تشير المعطيات القليلة المتوفرة أن سنة 2012 هي أخطر سنة في تاريخ الجزائر من حيث عدد اختطاف الأطفال. ياسر، شيماء، سندس، صهيب، ريان، عبد الرؤوف … هم آخر ضحايا الجرائم البشعة التي ترتكب في حق الطفولة الجزائرية، فقائمة الضحايا طويلة جدا والأسباب مختلفة ومتعددة، لكن تبقى الحلول منعدمة من أجل حماية مستقبل الجزائر من الاختطاف والاغتصاب والقتل البشع. تعد سنة 2012 أخطر سنة في تاريخ الجزائر المستقلة من حيث الجرائم المرتكبة في حق أطفالنا الأبرياء وهذا بسبب ارتفاع معدل اختطاف الأطفال من أجل الاغتصاب وسرقة الأعضاء والسحر والشعودة والانتقام والمشاكل العائلي … وغيرها من الأسباب التي أصبحت ترخص قتل الأبرياء في وقت مازالت فيه الجزائر بعيدة كل البعد عن قضايا حقوق الطفل. رغم غياب الإحصائيات والأرقام الرسمية التي تؤكد العدد الحقيقي لعدد الأطفال المختطفين في بلادنا إلا أن كل المؤشرات توحي بأن العدد خطير وعلى السلطات المعنية في البلاد دق ناقوس الخطر بسبب هذه الجرائم التي زرت الرعب في نفوس العائلات الجزائرية وجعلتها تعيش حالة طوارئ قصوى من أجل تأمين أبنائها، ففي ظرف أقل من أسبوع واحد اهتزت الجزائر على وقع جريمتين قذرتين راحت ضحيتهما الطفلتان شيماء 8 سنوات وسندس 6 سنوات، في حين مازال الغموض يكتنف لحد الآن اختفاء الطفلين ياسر وصهيب والطفلة ريان رغم مرور عدة أشهر على اختطافهم. وحسب آخر التقارير التي كشفتها مختلف الأجهزة الأمنية الجزائرية، فإن عدد الأطفال الذين اختفوا قسرا في سنة 2012 يقدر ب 276 طفلا، في حين أن عدد الملفات التي طرحت سنة 2011 والمتعلقة بالاعتداء واختطاف الأطفال القصر بلغ 609 ملفات. وأكدت التقارير الأمنية، أن الجزائر شهدت في هذه السنة 32 ألف حالة عنف ضد الأطفال. أما حالات الاختطاف فقد تم إحصاء 15 حالة اختطاف شهريا لأطفال تتراوح أعمارهم من سنتين إلى 10 أعوام. بينما تم تسجيل أكثر من 500 طفل مختطف بين 2010 و2012، أغلبهم تعرضوا للاعتداء الجنسي أو القتل بهدف السحر والشعودة أو لسرقة أعضائهم وبيعها. ورغم أن الأجهزة الأمنية الجزائرية تستبعد فرضية الاختطاف بغرض المتاجرة بالأعضاء البشرية، إلا أن عدم ظهور جثث بعض الأطفال المختطفين إلى غاية اليوم، مثلما وقع مع الطفل ياسر.. يطرح ألف سؤال وسؤال، وهل حقا توجد في الجزائر مافيا مختصة في تجارة الأعضاء البشرية؟ وفي ظل تنامي ظاهرة الاختطاف في بلادنا، يبقى الطفل الجزائري بدون حماية قانونية بسبب افتقار الجزائر لقانون خاص بحماية الطفل من مثل هذه المخاطر، الأمر الذي يستدعي حسب خبراء علم الاجتماع والنفس إلى ضرورة التحرك العاجل من أجل سن قانون خاص بالطفل وهذا رغم الملفات العديدة والثقيلة جدا المطروحة على مستوى العدالة. وقد تم طرح قانون حماية الطفل في الجزائر سنة 2005 على مجلس الحكومة، لكنه مازال إلى غاية اليوم حبيس الأدراج مرهونا بحسابات سياسية، في وقت عبرت فيه اللجنة الدولية لحقوق الطفل عن قلقها من تفاقم العنف ضد أطفال الجزائر. عيسى.ب مسؤولون أمنيون ينفون وجود شبكات مختصة في الجزائر “تصفية الحسابات الشخصية بين الكبار"..