاهرة التي عرفت ازديادا مخيفا قابله استنفار أمني في بعض الجهات لمواجهة أبعادها إلى حد إسراع بعض العائلات في الغرب الجزائري كما هوالحال لوهران، مستغانم، غليزان، سيدي بلعباس والشلف باتخاذ إجراءات صارمة أثناء تنقل الأطفال إلى المدارس أواللعب في الساحات، وكأن مجرد لحظات لعب دونما خوف أصبحت الحلم الكبير لهذه الفئة. وبرأي حقوقيين، فان الظاهرة اتسعت وأخذت أبعادا خطيرة في الفترة الأخيرة، وأصبحت تهدد العديد من الأسر خاصة في ضوء تفاقم ظاهرة استغلال الأطفال في شبكات الدعارة والمخدرات والتسول والمقايضة وأصبح أمر إخلاء سبيلهم مرهون بقرار الخاطفين مقابل مبالغ مالية، وقد اتخذت الظاهرة منحى تجاريا إجراميا، أصبح استنساخه مطلوبا من قبل جماعات إجرامية. “الفايسبوك” من الإثارة إلى أداة تضليل التقارير الأمنية المعروضة على وسائل الإعلام في الجهة ذاتها من الوطن لم تغفل الوجه الآخر للظاهرة وهي الإشاعة التي لعبت دورا كبيرا في تغذيتها وتفشيها في المجتمع. في السياق ذاته، قال مصدر أمني رفيع المستوى ل”البلاد”، إن العشرات من النداءات الخاطئة تتلقفها مصالح الأمن بخصوص حالات مشكوك فيها تخص ظاهرة الاختطاف، لكنها مستقاة كلها من “الفايسبوك” الذي تحول من نافذة على الحقيقة إلى أداة تضليل يتحكم في الإشاعة وينشر الفتنة بين الناس ويقوم بتضليل الرأي العام ليلحق ضررا كبيرا بنفسية المواطن. وركز التقرير الأمني على دراسة سيكولوجية أعدها القسم الطبي والنفساني التابع للمديرية الجهوية للشرطة بالغرب الجزائري، عن دور الإشاعة في نشر الأخبار الخاطئة وتبعاتها على المجتمع، لافتا إلى أن المواطن سئم من انتشار الشائعات التي تحولت الى كابوس مزعج مع مرور الوقت، فالمواطن عادة يصدق شائعة اختطاف ابنه ويتفاعل معها لأنه لا يمكنه التفريق بين الشائعة أوالخبر لذلك يجب وضع حدّ لمثل هذه الأخبار الزائفة ومحاسبة من يقوم بنشرها، وأضاف أن الشائعة يمكن أن تعتمد على جزء من الحقيقة لذا وجب التأكد قبل تصديقها أوترديدها خاصة عبر “الفايسبوك”.