الدافع الجديد لاختطاف وقتل الأطفال أجمعت مصادر أمنية مسؤولة ل "البلاد"، أن استهداف الأطفال في الجزائر مؤخرا من خلال عمليات اختطاف ثم قتل عمدي، لا يتعلق بعمل إجرامي منظم بمعنى لا وجود لشبكات منظمة تحترف اختطاف الأطفال، بل الأمر يتعلق بدافع أخطر من ذلك هو "تصفية حسابات شخصية بين الكبار ويكون الضحايا أطفالهم". لقد عرف الإجرام منحنى خطيرا في مجتمعنا وتعكس الأرقام والإحصائيات التي تقدمها مختلف المصالح الأمنية هذا التفشي المخيف للإجرام رغم كل جهود الوقاية والتحسيس والردع والمكافحة، حيث تجرّد الأشخاص من كل المشاعر والأحاسيس، لا سيما الأولياء الذين فقدوا روح المسؤولية وأصبحوا أطرافا في قضايا إجرامية دون التفكير في مصير أطفالهم، فآباء أصبحوا تجار ومروجي مخدرات ومهربين ينشطون ضمن شبكات إجرامية تضم عناصر خطيرين يفعلون أي شيء من أجل المال، وأي نزاع أو سوء تفاهم بينهم يؤدي إلى فتح الباب أمام ما يُسمى بتصفية الحسابات والانتقام والثأر، دون أن ننسى أن أمهات أيضا ينشطن ضمن شبكات الإجرام وفي عدة حالات أولياء متورطون في قضايا أخلاقية وإجرامية، فكيف نتصور مصير ومستقبل طفل بريء عائلته متورطة في قضايا إجرامية وأخلاقية، فإما أن يكون طفلا غير سويّ أو أن يكون ضحية صراع قد ينشب في أية لحظة بين أطراف الخلاف؟ هذا التساؤل يستدعي الوقوف عنده من طرف المختصين وخاصة الجهات الأمنية بالتنسيق مع الجمعيات التي تهتم بالطفولة، حيث يجدر بهذه الجهات التركيز على إعداد وإنجاز تحقيقات دورية حول وضعية الأطفال خاصة الذين يتميّزون عن باقي الأطفال بسلوكات غير عادية، حيث تتطلب حالتهم إجراء تحقيقات في محيطهم العائلي من أجل حمايتهم من كل المخاطر المحدقة بهم. من الاختطاف بغرض دفع الفدية إلى تصفية الحسابات تعدّ ظاهرة اختطاف الأطفال من الجرائم القديمة والمعروفة منذ القديم في العالم بأسره، على غرار الجزائر، حيث سجلت مختلف مصالح الأمن في الجزائر أزيد من 900 حالة اختطاف من سنة 2001 لأطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و16 سنة، وكانت الدوافع واضحة إما الحصول على الفدية خاصة من أطفال العائلات الثرية، وهي أكثر الحالات شيوعا، تليها قضايا دافعها الشذوذ الجنسي والاعتداء جنسيا على الصغار. لكن اللافت للانتباه في السنوات الأخيرة أن حالات الاختطاف تنتهي جميعها بالقتل والاعتداء الجنسي لكن دون معرفة الأسباب الحقيقية لذلك لعدم تسجيل وجود أي اتصال من طرف المختطفين بعائلات الضحايا، وهو ما يستبعد فرضية الاختطاف من أجل الفدية. وتأتي قضية مقتل الطفلتين "شيماء" 8 سنوات بالمعالمة و«سندس" 6 سنوات بالدرارية ويفصل بينهما أسبوع واحد فقط عن وقوع الجريمتين، لتؤكد أن عمليات اختطاف الأطفال وقتلهم لا علاقة لها بفعل إجرامي منظم، بل إن العمليات تندرج في إطار الروح الإجرامية التي أصبحت تطغى على الأشخاص وتجرّدهم من المسؤوليات والإنسانية وغياب الوازع الديني، فكلتا القضيتين لا تشبهان بعضهما البعض من حيث الوقائع، لكن الدافع والهدف واحد هو تصفية حسابات شخصية بين مرتكبي الجريمة ووالدي الضحايا، فرغم أن التحقيقات في القضيتين مازالتا متواصلتين إلا أن بعض معطيات التحقيق أثبتت أن دافع القتل هو "تصفية حسابات"، حيث يُروى أن والد الطفلة "شيماء" متورط في جرائم ترويج أو المتاجرة بالمخدرات ويرافق أشخاصا يتعاطون أو يتاجرون بالمخدرات ومسبوقين قضائيا، ومنزله كان مفتوحا أمام هذا النوع من الأشخاص، وربّما تكون الطفلة "شيماء" شاهدة على أحد هذه القضايا ولم يجد الجاني طريقة للتكتم إلا بقتل الطفلة والتزامها الصمت للأبد. أما القضية الثانية، التي ما تزال محيّرة، حيث راحت "سندس" ضحية جريمة قتل ارتكبتها زوجة عمها التي سبق لها أن قتلت شقيق "سندس" صاحب ال 25 يوما قبل 4 سنوات خنقا، فبينما يقول البعض إن دافع الجانية هو تصفية حسابات والانتقام والثأر من والدي "سندس" التي تربطها علاقات جيدة مع أبناء عمها أي أبناء الجانية، وبين من يقول إن الجانية تبدو عليها علامات الإجرام مما جعلها تقتل الطفلة خنقا بدون مشاعر مثلما اعترفت به هي شخصيا عندما أكدت ارتكابها لهذا الفعل دون وعي منها متظاهرة بالجنون والمرض. وبالتالي لم يعد اليوم الحديث عن وجود شبكات مختصة في اختطاف الأطفال لا من أجل المتاجرة بأعضائهم البشرية أو من أجل إشباع النزوات الجنسية أو من أجل دفع الفدية، بل يتعلق الأمر اليوم بدافع الانتقام من العائلة ولتصفية حسابات ما، وأن المسؤولين عن هذه العمليات هم في غالب الأحيان قريبون جدا من محيط الضحايا إما أقارب أو جيران. فاطمة الزهراء.أ الأولياء يدعون إلى القصاص لإنهاء الإجرام النقابات تطالب بخلايا أزمة من النفسانيين لمساندة المتمدرسين دعت نقابات التربية وجمعيات أولياء التلاميذ، وزارة التربية الوطنية، إلى تشكيل خلايا أزمة مكونة من مختصين نفسانيين، تتكفل بزيارة مختلف المؤسسات التربوية بعد العطلة لمساندة التلاميذ نفسيا، والتقليل من وقع ظاهرة الاختطاف والقتل التي خلفت مقتل طفلتين في ظرف أسبوع. وأجمعت نقابات التربية وجمعيات أولياء التلاميذ على أن وضع حد لظاهرة الإجرام التي أصبحت تنخر المجتمع الجزائري، تتطلب حلولا جذرية بتضافر جهود الجميع إلا أنها تستدعي تدخلا نفسيا مستعجلا لدى المتمدرسين الذين تأثروا كثيرا بهذه الظاهرة. وأكد النقابيون الذين تحدثنا إليهم أمس أنه على الوزارة الوصية تشكيل خلايا أزمة مكونة من أخصائيين نفسانيين تقوم بزيارة المؤسسات التربوية بعد العطلة وتتكفل بالمعالجة النفسية للتلاميذ لتفادي أي اضطرابات قد تخل بنمو الطفل النفسي، خاصة وأن الخلل النفسي عند الأطفال قد يكون بداية لعدة اختلالات في نمو الطفل على مستوى مختلف الجوانب. كما اقترحت النقابات أيضا ضرورة قيام الوزارة الوصية بتسريح التلاميذ مساء على الساعة الرابعة والنصف على اقصى تقدير، خاصة وأن أيام فصل الشتاء قصيرة جدا وتتميز بحلول الظلام مبكرا. من جهتها أكدت جمعيات أولياء التلاميذ أن ظاهرة مقتل واختطاف الطفلين الأسبوع الماضي، ولّدت صغطا نفسيا كبيرا لدى الأطفال وخوفا كبيرا، قد يشكل لهم عدة عقد نفسية مستقبلا إذا لم يتم استدراكها في أوانها. بالموازاة مع ذلك، اقترح اتحاد جميعات أولياء التلاميذ على لسان رايسه احمد خالد، على السلطات الوصية، إيجاد حلول جذرية لإنهاء ظاهرة الاختطاف والإجرام التي عرفت انتشارا كبيرا مؤخرا، واقترح المتحدث فتح نقاش واسع حول الظاهرة بمشاركة الجميع من أخصائيين نفسانين وعلماء اجتماع وغيرهم. واشار المتحدث إلى أن إنهاء ظاهرة الإجرام لن يكون إلا بتطبيق عقوبة القصاص، خاصة وأنها موجودة في القانون الجزائري، داعيا إلى فتح نقاش موسع حول مبدأ تطبيق القصاص لأن من قتل، يضيف المتحدث، يجب أن يقتل. ك. ل طالبوا بتطبيق عقوبة الإعدام نواب التكتل الأخضر يحمّلون السلطة مسؤولية تنامي الظاهرة يبدو أن ظاهرة الاختطاف والقتل للأطفال حركت شعور السياسيين أيضا، حيث قدمت النائبة سميرة براهمي نيابة عن زملائها بتكتل الجزائر الخضراء، سؤال لوزيري الداخلية والعدل عن البرامج والآليات والمخططات التي تنتهجها الوزارتان في حماية الأطفال من الموت. كما تساءلت النائبة عن المسؤول حول تردي الوضع: أهو تنفيذا لرغبات خارجية على حساب القيم الوطنية وحماية المجتمع من التفكك؟، أم هو متروك للمجتمع لتنظيم نفسه في تنظيمات عرقية لحماية أولاده ونشر ثقافة الانتقام في المجتمع وهو ما يتعارض مع مفهوم الدولة المدنية؟ يذكر أنه اقترح مشروع قانون لحماية الطفل سنة 2005 من قبل الجمعيات لانعدام قانون يحمي هذه الشريحة، لكنه بقي حبيس الأدراج ينتظر الإفراج عنه من قبل الحكومة، في ظل تفشي ظاهرة العنف ضد الأطفال باعتراف المختصين، في ظل عدم اعتماد قانون يحمي هذه الشريحة من الأطفال.